ناسوت العقلاني النبيل : حول الشرط الأولي للنقاش

كتب الأستاذ خالد موسى، نائب سفير نظام الخرطوم بسفارة برلين، مقالة بعنوان “لاهوت الملحد النبيل قراءة في كتاب: نبوة محمد التاريخ والصناعة” يهاجم فيها أطروحات كتابي ويتهمني بافتقاد المصداقية الفكرية بدعوى أنني نتاج للمدرسة الاستشراقية وأن ما فعلته في كتابي لا يعدو أن يكون بيعا لخمر قديمة في قنان جديدة. ولقد بذل الكاتب مجهودا في كتابة مقالته وحشد فيها من الأسماء ما حشد ولم يقاوم حتى إغراء الاستشهاد بالإنجليزية بفقرة ماركس الشهيرة عن الدين التي يقول فيها إن الدين إفيون الشعوب. ولقد دعا الكاتب في نهاية مقالته إلى إخضاع الكتاب لـ “بعض التمحيص” و “النقد الموضوعي” من “قبل المختصين والأكاديميين” لأنه “حافل بالنصوص والإحالات والتأويلات”، ومضيفا أن “التحدي الأساسي الذي سيواجه المختصين عند مراجعة هذا الكتاب هو كثافة الإستشهادات بالقرآن ومرويات السيرة والإخباريين مما يستدعي إعادة هذه النصوص الي سياقها الموضوعي والتاريخي”.
وأنا أقدّر المجهود الذي بذله الكاتب في كتابة مقالته وأقدّر بشكل خاص دعوته للمختصين والأكاديميين لتمحيص الكتاب (حتى وإن كان “بعض التمحيص”) ونقده موضوعيا، وخاصة إن كان ديدننا هو الوصول للحقيقة (كما أقدّر وصفه لي بالملحد النبيل (وهي عبارة استوحاها من وصفي في الكتاب لأبي طالب بالوثني النبيل)، وإن كنت أصف نفسي وموقفي الفكري بالعقلاني، كما أنبههه أن الملحد أو العقلاني ليس بصاحب لاهوت وإنما هو صاحب ناسوت لأن مركز الدائرة في رأيه ليس الإله وإنما الإنسان). ولقد جانب الكاتبَ الصوابُ عندما قال “وظني أن الكتاب موجه الي أقلية لا دينية معزولة ، لا تسمح لها مواطن التدين القوي في السودان وفي العالم الإسلامي من أن تفصح عن وجودها وآرائها وأفكارها”. إن الكتاب كما قلنا في مقدمته “موجه لكل القراء في العالمين العربي والإسلامي بكل أجيالهم”، ولا شك أن الكاتب، وهو المسلم الملتزم، يعلم أن الكتاب موجه إليه ولا يقتصر على “الأقلية اللادينية المعزولة” وإلا لما كان قد أضاع وقته ووقت قرائه في تدبيج مقالته وما كان سيتوجه للمختصين والأكاديميين ويستنجد بهم (وظني أنه يعني المختصين والأكاديميين الغيورين على الإسلام) لإضاعة وقتهم ووقت قرائهم في الرد على دراسة يصفها بأنها لا تأت بجديد البتة وتسدر في غي نظري بلا هدي أو كتاب منير.
لقد أثار الكاتب الكثير من القضايا (والاتهامات) التي تستحق النقاش (والرد) ولا شك أن المختصين والأكاديميين الإسلاميين الذين استنجد بهم الكاتب سيدخلون المعمعة وسيثيرون الكثير من القضايا والمسائل التي تستدعي النقاش. ولا شك أن من يقرأون هذا الكتاب ويتابعون ما سيكتبه الإسلاميون عنه سيتوقعون مني كمؤلف للكتاب أن أردّ على ما يثيره الإسلاميون، ربما بدءا مما أثاره السيد خالد موسى. إلا أنني لا أستطيع في الواقع الرد على ما كتبه السيد خالد موسى إلا إن قبل بشرط أولي وبسيط لا يمكن بدونه الدخول في نقاش مفيد. أريد من السيد خالد موسى وكل إسلامي يود الدخول في نقاش حول ما كتبته أن يبدأوا بإعلان إدانتهم للمادة 126 (مادة الردة) من قانون عقوبات نظام الخرطوم. إن ما يصفه الكاتب بالأقلية اللادينية المعزولة التي “لا تسمح لها مواطن التدين القوي في السودان وفي العالم الإسلامي من أن تفصح عن وجودها وآرائها وأفكارها” هو ما يلخص في واقع الأمر أزمتنا الفكرية في العالمين العربي والإسلامي. إن عدم السماح للآخرين بالإفصاح عن وجودهم وآرائهم وأفكارهم يتم الآن تحت قهر التشريع وبمساندة عنف الدولة الإسلامية بالإضافة لقهر وعنف الحركات الإسلامية. إن مادة الردة تسلب المواطن السوداني من حقه الأولي والأساسي في حرية الفكر والضمير وتعطي الدولة سلطة إعدام المواطن لأنه مارس هذا الحق الأساسي. إن من يصفهم الكاتب بالأقلية اللادينية المعزولة هم تيار فكري يملك الحق، كل الحق، في أن يعبّر عن فكره تعبيرا حرا، والأمر ليس أمر أقلية أو أغلبية وإنما أمر حقوق أساسية لا يمكن أن تسلب حتى وإن مارس هذا الحق مواطن سوداني واحد.
إذن لابد من أرضية ممهدة ومناخ صحي إن كنا نريد حقا نقاشا مفيدا وليس صياحا تكفيريا وإثارة عاطفية وصدى لأصوات المدافع والرصاص. إن الدخول في نقاش القضايا والمسائل يبدأ بالاعتراف بحرية التفكير والتعبير. لقد قلنا مرارا بأن أهم مظهر لأزمة الإسلام المعاصر أنه الدين الوحيد في عالمنا اليوم الذي يشرّع للردة ويسلب بذلك المسلمين من حقهم في اعتناق ما يشاءون من أديان أو أفكار.
هذه في تقديري هي نقطة البداية. لن أستطيع الدخول في أي نقاش مع السيد خالد موسى أو مع أي إسلامي إن لم يقرر بدءا رفضه للمادة 126 واعترافه بحرية الفكر والتعبير. إن الإسلامي الذي يقف مع الردة لا يؤمن بكرامة الفكر ولا يملك بالتالي المصداقية الفكرية التي تؤهله لولوج عالم الفكر والتصرف في حضرته حتى وإن كان مختصا وأكاديميا.
(*) محمد محمود أستاذ سابق في كلية الآداب بجامعة الخرطوم وكان رئيسا لقسم الأديان المقارنة بجامعة تفتز بالولايات المتحدة. صدر كتابه (نبوة محمد: التاريخ والصناعة، مدخل لقراءة نقدية) عن مركز الدراسات النقدية للأديان ويمكن الاستفسار عنه بالاتصال بـ [email][email protected][/email]
في الإنسان غريزة عقلية للبحث عن ( الله ) والوصول لحالة السكون الكلي والإستقرار الروحي , وتزيد هذه الغريزة وتصبح أكثر نهما وشراسة مع توغل نار الإلحاد و ( البحث ) المبتور دائما بقصور العقل ومداه المعلوم , والإلحاد دائما هو ثمرة المعرفة ,ولا يكون الإلحاد إلحادا إلا عندما يقترب ويخوض في ذاك الفراغ الصوفي حيث يكون العقل والتفكير ليسا بابا للمعرفة وإنما باب للجهل وأداة لضعف الإدراك , وهناك في ذاك الفراغ البحثي يدرك ( الملحد ) أن الله شئ والأديان شئ آخر , وأن المطلق شئ والتاريخ شئ آخر , وأن البحث التاريخي في الدين الذي يصوب الحقائق ويكتشف زيفهاعلميا ليس هو البحث عن
( الله ) الخارج عن مضمار التاريخ والداخل فيه بحسب تصورات ومصالح الإنسان ولذا يستوجب البحث التاريخي الحرية الكاملة ونزع جلد التدخل القانوني في حريةالحركة من دين إلى دين خاصة عندما يكون ذلك معبرا عن موقف علمي وعن حقيقة إجتماعية أو يكون ذلك بدافع التقدم الحضاري والإنساني لأن البحث الديني هو بحث إجتماعي تنطبق عليه كل قوانين المنطق وأقيسة الصواب والخطأ ووسائل البحث من تجريبي ونظري , وإذا كان الأمر كذلك فإن حرية الإنتقال من دين إلى آخر لهو أمر علمي وعقلي لا يقدح فيه ظهور خطأ واحد أو عدة أخطاء , فهو تماما كإستبدال نظرية بأخري بكل هدوء , فالحرية فوق العقل وفوق الإنسان , وبها هنا بالذات يكون الإنسان إنسانا . ويكون الدين دينا .
هذا شرط منطقي جداً يا دكتور فلن يستطع أحدٌ مناقشة كتاب كهذا إلم يحترم حق التغاير والاختلاف وهذا عكس منطوق المادة 126 التى تنسف حق الانسان في أن يفكر حراً دون أن يطول هذاالتفكير، متى خالف هوى السلطة ، واحدٍ من إثنين : الاستتابة أو القتل . وقد ثبت أنَّّ مثل هذه المادة تتحوَّل في ظل الأنظمة الدكتاتورية( وحتى ديمقراطيات ما يعرف بالربيع العربي ) إلي مسوِّغ للقضاء على المخالفين في الرأي حتى ولو كانوا يصدرون من ذات الدين ولكن برؤية وتأويل وقراءة مختلفة , ألم يتم بمثل هذا القضاء علي الأستاذ/ محمود محمد طه ؟ ألا تتواتر الجهود لتكميم الأفواه في مصر الأخوانية ؟ ألم تتم تصفية شكري بالعيد في تونس ؟ والغريق قدّام ..
لقد فتّحت نشرة اليقطة والتي هي ، كما تقول ديباجتها ، نشرة دورية مكرَّسة لرصد العقل الديني ( أو السلفي .. لست أذكر جيداً ) والتى كان يصدرها الدكتور محمدأحمد محمود منتصف ثمانيات القرن الماضي ، لقد فتَّحت فهمي ، أنا الطالب الجامعي إذَّاك ، على خطل وبؤس بنية العقل الديني السلفي ،جنباً إلي جنب ما كان يصدره الراحل محمود محمد طه ، فرج فودة ، هادي العلوى وأخرين وأخريات كثيرون وكثيرات قاوموا صلف الجماعات الدينية التى تسعى جاهدةً لإثبات صحة مقولة ماركس الشهيرة : الدين أفيون الشعوب .
شكراً يا دكتور
قراءت كتاب نبوة محمد وهو كما اشار الاستاذ موسي انه استند علي القرءان وسيرة ابن هشام..واعتقد ان حجة الكتاب قويه مما دعي الاستاذ موسي للاستنجاد بالخبراء,,اضم صوتي لصوت الاستاذ محمد في ان يكون النقاش في الهواء الطلق و دون ارهاب
(ناسوت العقلاني النبيل : حول الشرط الأولي للنقاش) .. الكلمة الأولى (ناسوت)لو عكستها تكون (توسان) .. ويظهر إنو الزول دة مهوووووووس بعربة التوسان … طبعاً الصحيح (تكسون)..
الاصل في الدين حرية المعتقد،وجوهر الحياة هي حرية الفكر والراي،ويعلم كل من مر بالخرطوم وجامعتها في زمانها السمح اهتمام بروفسير محمد محمود بالمعرفة،بالانسان والتقدم،عالما جليل العلم،مهذبا وشفاف،واذا كان الرجل قد كرس من الوقت،والعقل لصياغة سفر معرفي ،فعلي كل شغوف بالمعرفة،وباحث عن الحق والحقيقة،ان ينحو نحو الباحثين،ان اراد ان يصدح براي اخر،انا علي المستوي الشخصي وبيقيني بنبوة محمد،ص،اجد في نفسي حرصا عظيما علي الاطلاع علي الكتاب،واقول بما راه بضرورة الغاء اية مادة قانونية تحارب الانسان في رايه،واري ان جوهر الدين الذي جاء به المصطفي هو الحرية،ومرتكزه الانسان،لذلك لرقي الحياة والقيم،فان الحق في الراي الاخر جدير ان يسمع،ويرد عليه بخلق وعقل واحترام,
والله يا دكتور إنت اللي فيهم
بهناك تناقشهم في الدين
وبهنا تفرض عليهم السياسة ..
دا الشغل النجيض …
مين السبب في ان الدكتور وصل الى هذه الدرجة من التحدي:
في زمن الديمقراطية عندما طان الكتور ينشر قصاصات صغيرة
في نقد فكر الإخوان إنبرت له الراية وأمين حسن عمر آنذاك ملوحة
بسيف التكفير …
لمن إغتصبوا الحكم الدكتور خلى ليهم البلد لاجئ بلندن
ودي نتائج الإرهاب الفكري اللي إنتو بتمارسوه
هل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم “نحن اولى بالشك من إبراهيم؟”
يتردد في الكتاب الكريم “… من لا برهان له به”
“…ولا كتاب منير ..”
كلها في رايئ أنها تدعو الى محاورة من يملك هذه الشكوك
الحجة بالحجة …
وأولها كما قال الدكتور الإعتراف بأن “الحرية لنا ولسوانا”