حلال عليهم القندول

قبل نحو ست سنوات، نشبت معركة بين والي القضارف آنذاك عبدالرحمن الخضر ورئيسس مجلسها التشريعي كرم الله عباس، بلغت حد التلاسن الذي لم تكن تفاصيله صالحة لنشر في أي صحيفة، فخف الرجل القوي،آنذاك ايضا،نافع علي نافع، وبجرة قلم واحدة أقال الإثنين معا من منصبيهما، فتوجه عبدالرحمن الخضر للخرطوم، في حين بقي كرم الله في القضارف، مسقط رأسه. ودارت عجلة الأيام فجاء عبدالرحمن الخضر واليا معينا أول الأمر، ثم (منتخبا) لولاية الخرطوم، بعد استراحة محارب تقليدية قصيرة،تفرغ فيها لإدارة أعماله التجارية. وكما هو معلوم ما زال السيد الخضر واليا لولاية الخرطوم.
قبل أن يغادر عبدالرحمن الخضر القضارف مغاضبا، أقامت له بعض الجهات في القضارف حفل وداع وتكريم كبير، كانت كثيرا من مكوناته من المال العام، كما تشير سجلات وزارة المالية الولائية، التي لا يبدو أنها تتعامل كثيرا مع ديوان المراجع العام. في ذلك الحفل قدموا لعبدالرحمن الخضر جوائز قيمة يقال أنها قطعة أرض سكنية في مدينة القضارف، ومشروع زراعي في منطقة سمسم، ومبلغا من المال،لا يعرف مقداره تماما، وسيارة برادو. السيدة الفضلى حرمه كان لها من (كرم) أولئك القوم نصيب، فقد أهدوا لها قندول ذرة من الذهب الخاص يبلغ وزنه كيلوجرام بالتمام والكمال. المحتفون كرماء،والمحتفي به يستاهل.
السيد كرم الله عباس،الذي لم يستكن للهزيمة، سعى بكل قوة للعودة للأضواء من جديد، واليا (منتحبا) لولاية القضارف هذه المرة، وليس لكرسي رئاسة المجلس التشريعي الذي ازاحوه منه، وكان له ما أراد قبل نحو اربع سنوات. وكان قد توعد في حملته الانتخابية بفتح ملفات الفساد التي صاحبت فترة ولاية عبدالرحمن الخضر، والتي قال إنه يعرف عنها الكثير، وذكر علي وجه الخصوص شركة أو شركات المقاولات التي كانت تنفذ بعض مشاريع التنمية في الولاية بصفة حصرية، أي أن المشاريع كانت ترسى عليها دون منافسة من أحد، ولكن كرم الله بعد ان اعتلى كرسي الولاية لم يستطع أن يقدم أحدا للعدالة وإن استطاع أن يخفف من وتيرة الفساد الذي استشرى في الولاية، ثم غرق كرم الله في معاركه التي لا تنتهي، حتى غلبت الكثرة الشجاعة، وغادر الرجل منصبه في مشهد حزين.
هذا الكلام مكرر.. كتبنا عنه أكثر من مرة،بغرض إثبات الواقعة فقط وليس طمعا في حدوث معجزة وقيام الجهات العدلية والرقابية المختصة بمجرد التحري في الواقعة وإطلاق يد ديوان المراجع العام بلا حدود للقيام بواجبه المغيب. الجديد هذه المرة ظهور مفهوم فقه التحلل، (تحللوا فإن في التحلل بركة)،وهو مرحلة فقهية متقدمة على فقه السترة.. بمعني أن من يذهب إلي جيبه شيء من المال العام، عن طريق السهو أو الخطأ أو الحاجة الوقتية أو السقوط الوقتي، يمكنه التحلل من هذا المال العام.. كله أو بعضه، برده إلى مصدره، ويعود المتحلل بعدها كيوم ولدته أمه..طاهرا نقيا من كل سوء. بلاش القندول، حلال عليهم، لكن هل يمكن للسيد عبدالرحمن الخضر أن يتحلل من كل أو بعض مما أهدي إليه رغم أن ما أهدي إليه قطرة من محيط المال العام المبدد في مكتب والي الخرطوم؟ هل له أن يتحلل بعد كل هذه السنوات،أو يدفع ثمن الهدايا نقدا بسعر اليوم إن كان قد تصرف فيها،..ويا دار ما دخلك شر؟ أو هل يغالط الجميع ويثبت أنه لم يهدى إليه شيء أصلا؟ وفي جميع الأحوال، هناك أكثر من مصرف نافع في ولاية القضارف لقيمة هذه الهدايا، وأهل القضارف أحوج لهذا المال العام وأحق به من غيرهم.
واستغفر الله لي، وله، ولكم، وللمتحللين منا والمتحللات.
(عبدالله علقم)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مقالة جيدة وتصب في الصالح العام يا علقم والحقيقة نحن لا ننتظر من ديوان المراجع العام اي مراجعة ذات بال لأن المراجع العام نفسه هو جزء من منظومة الدولة يعنى هم هم فكيف نطلب من (هم هم) ان يدين نفسه بنفسه او يدخل يده ويطبزبها عينو لانها دي ما بتجي لا عقلا ولا نقلا. وناس المراجع ينشطوا حيث يؤمرون لأسباب حسابية اي تصفية حسابات بين الجهات المتصارعة وليست حسابية علمية واستغفر الله العظيم لو بهتهم او اغبتهم ولكن ما رشح من ا خبارهم يجلعنا نقول مثل هذا القول ولا نعلم ان ديوان المراجع العام قام بمراجعة الجهات الكبيرة مكان القطط السمان وان تقرير المراجع العام يحدثنا عن الصغار فقط والصغار ديل هم كبار جدًا بحسابتنا كيف وان رأينا الكبار اي الهبرات المليودرامية والمليارية .. في هذا البلد المنكوب على اهله المنصوب بعوامل نصب جبارة ومن يزغ عن امر المؤتمر الوطني يصاب بعذاب عظيم من اقطاب المؤتمر الوطني .. وبالمناسبة الضربة التي حصلت في مكتب والي الخرطوم دي المفروض تدخل في كتاب غينيس للارقام القياسية وكنت اتحدث مع احد الاصدقاء وذكرت له ان هذه الضربة والخبطة لا يمكن ان يدعى الوالي عدم معرفتها لانها لو كانت صغيرة كان ممكن نقول تروح في الغسيل لكن ضربة بمليارات الجنيهات لا يمكن ان تحدث بسهولة وهي ضربة لم تحدث في التاريخ منذ او طئت قدم الانسان على الارض .. صحيح الناس بتاكل وتاكل ولكن مثل هذه الضربة دي تكاد السماوات ان تنفطر لها وتخر الجبال هداً انت عارف يا اخوي علقم مشكلة الناس ديل شنو؟
    مشكلة الحكومة دي اعتقدت جازمة وصار هذا الاعتقاد ملازما لحركاتهم وسكناتهم انهم افضل اهل الأرض نقاء سريرة وحسن سيرة وانهم هم الافضل من حيث النية وحسن الطوية وهذا هو الشئ الذي جعل كمال عبد اللطيف يبكي ويقول انه طيب وان قلبه ابيض وانقى من جلابيته فكيف تشيلوه من الحكومة..؟ هذا الاعتقاد عندما يلازم الانسان يعتقد ان كل عمل يعمله صح مية المية يشيل سنة من السلم التعليم هو عمل صحيح ثم يرجع السنة مرة تاني هو عمل صحيح وان كل ما يفعله احده هو صحيح طالما ان نيته سليمة وان بقية افراد الشعب هم طير .

    المؤسف ان هذا الفهم وقع فيه اخوة يوسف عليه السلام ووضعوا في اعتباره انهم كعصبة هم اصلح الى ابيهم وان اببهم (وهو نبي وهم يعرفون انه نبي ) ما بيفهم حاجة وانه (في ضلال مبين) وقد وصلوا الى نس النقطة التي وصلها كيزان السودان بإعتدادهم بقوتهم وحسن تنظيمهم وان الاحزاب الاخرى التي قاموا هم بتكسيرها وقصقصتها ليس ديمقراطية وما فيها شورى وبالتالي هم الاجدر بالحكم كما قال اخوة يوسف عليه السلام انهم الاجدر بحب ابيهم النبي وفي سبيل ذلك .. ليس عليهم من بأس ان يقتلوا يوسف او يطرحوه ارضاً حتى يخلو لهم حب ابيهم وبعدها يكونوا قوما صالحين..
    دي مشكلتنا مع الجبهة ومع الكيزان وقد تعلم انه حتى من بين اصحابك واصدقائك في البلد التي انت فيها ان سلوك الجبهجيةوالكيزان بمثل هذا السلوك بل قد يستغرب احدهم ان رءاك تصلي او تقرا القران او تصلى على النبي لانه يعتقد انك بعيد كل البعد ويريد ان يكون هو ممن يوصف بهذا وبالتالي تكون له الكبرياء في الارض ويستلم رئاسة الجالية ورئاسة لجنة الخدمات ورئاسة اي لجنة لانه هو الاجدر وان غيرهم لا يستحقون لانهم مجرد انعام.. ولكنهم لا يقولونها..

    اللهم انا نستغفرك ونتوب اليك ونبرا اليك من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا وان تفتح بيننا وبين اخواننا الكيزان بالحق وانت خير الفاتحين

  2. الهدايا التي قدمت لعبد الرحمن الخضر كفيلة بان تقوده الي المحاكم وكذلك من اهدا له لانو اي هدية لمسئول دولة تحتها كوم من الفساد والقضارف الولاية المنهوبة دوما ربنا يكون في عونها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..