على قيد الطيران: سودانير.. لمن تقرع الأجراس؟

الخرطوم – نازك شمام
بدا المشهد وكأنّه سرادق للعزاء؛ الكلّ يريد أن يذرف دموعه على الكيان الذي يحتضر، والبعض الآخر يرغب في الإسراع بالمعالجة، لعلها تكون الفرصة الأخيرة، ولسان حال آخر يهمس “أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي”.. العيون تراقب المشهد عن كثب..
القضية ليست مجرد كيان تساقط بعدما تسامى، وبلغ الثريا في عهود خلت.. الأمر يبدو أبعد من ذلك حينما يتعلق بناقل وطني يحمل في طيّاته كل سمعة السودان؛ شعبه قبل حكومته، ويشكل انطباعا لدى العالم الخارجي يصعب محوه في القريب العاجل.
قاعة (الكنداكة) بمجلس الوزراء صباح أمس ضجّت بالحضور الكثيف وهم يحملون في أذهانهم واقع ومالات مستقبل الخطوط الجوية السودانية التي استنفر لها مجلس الوزراء منتداه الشهري، وللقضية أبعادها التي لا يخلُ منها ذهن أي مواطن سوداني، بعد أن ضاعت عشرات السنين من عمر الناقل الوطني، وتعكس مدى انتظام ودقة مواعيد شعب بأكمله.
المنتدى جمع بين الإحباط وروح الفكاهة رغم قساوة وضع الشركة، بيد أن وزير المجلس الأعلى للاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل بعد إنصاته لورقة المدير العام للشركة، وما حوته من أوضاع مأساوية لم يجد مخرجاً سوى أن يروي طرفة الرجل الذي طلب من (العرضحالجي) كتابة مظلمته، وبعد الفراغ منها، وتسليمها للرجل أصبح الشاكي يبكي ويردد: “والله أنا ما كنت قايل اني مظلوم قدر دا”! طرفة إسماعيل تعكس وكأن الدولة فوجئت بالوضع الراهن لسودانير وأنها لم تكن تعلم بما حاق بها رغم أن الإعلام كشف ما يدور في ردهات الشركة وكان آخرها ما خطه الكاتب عثمان ميرغني في هذه الصحيفة.
هواء ساخن أخرجه المشاركون في المنتدى على الوضع الذي آلت إليه الشركة بعد سنوات مجدها، إلا أن ما رسمه مديرها العام الحالي، عبدالمحمود سليمان في ورقته: (شركة الخطوط الجوية السودانية – الوضع الراهن) بدا الأبلغ، وهو يزيح عنه مجد الشركة السابق، ويسهب في شرح الوضع الحالي للشركة، التي ضاعت هويتها القانونية في أن تكون جهة حكوميّة أو تتبع للقطاع الخاص، على الرغم من استغرابه من أن وزارة المالية تطالب الشركة بتحصيل ايراداتها عبر أورنيك (15)، وأكّد سليمان أن هوية سودانير الحالية غير واضحة المعالم، بالإضافة لوجود إزدواجية في التعامل، لجهة أن الشركة مملوكة لوزارة الماليّة، وإشرافها يقع على عاتق وزارة النقل، وفي ذات الوقت تمتلك الشركة مجلس إدارة، الذي تم حله منذ العام 2013، وجعل الشركة تعيش في حالة فراغ، في ظل وجود إجراءات تتطلّب وجود مجلس إدارة لاتخاذ القرار.
بيد أن أخطر ما كشفه سليمان تمثل في الوضع المالي للشركة، التي بلغت ديونها (362) مليار جنيه، منها أكثر من (37) مليون دولار بالنقد الأجنبي، في ظلّ خسائر مالية متتالية للشركة لفترة عشر سنوات، ارتفعت من (16) مليون جنيه في العام 2003، إلى (92) مليون جنيه في العام 2013، وقال إن الموازنات التقديريّة للشركة لم تتم إجازتها من قبل مجلس الإدارة منذ (7) سنوات، وقال: حتى هذا العام قدمنا موازنة (أيّ كلام) بعد ملاحقة الماليّة لنا، وادّعت إنّها أجازتها خلافاً لما ظهر في وسائل الإعلام باستبعاد سودانير من الموازنة العامة، وأشار إلى وجود قرارات عليا بتحمّل المالية لمديونية سودانير، تم تنفيذها جزئياً، مبينا أن الديون بلغت 96.843.923 جنيها وفي الاعوام 2011-2012 بلغ استحقاق المعاشيين فيها 2.700.986 جنيها ومستحقات العاملين 5863818 جنيها وسخر من أن 90% من الطلبات المقدمة للمدير العام عبارة عن حقوق للعاملين والمعاشيين مقرونة بظروف إنسانية.
وبلغت القوى العاملة في سودانير 1720 بتكلفة 13% من تكلفة التشغيل.. ووفقا لسليمان تمتلك الشركة عمالة مترهلة تمنع عنها الشركاء الاستراتيجيين بما يستلزم إعادة هيكلتها، وقال إن هيكلة العاملين هو الشرط الذي يقف حجر عثرة أمام وجود شريك استراتيجي.
وعن أسطول الطائرات التي تمتلكها الشركة قال إنها تمتلك 9 طائرات تعمل منها طائرة واحدة وتحتاج البقية إلى صيانة بتكلفة 10 ملايين دولار بجانب حاجة الجهات الممولة لشراء الطائرات إلى ضمانات مثل بنك التنمية الإسلامي بجدة الذي وافق على إعطاء تمويل شراء 3 طائرات بتكلفة 120 مليون دولار وقال إن خطة الشركة استجار الطائرات وأضاف: “قروشنا كلها رايحة في الإيجار” في ظل محاولتهم لصيانة الطائرات المعطلة واعتبر سليمان أبرز التحديات التي تواجه الشركة يتمثل في المقاطعة الأمريكية التي تمنع الشركاء والمستثمرين عن الشركة بالإضافة إلى تحدي الإعلام الذي يؤثر تناوله لمشاكل الشركة بصورة سلبية مما يتطلب وضع استراتيجية محددة للتعامل مع الإعلام وتحويله إلى مسار موجب للمساعدة في إعادة صورة الشركة واعتبارها.
وكشف سليمان عن وجود 62 قطعة أرض ضمن اصول سودانير بيد أن الشركة تتخوف من بيعها خشية من الإعلام وأشار إلى عزم الشركة إلى بيع الطائرات المعطلة من أجل شراء طائرات جديدة.
وتأسف بروفيسور شمبول عدلان وزير الطيران السابق على عدم الاتساق بين الطيران المدني وسودانير وقال: “كل واحد عايش براه”، وكشف عن إمكانية أن يكون دخل الدولة من رسوم عبور الأجواء ما يقارب الـ(500) مليون دولار إلا أن اجهزة الملاحة الموجودة في السودان غير متكاملة، وأقر بغياب الدولة عن سودانير وقال: “مشكلة السودان (عدم ترك الخبز لخبازه) وإسناد الأمر لغير أهله” مشددا على أهمية توظيف إيرادات الطيران في القطاع نفسه وعدم دفعها لوزارة المالية.
وشدد وكيل وزارة الطيران السابق د. عثمان بدري على أهمية إصلاح سودانير بصورة عاجلة من خلال أن تمنحها الدولة 50 مليون دولار نقدا و100 مليون دولار عبر ضمانات بالإضافة إلى وضع خطة واضحة المعالم لإعادة نشاط سودانير من خلال إيجاد شريك استراتيجي وقال: “ما أي جهة شايله قروش شريك استراتيجي” في اشارة لشركة عارف الكويتية

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. the company must move to startup mode – with fully restructuring including staff and employees , then re- launch the company with new vision , business strategy and marketing strategy focus on low operational costs , profitability ( target high traffic and profitable station) the most important is developing brand strategy leafs to brand equity to attract new ventures , working in improve Customer experience in term of service , time commitment and punctuality – the best business model is low costs operating flight to compete fly Dubai – injecting new management with visionary and enable to develop innovative business model and strategy  

  2. Dear Nibras
    Sudan Airways issue is really frustrating as the problem looks very chronic dear. It looks that nobody even cares of what is going on. I think it is an easy job if we are genuine to reform our beloved national carrier. I think Sudan Airways problem is the staff. They are out of date. No one has the up to date experience and loyalty. They are not happy to pull it up as they want to keep as it is, but they forget that this situation will not last forever. Sudan Airways needs the financial support in order to have up to date fleet and in addition to foreign experts. I like very much your wording regarding the low cost operation LLC. Sudanese working abroad will be the real support to it , if it reinstates operation and work punctually with high on time performance.
    All the best to our national carrier and our beloved country.

  3. Dear Nibras

    I thank for your wording. I think Sudan Airways problem is the good management. . Give good management I give you good outcome of any activity. Aviation is very specialized activity. It needs very advanced and up to date know how. Our government got involved in Sudan Airways and brought very bad personnel.
    It is not very late as the aviation prospective is very promising if we brought good people with up to date experience.
    Thanks dear
    Amir Abu Ganaya
    Sr. Traffic Analyst
    Abu Dhabi airport Company

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..