أخبار السودان

بلغت أزمة السودان ذروتها ولا بد من حل عاجل!!

د. محجوب محمد صالح

الأحداث التي شهدها السودان مؤخراً تنبئ بأن أزمة السودان بلغت مداها وأن المعالجات الجزئية الراهنة قد دخلت طريقا مسدوداً لا يجدي معه التجاهل أو إرسال أي رسائل مطمئنة، فكلما حدث انفراح مؤقت نتيجة لمعالجات جزئية انفجرت بؤرة من بؤر الصراع الكامن لتنسف كل مجهود بذل فنعود إلى مربع الصراع الأول بطريقة أكثر حدة تفرز أزمات جديدة في ثغور لم نكن نتحسب لها؛ لأننا نصر على أن نتجاهل شمولية الأزمة ونبحث عن المسكنات الوقتية.

لقد اسبشرنا خيراً باتفاقات بين الشمال والجنوب لتنفيذ اتفاقيات سبتمبر الماضي التي تعثر تنفيذها ستة أشهر ثم بعد طول تردد أقدم الطرفان على تنفيذها بصورة جيدة، فإذا الأزمة تتجدد إثر مقتل كبير سلاطين الدينكا في بؤرة الصراع الكامنة في أبيي، ثم يتجدد تبادل الاتهام بين الطرفين حول استمرار ممارسات الحرب بالوكالة وكل طرف يتهم الطرف الآخر بمساعدة متمرديه. وقد سيطرت الاتهامات المتبادلة على أجواء لقاء اللجنة الأمنية المشتركة التي انعقدت بعد هذه الأحداث، بل إن الجنوب أعلن أنه تقدم بشكوى لمجلس الأمن يحمل السودان مسؤولية مقتل كبير سلاطين الدينكا بأبيي والتداعيات التي قد تترتب عليه.
واستبشر كثيرون ببدء المفاوضات المباشرة بين قطاع الشمال والحكومة السودانية رغم أن المفاوضات في جولتها الأولى وصلت إلى طريق مسدود ولكن مجرد بداية الحوار المباشر اعتبرت مؤشراً على إمكانية تواصل الحوار لإزالة العقبات ولكن فجأه شنت قوات قطاع الشمال وحلفاؤها هجوما على منطقة أم روابة الآمنة في شمال كردفان التي لم تكن في مرحلة من المراحل جزءا من ساحات الصراع المسلح فخلفت المعارك ضحايا جدداً وروعت المدنيين الآمنين وأدت إلى حركة لجوء ونزوح جديدة لعشرات الآلاف من البشر، وما زالت تداعياتها مستمرة وتنذر بالمزيد من المعارك وسفك الدماء وتبديد أي أمل في سلام عاجل.
وتكتمل الصورة بصراع دموي جديد طال أصدقاء الأمس أعداء اليوم في حركة العدل والمساواة وأدى إلى مقتل قائد الجناح المنشق من الحركة والذي وقع بالأمس على اتفاق الدوحة في العاصمة القطرية وكان في طريقه إلى مقر قواته بدارفور لإكمال مهمة إلحاقها بالسلطة الإقليمية وقتل معه أفراد قياديون آخرون واعتقل كثيرون كانوا في قافلته لا يعرف أحد حتى اليوم مصيرهم فكانت الواقعة أخطر تطور دموي للصراع الداخلي في الإقليم، وقد يفتح الباب لصراعات خطيرة بين الحركات الحاملة للسلاح ويطلق موجة من القتل على الهوية السياسية والأخذ بالثأر في إقليم ظل على مدى عقد من الزمان يدفع ثمنا غاليا من دماء أبنائه.

ليست هذه أحداثا متفرقة بل هي أجزاء من صورة واحدة قاتمة وينبغي أن ننظر إليها جميعها على أنها أعراض لمرض واحد يحتاج لعلاج شامل يتجه مباشرة إلى أسباب الأزمة الجذرية وهي أزمة السودان الشاملة التي ظللنا ننادي منذ أيام مفاوضات نيفاشا بضرورة التصدي لها وعدم الاعتماد على الحلول الجزئية. وقد أثبتت نتائج اتفاقية نيفاشا خطورة تجزئة القضية ولا بد أن نتعلم من درس انفصال الجنوب، والحل يكمن في تغيير شامل ومشروع وطني جديد.

قضية جنوب السودان بدأت فجر الاستقلال بنفس الصورة التي انفجرت بها قضية دارفور لاحقا وقضية الولايتين تسير على نفس الدرب وما لم نصل إلى إعادة ترتيب الدولة السودانية في نظام حكم ديمقراطي يستوعب كل التطلعات المشروعة لأهل الهامش في المشاركة في السلطة والثروة والخدمات ومشاركتهم الفاعلة في صناعة القرار الوطني وحكمهم الذاتي لمناطقهم على أساس من العدل والإنصاف والتنمية المستدامة المتوازنة، ما لم يتحقق ذلك كله عبر حوار وطني جاد وشامل فلن يستقر حال الوطن وستظل مهددات الحروب الأهلية وتشظي الوطن قائمة، ومن المؤسف أننا ما زلنا نسمع أصواتا وأفكاراً ودعاوى لحسم الصراعات السياسية عن طريق العنف والقوة العسكرية سواء كانت عسكرية التمرد أو عسكرية السلطة. هذا نهج لا يقود إلا لاستدامة الحروب ومهددات التشظي والانقسام، وما درس الجنوب ببعيد فقد قادت تلك السياسات ليس للانفصال فحسب بل إلى التهديد بالعودة إلى الحرب.

وما زال المشروع الوطني الذي يقوم على رؤية مبدعة وخلاقة وآمنة ما زال غائبا عن الساحة، وفي غيبته ستتواصل الحروب الأهلية وتتراكم الظلامات والمرارات التي توهن النسيج الاجتماعي وتجعل الانهيار خيارا واردا ومهددا خطيراً. لقد آن أوان التغيير لو كان في القوم رجل رشيد!!

د. محجوب محمد صالح
[email][email protected][/email] العرب

تعليق واحد

  1. ما يثير الاحباط في الشأن السوداني هو وقوف الرئيس البشير متفرجآ رغم ما يجري من حوله من انهيار شامل للدولة سوي كان اقتصاديآ او عسكريآ او اخلاقيآ .. و الكل يترقب صحوته منذ اقراره علي الملأ ما أوصلتنا اليه آفة التمكين .. و لكن لا حياة لمن تنادي .

  2. يا دكتور نحن نحترمك ونعرف اننا لا نفهم فى السياسة
    اكثر منك ولكن منذ 1956 ميلادية لم نعرف الإستقرار
    وانت تعرف هؤلاء شخصياتهم وبيوتهم واسرهم وكيف وصلوا
    الى هذه المواقع
    فالرجاء التفكير معنا فى
    إتحاد فيدرالى سودانى يمنع هؤلاء من التقول على حقوق
    المواطن (( تعبنا من عسكر -طائفية -عسكر -طائفية ))
    حتى انت خذ معى (16 + 25 =41 عام ديكتاتورية والباقى طائفية )
    ما فضل لينا عمر ::: دايرين غير هؤلاء

  3. بارك الله فيك ايها السودانى الوطنى العاقل محجوب .. السودان الفضل اليوم يحكمه مجانين وحاقدين وجهله .. ولن يصدقوا زوال حكمهم الا بعد ان يروا سكين الذبح على اعناقهم ..

  4. ان مشكلة السودان منذ الاستقلال تكمن في عدم وطنية كل الحكومات التي حكمت السودان وثانيا عدم وجود دستور دائم للسودان يراعي حقوق كل المواطنين و مساواتهم في الحقوق باختلاف دينهم و اعراقهم كل الدساتير كانت حمقاء لا تراعي خصوصية هذا البلد في التنوع الديني و العرقي منذ الاستقلال تقودنا الطائفية الجاهلة و التافهة مستغلة امية كثير من اهل السودان و كان دور المتعلمين و المثقفين اغلبهم تسلقي و نفعي يدور حول مصالحهم مع الطائفية المسؤل الرئيسي عن هذا الوضع الحالي للسودان هذا الحقير الذي اسمه الصادق المهدي و ال المهدي حتى عبدالرحمن و ال الميرغني حتى علي الميرغني جميعهم ملاعين سفلة و يجب على البيتين الاختفاء من الساحة السياسية الى الابد حتى ينصلح حال السودان و يختفي معهم الاسلامويين يجب على الشعب ان يناهض الثلاثة حتى ينصلح حالنا ونتطلع الى غدا مشرق

  5. الإغتيالات السياسية إلى أين ..؟!
    طرحنا هذا السؤال علي عدد من السياسيين والخبراء على ضوء حادثة إغتيال عدد من قيادات حركات دارفور ..
    يقول أحد القيادات بدارفور رفض ذكر اسمه معلقاً على ماوارء الأحداث إن ما يستغرب له أن هنالك صلة قرابة ودم وتراحم مابين هذه القيادات، سواء على مستوى حركة العدل والمساواة أو الحركات الأخرى، وقال إن دكتور خليل إبراهيم و عزالدين بجي أبناء خالات و محمد بشر أحمد عبد الرحمن طه و دكتور خليل إبراهيم محمد فضيل طه يلتقيان في الجد، وإن القائد سليمان جاموس ابن عم القائد صالح جربو وإن جميع الذين ذكرتهم كانو قيادات في حركة العدل و المساواة بقيادة خليل إبراهيم، و من أشرس القيادات محمد بشر أول أمين عام للحركة العدل و المساواة،وعبدالكريم هبيلا قائد أركان في العدل و المساواة، عزالدين بجي الأمين المالي للحركة عمر عيسي أول قائد عام للحركة،أركو ضحية قائد عام السابق للحركة.. إذن نهاية كل قائد بحركة العدل و المساواة نفس نهاية محمد بشر و جربو و أركو و عمر عيسى و هبيلا.. ولكنه عزا ذلك إلى سيطرة أسره خليل إبراهيم والآن جبريل على الحركة وتصفية من يعارضهم في مسألة القيادة وليس من اجل القضية، وقال إن الأحداث الأخيرة أوضحت ذلك، وكذلك الأحداث السابقة مشيراً بأن ذلك مؤشراً خطيراً على النسيج الاجتماعي لمن ينتمي لحركة العدل والمساواة في أن يكون الصراع قبلي وجهوي ..ويصبح صوت الرصاص هو الأعلى من صوت العقل مابين أبناء العمومة

    هذا ما اوردته صحيفة اخر لحظة بدون تصرف مما يؤكد راينا ان الحل يبدا بتوحيد حركات دارفور قيادة وهدفا ثم ثم تفعيل بروتوكول نافع عقار وبعد ذلك حكومة قومية انتقالية تعقد مؤتمرا دستوريا يجمع عليه اهل السودان واجراء انتخابات حرة و نزيهة باشراف دولى وقبل هذا قيام حزب وسط منا نحن المكتوين بجمر القضية وجالسين فى مقاعد المتفرجين

  6. مشكلة هذا البلد إنه يحكم بواسطة مليشيا الإنجليز والمتعونين معهم وديل مكنكشين دايرين يسلموه لعيسى كما قالوا … والمشكلة أن صاحب الرايحة بفتش خشم البقرة

  7. من حقنا جميعا كسودانيين أن نطلب من الحكومة ومن الحركات التي تحاربها الجلوس الي طاولة المفاوضات اليوم قبل الغد0 الحركات تقدم مطالبها أو رؤيتها والحكومة بالتالي تقدم رؤيتها فإن تم الإتفاق كفي المؤمنين شر القتال وإن لم يتم الإتفاق يعرض كلا منهما وحهة نظره في كيفية حكم السودان علي الشعب السوداني ليقول كلمته بكل شفافية عن طريق وسيلة يتم الإتفاق عليها وبشهود عدول ، لأنني أري بكل صراحة أن هذه الحروب سوف تؤدي لا محالة الي تخلف السودان عدة سنوات قادمة، فالأموال التي تصرف علي هذه الحروب أولي بها أن تصرف علي الصحة والتعليم والخدمات الأخري التي ما زال الشعب السوداني في أمس الحاجة اليها حتي يلحق بركب الدول الأقل تاريخا وشانا0 ويجب علي الشعب السوداني إن أراد حلا لمشاكله أن يوقف الطرف الذي يرفض التفاوض تحت جميع الظروف عند حده وإتخاذ الخطوات الضرورية حتي يستعيد السودان عافيته في أقصر وقت لأن إستمرار هذه الحروب والفوضي لا تصب إلا في مصلحة أشخاص محدودين ومصلحة تجار الحروب الذين لا يهمهم إلا الغني وإن كان ذلك عن طريق إهدار دماء الأبرياء وإزهاق أرواحهم دون إكتراث لنداء الضمير ولا مخافة الله0

  8. الدكتور محجوب محمد صالح
    لك التحية والتقدير لوطنيتك المشهودة ولما ظلل يقدمه قلمك الممشوق للوطن من نصح مجرد خال من الغرض .نحن وكل الوطنيين من أمثالك نشفق على البلاد ايما إشفاق متمنين أن يلهم الله القائمين على أمر البلاد بالبصيرة ويشرح صدورهم للايمان بالوطن وبحق الآخرين المختلفين عنهم بالعيش الكريم في وطن الجميع. لكن للأسف الشديد نرى كل يوم أن هؤلاء القوم قد غشيت أعينهم غشاوة فلا هم يبصون , وجعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا استكبارا فلا يسمعون نصح الناصحين أو شفقة المشفين. أما وقد بلغت الروح الحلقوم نرجو لهم الهداية , وإلا فليس لنا إلا أن نؤمن بقدرة الخالق بانهم قد سبق عليهم الكتاب وأنهم منتظرون أمراً كان مفعولا. د. أحمد حموده حامد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..