المغادر والبديل في .. دوشة التشكيل

كنا وتحت تأثير الحملة الترويجية المكثفة للتشكيل الوزاري الأيام الماضية قد رفعنا سقف الآمال والتوقعات فيها لأقصى الدرجات وتخيلنا أن تنتفض الإنقاذ وتنفض عن نفسها غبار السنين باختيار أبعد وأصعب الخيارات الممكنة والمتوفرة أمامها.

كنت أتوقع أن تعلن قيادة الدولة قبل كل شيء عن قائمتها من الشروط والمعايير العلمية والفنية التي اعتمدتها وفق واقع وظروف واحتياجات البلد شرطا تلزم به نفسها بصرامة لاختيار من يشغل المناصب الدستورية والوزارية في حكومة (الضائقة الاقتصادية)..

وكنت أتوقع أن تجتمع قيادة الحزب الحاكم مع قيادات الأجسام الحليفة للحكومة والأحزاب الأخرى للاتفاق معهم على أن تكون تلك المعايير ملزمة للجميع من مؤتمر وطني أو غيره، وأن يتم الإعلان عن الطاقم الوزاري بقائمة واحدة تخص المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة في الحكومة؛ لأن أزمة الجهاز التنفيذي لم تكن تخص وزراء المؤتمر الوطني وحدهم والتغيير المطلوب ليس تغييرا لأوجه طال بقاؤها، كما أن مصطلح تجديد الدماء لا يعني اعتماد ثقافة (ولي العهد) أو طابور الانتظار في التنظيم وإتاحة فرص جديدة فقط، بل الأساس هو المعايير الدقيقة والمبرأة من الأمزجة، بل حتى تلك (الوزنة) الجهوية التي كانت ظاهرة جدا في القائمة المعلنة ليست معيارا من معايير النجاح والتغيير المطلوب في هذه المرحلة.

الجرأة التي كنت أتوقعها أن تعلن الحكومة أسماء وزراء خبراء متميزين لامعين غض النظر عن عمرهم وانتمائهم، وزراء تكنوقراط من كفاءات وخبرات متخصصة في مجالات مسؤوليتها وتكليفها وليس كافيا أن يكون وزير الزراعة (خريج زراعة) أو مفتشا زراعيا مثل إبراهيم محمود بل أن يكون متخصصا في المجال وصاحب رؤى وأفكار وقدرات بدرجة خبير في الزراعة مثلا، فما أكثر مفتشي الزراعة وما أقل أولئك الذين يحملون رؤى وأفكارا متقدمة منهم في هذا المجال!

نعم، كان التوفيق كبيرا وليس كاملا في خطوة إعفاء عدد من الوزراء الذين فشلوا ولم تعد لديهم القدرة على تقديم شيء، ولكن بالمقابل لم تكن الخيارات البديلة بحجم التوقعات.. ببساطة لم تكن الخيارات مدهشة أو بارزة ولامعة في مواقعها السابقة.

ورغم أنه لا يحق لنا أن نحكم على أداء الوزراء الجدد الآن وقبل أن يباشروا مهامهم ويقدموا تجاربهم، لكن من حقنا أن نسأل عن المعايير التي تم بها اختيار الوزير الطيب حسن بدوي لوزارة الثقافة مثلا؟ وفي بلادنا مفكرون وأعلام ومبدعون وكتاب ومثقفون لهم وزنهم ودرايتهم بما هو مطلوب لإحداث نقلة مطلوبة وتدارك أزمات تهدد موقع السودان في خارطة الثقافة العربية والأفريقية.. رموز لهم كلمتهم وقدرهم ولكن ليس لهم ولاء.. ماذا يضير لو تنازل المؤتمر الوطني عن هذه الوزارة التي يمكن أن تؤسس لاستعادة روح الحوار وإثراء الساحة بالفكر والفعل الثقافي الحي واستعادة مكانة السودان على المستوى العربي والأفريقي، خيارات لا حصر لها يمكن أن تشغل هذا المنصب بحقها وجهدها ورمزيتها الثقافية عربيا وأفريقيا.. من هو حسن بدوي..؟!!

سؤالي الأخير: أمس كتبنا أن أبرز عناوين الإصلاح غير موفقة أو خاطئة وأشرنا لمغادرة علي عثمان طوعا لمنصبه، لو لم يكن علي عثمان قد قرر المغادرة طوعا واختيارا وانسحب معه نافع والحاج آدم الذين قرروا لوحدهم المغادرة، ماذا كانت رؤية التشكيل الوزاري وقلب التغيير غير الطوعي فيه والذي كانت الحكومة تحدثنا عنه منذ شهور؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. انت بتقول من هو الطيب حسن بدوى ونحن بدورنا نقول من هو العميد البشير والاجابة هى انه رقاص بدرجة مشير الان .

  2. لوعقلها البشير الهبنقة لأعلن تنحيه عن المؤتمر الوطني وعدم ترشحه في أي انتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط وكفاءات لمدة 3 سنوات تقوم بالإعداد لانتخابات حرة والتفاوض مع الحركات في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودرافور للوصول لتسوية سياسية عمودها اعداد دستور يحفظ حقوق جميع الجهات والأقاليم في الثروة والسلطة واطلاق حرية الاعلام والقضاء لمحاسبة أي سارق ومرتشي وفاسد وقاتل للعدالة واسترداد حقوق أطفالناومستقبلهم،، عندها كنا سنعتبر أن هناك تغيير أما استبدال فلان بعلان وسجم برماد فهو لن يحل المشكلة بل سيفاقمها وسترون،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..