التمكين مستمر !!

حينما قال السيد رئيس الجمهورية ، إن حزبه أخطأ عندما قدم الولاء السياسي على الكفاءة في الخدمة المدنية ، وحينما قال إن سياسة التمكين أضرت بالدولة والحزب ، قلنا أن يأتي الإعتراف متأخراً خير من أن لا يأتي ، وحينما قال النائب الأول علي عثمان طه إن حزبه عرف مخاطر الإنفصال ، وان ماتعاني منه البلاد اليوم هو بسبب مشاكل الإنفصال ، قلنا أيضاً أن تأتي المعرفة متأخرة خير من أن لا تأتي ..

لكن بعد هذه الاعترافات ، ماهي الخطوات العملية والعلمية التي قام بها الحزب الحاكم ، لتصحيح هذه الأخطاء ، ولتجاوز المخاطر ، فالمتابع للساحة السياسية وسياسة الحزب الحاكم ، يجد أن التمكين مازال مستمر على قدم وساق ، ومازال الحزب الحاكم يقدم الولاء السياسي على الكفاءة ، ومازال يمكن أصحاب الولاء والحظوة ، ويتجاوز حتى عن أخطاءهم ، بل ويحمي مصالحهم ، ومازال أيضاً الحزب الحاكم يمارس في ذات سياسة رفض الآخر ، والإقصاء ، والتعنت ، والتعامل بردة الأفعال الشخصية ، وكبت الحريات ، ووضع الحلول الثنائية كخيار إستراتيجي لتفاوضه مع كافة الأطراف ، وتفعيل مبدأ فرق تسد ، وهي ذات السياسات التي مهدت الطريق للإنفصال ، وهي ذات السياسات التي تشعل النيران اليوم في معظم مدن البلاد ، وتزيد من المخاطر المحدقة بالوطن ، من تفتت وانقسامات وجهويات وانهيار إقتصادي ، وتفكك إجتماعي ..الخ ..

ما وصل إليه حال البلاد اليوم يتحمل مسؤوليته الحزب الحاكم منفرداً ، وكل مايتم اليوم من دعوات ( إصلاح ) و ( تصحيح ) ماهي إلا لمزيد من تكريس سلطة الحزب الواحد ، والإقصاء بكل أشكاله ، فالمجموعات التي لها رأي اليوم في نهج حزبهم ، لا يرون أكثر من مصالحهم ، والوطن ليس في أجندتهم ، ومايعرف اليوم ب(السائحون) ، مايزالون يتمترسون خلف أفكارهم القديمة التي ترفض مشاركة التنظيمات الأخرى في دولتهم ، ويرفضون ديمقراطية التعايش السلمي والتداول السلمي وصراع الأفكار ، وحتى الدكتور غازي العتباني ، أصبح يطلق دعوات لتكوين حركة إسلامية جديدة بذات الفكر والنهج الإقصائي القديم ، وحتى عندما أعرب البشير عن عدم ترشحه لدورة قادمة لم يكن ينوي التداول السلمي للسلطة وإنما كان لمزيد من التمكين لحزبه ، واليوم نسمع عن قبوله الترشح مرة أخرى ، مع علمنا التام انه سيظل رئيساً إلى أن يقضي الله أمراً ..

فالقاسم المشترك الأكبر بين كل هؤلاء هو ( السلطة ) والبقاء فيها بأي ثمن وأي وسيلة ، والإستقواء بها ، وكل مايحدث اليوم من حراك ماكان سيحدث لولا أن حزبهم يمتلك السلطة والثروة ، ولطمعهم في المزيد منها ، وحتى مايدور اليوم في البلاد من حروبات ونزوح وتشريد وظروف إنسانية قاسية ، ومحاولات التنمية القسرية والتهجير القسري ، وإنهيار إقصادي وتضخم ،وإختلاسات وتجنيب للمال العام ، وتعيين برلمان (ببغاء ) ،هو بسبب الأنانية التي يتصف بها الحزب الحاكم ، الذي يحاول حماية مصالحه بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة ، ولا يتوانى في تمرير دعوات الإصلاح ، والديمقراطية وقبول الآخر والتحول الديمقراطي بمجرد إحساسه بالضعف ، وقوة الآخرين ، وهي دعوات حق أريد بها باطل ، حتى يتمكن عليهم مرة أخرى فيعود مرة أخرى لعادته القديمة ، فالتمكين مازال مستمراً بكل أشكاله ولن يتوقف إلى بزوال أسبابه الحقيقية ..

ولكم ودي ..

الجريدة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اللهم لا اعتراض في حكمك ان و ليت علينا قومآ ليس بينهم رجل رشيد .. فالحكمة تقول ليس عيبآ ان تخطئ انما المصيبة في التمادي في الخطأ .. و هذا حالنا ولعلها حكمة من المولي عز و جل بتمكين من يدعون الحكم بالنهج الاسلامي زورآ و ما هم ببالغيه لشئ في انفسهم .. حتي يحل عليهم العذاب و يكونوا عظة و عبرة لغيرهم .. و نسأل الله ان لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا حتي لا نصبح بين يوم وليلة لاجئين لدولة كان اسمها السودان .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..