كسلا وخطاب الكراهية الممقوت

من المؤسف جدا ان يتفشى وينتشر خطاب الكراهية ويعم مختلف منصات التواصل الاجتماعي بين بعض ابناء بعض المكونات السكانية بمدينة كسلا بداخل السودان وخارجه، الامر الذي استدعى تشكيل لجنة قانونية لمتابعة ما ينشر بمواقع التواصل الاجتماعي والمنابر المختلفة، وملاحقة كل من يثبت تورطه في تأجيج الفتنة ونشر الكراهية والدعوة للعنف ولست هنا بالطبع لاجترار هذه الملاسنات والمطاعنات والتعليق عليها، وانما انا هنا لغرض مضاد تماما لهذا الخطاب القبلي العنصري العشائري المتخلف، غير انني أجد أن تلك العبارات المسيئة والجارحة التي تم تبادلها، تصلح أن تكون مدخلا للحديث عن أدب الاختلاف والبعد عن خطاب الكراهية الذي شد ما تحتاجه بلادنا من أجل ترقية وتنقية الحوار سياسيا كان أو مجتمعيا ولو حتى كان بين فردين، من الأوشاب اللفظية والاستفزاز والتحرش اللفظي والتنابذ بالألقاب وإصحاح بيئة الاختلاف من الحسك والقشف ولغة (الرمتالة)، خاصة إذا صدرت من ما يفترض انهم من النخب والقيادات والمتعلمين والمثقفين، المنتظر منهم والمأمول فيهم ان يقدموا القدوة والمثال للآخرين من عامة الشعب، باعتبار أن ذلك هو أول عتبات التعافي الوطني، فمثل هذا الخطاب مكروه في كل الاحوال، وبالأخص في حالة التباعد والاختلاف، فالحاجة ماسة وملحة الآن أكثر من أي وقت مضى لأن يتركز الصراع على أمهات القضايا والبعد عن الشتائم والسباب والتحدي، فالمرحلة الدقيقة الحالية تتطلب خطابا دقيقا يوزن بميزان الذهب بل قل بميزان بيض النمل، فلا أقل علينا اليوم جميعا وعلى أهل كسلا خصوصا من أن نصد عن كل قول نابئ وشتيمة مقذعة وكتابة موغلة في وحل القبلية والعنصرية وغارقة حتى أخمص أقلامها وحناجرها في التهويش والتهميش والزراية بالآخر وازدرائه من هنا أو هناك، وهذه مطلوبات واستحقاقات تكون الحاجة لها أكثر في ظل الاوضاع الهشة رغم أنها مطلوبة على الدوام، إذ لا يستقيم منطقا وعقلا وعدلا أن يبقى ولو صوت واحد في أي جزء من هذا الوطن يجأر بخطاب الكراهية، ولينظر أهل السودان جميعا بكل فسيفسائهم فيما حولهم إن كانوا حقا يؤمنون بالتراضي والتعافي الوطني الذي لن يتحقق مطلقا بطريقة اشتمك واشتمني فالقاعدة الذهبية تقول كل سخرية تقابلها سخرية أخرى مساوية لها في المقدار ومضادة لها في الاتجاه، ولنا في سلفنا السياسي قدوة قمين بنا التأسي بها تشهد عليها مضابط الجمعية التأسيسية خلال سني الستينيات وما قبلها، فقد حفلت تلك المضابط بأدبيات رائعة وراقية في السجال السياسي، وكلمات أنيقة ونكات ذكية يتم تداولها في صلب الجدال والحوار بين التيارات السياسية المختلفة، ثم ما لبث الحال يتدهور ويتدنى حتى بلغ مرحلة التنابذ بالألقاب الفاشية الآن.
الجريدة
جميل جدا استاذ حيدر ..المشكلة في ان طرفي الصراع هم اكبر مكون لشرق السودان كثافة سكانية سواء البني عامر او الهدندوة وبينهم صراع لالاف السنين في اطار التنافس المطلوب لكن حاليا الصراع اتحرك لمنطقة التنابز الشنيع الخالي من أي اخلاق ..واي صب للزيت يحرق الشرق ومافيه لامتداد القبائل الجغرافي والكثافة ..