الخبز والخبائث!

إلى أين يمضي هذا الوطن الذي أدمى سرج المؤتمر الوطني ظهره.. ولا يبتغي الترجل عنه شفقةً أو رأفةً ورحمة بأهله؟.
المفارقات المذهلة هي سيدة الموقف في عموم المشهد السوداني. الحكومة قبل هبة سبتمبر كانت تغازل الناس بأنها توصلت إلى فكرة عبقرية لإنقاذ الاقتصاد السوداني من وهدته عبر الإعلان عن حزمة إجراءات إقتصادية كان عنوانها رفع الدعم عن الوقود وبعض السلع الاستهلاكية. وطفقت تحدث الناس عن بشريات هذه القرارات وعن مدى رأفتها بالمواطن البسيط الذي كان غير منتفعاً من دعم الحكومة للوقود والسلع.
وبعد هبة سبتمبر التي فضحت وعلى الملأ تلك الإدعاءات والافكار العبقرية المزعومة من قبل الحكومة وعرافيها الإقتصاديين، وبعد أن واجهت الحكومة تلك الهبة بعقل جنوني لا يفرق بين الحق والباطل، سرعان ما استدارات أذهان القيادات الحكومية لمغازلة الحركات المُسلحة بأنها تجدد الدعوة لهم للحوار والمشاركة في صناعة السلام والبناء الدستوري.
لكنها- أي الحكومة- لم تصبر طويلاً على هذه الدعوة عندما استدركت أن الحركات المسلحة لم تعد تطرب كثيراً لهذه النداءات، ولهذا أعلنت عن عمليات الصيف الساخن بغية القضاء على الحركات المسلحة. لكن المفاجأة أن إعلان الحكومة للصيف الساخن هو ما يُحفز الحركات المسلحة الآن للمُضي في الحروب والنشاط العسكري السالب في كثير من المدن.
النتيجة أن الأزمات الإنسانية في تلك المناطق التي أصبحت محطات سجال بين الحكومة والحركات المسلحة تتضاعف وتتفاقم ولا أحد يعلم مدى حجم الأوضاع الكارثية التي تنتظر الناس في قارعة طريق الحياة القادمة.
وفي ظل آثار سالبة لدوران طاحونة الحرب في الأطراف وتصاعد دويها وضجيجها عبر أثير الفضاء المفتوح تطل أزمة الخبز بوجه عبوس وكالح في مرايا المشهد السوداني وتتخذ من العاصمة العصية على المتمردين مسرحاً مُزخرفاً لعرض مسرحية هزيلة عنوانها تناثر الدقيق ما بين الوكلاء وأصحاب المخابز و ما بين تصريحات الحكومة وصفوف المواطنيين الطويلة أمام المخابز. وهكذا يكتب أهل النظام الحاكم مصائر الناس في ألواح التاريخ الراهن يدفعوها إلى مزالق العبث ولتصبح النجوى التي بداخل الصدور هي الاستيعاذ من قهر الخبز وفرط الخبائث في كل لحظة يعتزم فيها الناس قضاء حاجاتهم اليومية لزوم العيش والبقاء.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..