ما بين غناء النعام آدم.. وريش النعام الجنوبي؟

ما بين غناء النعام آدم.. وريش النعام الجنوبي؟
محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]
لطالما كنت معجبا بالشاب الظريف ابراهيم دينق ..كانسان في المقام الأول وكفنان مجيد بطبيعة الحال ..فهو يشدك حينما يقف عازفا للطنبور كأهل السافل ، ويغطي نصفه الأسفل بتنورة القش اعتزازا بأصله الجنوبي ويغرس في شعر رأسه الطروب ريش نعام الغابة ويتدلى من عنقه النحيل عقد السكسك الملون ، ثم يصدح من خلفه الكورس من ابناء الشمال بالجلاليب وتشتعل الصفقة في أكفهم بصدق وحماس وانفعال مثلما يفعلون مع عثمان اليمني أو محمد كرم الله !
فيما هو تخرج أغاني النعام آدم من بين فجوة فكه السفلى في حلاوة وجمال لاتضاهيهما الا ملاحة أسنانه العليا المتباعدة وهي تبتسم في ذلك الوقت للغد المشرق في سودان موحد ،كان وكنا نراه ماثلا .. !
وقتها لم يفكر أحد بامكانية تبدد حلم ابراهيم دينق الذي حمل لنفسه اسما من أهله الشماليين الذين تربى في حضنهم الدافيء واحتفظ باسم بيئته الثاني تأكيدا على تمسكه بها ، مثلما تغنى بلهجة النعام آدم وأجادها ، وحافظ على ريش النعام الجنوبي في زينته الأصيلة !
لست أدرى اين حطت مراكب الفرقة بابراهيم الآن ..ولكنه خطر ببالي وأنا أطالع قضية الشاب الذي يتوقف مصيره على حكم المحكمة ، حيال نفى النسب التي تقدمت به أرملة أحضرته و تبنته مع زوجها وهو طفل من الجنوب وتربى في كنفهما لتكتشف حسبما أدعت ، بعد وفاة الزوج ان الشاب الذي عاش معهما سبعة وعشرين عاما مسجل بواسطة زوجها كأبن شرعي لهما وحاصل على الجنسية السودانية بناء على ذلك!
طبعا وفقا لأحكام الشرع الاسلامي فيما يتعلق بالتبني لايجوز أن يحمل الشاب اسم الابوين الذين ربياه ، و بصورة رسمية وموثقة ، فذلك أمر يدخل في تعقيدات النسب البايولجي و التركات والميراث ..ويخلق من المشاكل في الأسرة ما يخلق ، ولكن أيضا للمسألة بعدها الانساني والاجتماعي والعاطفي الذي لا يتناقض مع أصول الشرع لو أن المتبني الراحل قد سّجل الشاب باسم والديه الشرعيين ان كانا معروفين لديه أو اعطائه اسما يعود لأصوله القبلية مثلما فعل ابراهيم دينق الجنوبي بالميلاد و الشايقي بالتبني كما كان يصف نفسه بخفة دمه الأنيقة !
وهذا لن يتناقض مع حصوله على الجنسية السودانيةعلى الأقل حتى ذلك الوقت !
وربما في هذه الحالة و هو اجتهاد من الوجهة الذاتية ليس الا ، أترك النظر الشرعي فيه لأهل العلم ، فكان من الممكن تكملة كل ذلك الجميل من الأب بان يوصي ان كان في مقدرته ذلك من حيث الأملاك بشيء من ماله أو حلاله من الأنعام أو العقارات في حياته للشاب وهو أقل ما يستحقه في بنوته التي يبدو أنهم كانوا يعتزون بها على مختلف أطرافهم !
الكثير من المشاكل المماثلة برزت في مجتمعينا الشمالي والجنوبي بعد كارثة الانفصال ، ولن تقف في هذا الحد بالتأكيد ، فالالاف مثل ابراهيم دينق وذلك الشاب المعلق امره على ميزان القضاء وعدالة الشرع ، سيظهرون ضحايا لهذا الفصام الشائن ، ومئات من أمثال موسس الجنوبي اسما وهوى وتربية وحنوا والشمالي سحنة ليس الا .!
.وكلها حالات تمد لسانها لانفصال الجغرافيا الزائل باذنه تعالى ، وتؤكد تأصل تداخل الديمغرافيا الأزلي.
ولكن جمعيها حالات بالتأكيد ..تلعن في سرها واعلانها من كانوا سببا في ذلك الشتات وتلك المآسي التي يدفع ثمنها المغلوبون ، ويحصده الفاعلون..!
هناك حالات لا تحصى ولا تعد لأطفال جنوبيين جلبهم شماليون وتربوا في الشمال ولم يأخذوا نسب أو ميراث أو غيره بل ألقي بهم في المزارع أو كمائن الطوب أو خدم في البيوت أو رعاة خلف قطعان الماشية, هناك آلاف من هؤلاء وان كان العقل الجمعي الشمالي يصمت عن هذا الأمر في تواطؤ على الكذب فريد, وهذا الأمر هو الذي أشار إليه مفاوضو الحركة الشعبية وسموه ب(المستعبدين الجنوبيين في الشمال) ورغم التسمية القاسية الا انها لا تبعد كثيراً عن الحقيقة, ومفاوضو الشمال يعرفون حقيقة وجود مثل هذا الأمر وان كان يصعب تحديد التفاصيل بسبب تكتم من جلبوا هؤلاء الأطفال, ومعظم الجالبين هم ضباط جيش, وأنا أعرف حالة بلغ فيها المجلوب قرابة 50 عاماً ولم يتزوج أو يمتلك شيئاً يخصه حتى ولو عنقريب قديم بل ظل طيلة هذه السنوات ومنذ أن كان طفلاً دون الثامنة يكدح ليل نهار في مزرعة جالبه الضابط بسلاح الاشارة مقابل وجبتين في اليوم والمبيت بغرفة حقيرة بها سرير ومرتبة وبطانية قديمة, لم يفكر جالبه حتى في تزويجه. من ينكرون هذا الأمر ستصدمهم الحقيقة اذا بذل أقل جهد في الدراسة وعرض الحالات بصدق.
اقتباس
.فهو يشدك حينما يقف عازفا للطنبور كأهل السافل ، ويغطي نصفه الأسفل بتنورة القش اعتزازا بأصله الجنوبي ويغرس في شعر رأسه الطروب ريش نعام الغابة ويتدلى من عنقه النحيل عقد السكسك الملون ، انت جميل يابزقاوى
ذكرتنى طرفة بان احد الاصدقاء اشترى ديك بعشرة جنيه من باقان وقام باع ليهو ريش الديك نفسه بعشرين جنيه