الحاضنة الثورية لاستعادة و انتصار الثورة

د. محمد عبد الرحمن يحيى
لا تفاوض لا شراكة لا شرعية ،،، لا حياد عن النضال و تعيش الثورة السلمية.
لقد كتبت سابقاً عن صراع القديم و الجديد و عن ضرورة استبدال القديم بالجديد لأن القديم لا يتجاوب مع متطلبات الحاضر و إنما كان يتجاوب مع متطلبات وقته فقط ، و عن طابع الاختلاف و الصراع التناحري الإقصائي بين مكونات الحاضنة الثورية القديمة في المواقف و الأهداف الثورية و بنود البرنامج الوطني الانتقالي ، بعد الوصول إلى أول خطوة لبناء الوطن المتعثر و هي اسقاط النظام ، و نتج عن هذا الصراع اختطاف الحاضنة الثورية القديمة و نتج عن الاختطاف فرض الحاضنة المختطفة و حكومتها لمواقف و برامج ملتفة و مصادمة لتطلعات الجماهير و متطلبات المرحلة الوطنية ، و قد عرقل هذا الاختطاف خطوات الوحدة الوطنية الثورية و عقد أكثر من انتصار الثورة ، و ختمت بأنه لانتصار الثورة علينا التغلب على العقبات بجهود مشتركة من (الجماهير و القوى الثورية) لتذليل التحديات و لإيجاد حاضنة ثورية تجسد ركيزة و أداة الثورة و تكون مبنية على دراسة الواقع و تلبية متطلباته و على نقد القديم.
و اليوم نحن في عملية بناء الحاضنة الثورية الجديدة نواجه تحديات عديدة ، منها التفريق بين (القوى الثورية و القوى الرافضة للانقلاب) ، حيث أن القوى الرافضة للانقلاب كانت سبب في (الصراع التناحري) و هي المتهمة (باختطاف الثورة) و هندسة مشروع الهبوط الناعم و الشراكة مع العسكر القائمة على تقاسم السلطة و ليس على مصالح الثورة و الشعب كما روجت لها من قبل ، و أيضاً كانت تدعم العسكر و تصف العلاقة معهم بالمتناغمة و المنسجمة و كانت جزء من الفشل الاقتصادي ، يضاف إلى ذلك ان القوى الرافضة للانقلاب (قوى الهبوط الناعم) لم تقدم نقداً ذاتياً واضحاً يكشف و يوضح الأخطاء النظرية و التطبيقية في المراحل السابقة بل قدمت (تبريرات لأخطاء قاتلة) ، لذلك هناك اجماع من الجماهير على أن قوى الهبوط الناعم هذه ليست جديرة بالثقة لتؤتمن على الوطن و ستقبل بالتسوية مرة أخرى لأنها تجد مصالحها في التسوية ، و ستخون الوطن مرة أخرى و ستكون على استعداد لتدمير أي قوى لا تناصر التسوية.
إن من التحديات و من عوامل نجاح عملية استعادة الثورة و استكمال مهامها عامل (وحدة القوى الثورية) حيث أن شعار الثورة الأصيل (حرية ، سلام ، عدالة) استطاع أن يصنع لنا (البرنامج الثوري – اعلان الحرية و التغيير) و الذي عمل بدوره في (توحيد العناصر المكونة للحاضنة الثورية القديمة و العمليات النضالية الملازمة للحاضنة في سبيل تحقيق البرنامج الثوري) ، أما شعار المرحل الحالية من الثورة (لا تفاوض ، لا شراكة ، لا شرعية) لم يكون (وحدة عناصر تعمل على تحقيق هذا الشعار في برنامج محدد) ، و رغم عدم توحد القوى الثورية في برنامج محدد إلا أنها لم تحيد عن النضال بل مستمرة و لكن بشكل متفرق أو بتنسيق في ما بينها في واقع شبه عفوي و ليس في واقع الضرورية.
إن توحد القوى الثورية هو ما أعطى الثورة الإمكانية لأن تنجح في تحقيق منجزات عديدة ، و يكمن ذلك في استيعاب الثورة للتعدد و التنوع القومي و الطبقي و بتنظيم و ترتيب للعمليات النضالية بأساليب توزيع متقنة الشكل ، تكمن في (القيادة الذاتية و الأفقية) لعناصر و مكونات البرنامج الثوري المتعددة و المتنوعة هذه بالحاضنة الثورية ، لذلك على القوى الثورية التي تمثل جماهير الثورة أن تعمل بنشاط واعي على تقديم طرح أفقي لبرنامج ثوري و يكون استجابة و نتيجة لمتطلبات المرحلة و خارطة للثورة تحت شعار (لا تفاوض لا شراكة لا شرعية) و أن يمثل ذلك البرنامج (الحد الأدنى) للتحالف الجديد للحاضنة الثورية ، و وجود البرنامج الجديد هذا يعنى استكمال الثورة بثورة داخل الثورة.
إن الحد الأدنى هو تحالف مكون من عناصر و مجموعات تتفق على تطلعات تلتقي فيها مصالحهم و هو الأساس الذي يتم عليه بناء الحاضنة الثورية الجديدة ، لكن في نفس الوقت إن الخوف من تكرار الفشل تحدي أخر إذ أنه قد يتشكل اختلاف في حقوق التمثيل و المشاركة في الفعل الثوري بسبب تعدد المستويات و الفئات الثورية ، و كان ذلك سبب الصراع الاقصائي في الحاضنة الثورية القديمة ، حيث أن القوى السياسية في الحاضنة القديمة قامت بتهميش القوى الشعبية و المطلبية و الطلابية و منظمات المجتمع المدني و غيرها من المكونات التي كانت جزء من الثورة و حرمتها من القيام بدورها و واجبها في المرحلة الانتقالية ، و كانت الأغلوطة في ذلك أن هذه الفئات ليس لها خبرة في قيادة المرحلة الانتقالية و أن هذا هو دور الاحزاب السياسية ، لذلك لابد من وجود ضمانات في حقوق التمثيل الثوري بالقيادة الأفقية لنجاح البرنامج الثوري و لبناء الحاضنة الثورية و انتصار الثورة ، لذلك لابد من أن يكون الجديد ناتج من نقد القديم ، لأن نعي للأخطاء السابقة و نتجاوز اخر تحدي و هو الخوف من تكرار الفشل.
من أجل مصلحة الوطن و انتصاره ۲.