أخبار السودان

فصل الحزب عن الدولة

عادل إبراهيم حمد

ظلت القوى المعارضة في السودان تشكو من التمييز الإيجابي الذي يحظى به حزب المؤتمر الوطني الحاكم وتصفه بأنه حزب سلطوي يستمد قوته من موارد الدولة، ولو بقي حزباً شعبياً كغيره من الأحزاب ينافس بموارده الخاصة لما بقي في السلطة هذه المدة الطويلة، لكن المفارقة أن المطالبة بفصل الحزب عن الدولة قد امتدت لتشمل بعض قادة العمل التنفيذي في الدولة الذين بدؤوا يشكون من عبء الحزب عليهم، بل إن بعضهم قد شرع بالفعل في التخلص من أعباء الحزب وانصرفوا لمهامهم التنفيذية فحققوا إنجازات نالوا بها رضا الجماهير كما حدث لوالي ولاية الجزيرة محمد طاهر ايلا. هذا المثال بعث نقاشاً وتساؤلات عما إذا كانت رؤية بعض الحاكمين قد التقت مع رؤية المعارضين وعبّر البعض عن عجبهم من حرص السلطة على (تدليل) الحزب، متسائلين إن كان الحزب قد أصبح غاية في ذاته وبقرة مقدسة لا تمس ولو جف ضرعها وهي تأكل الأخضر واليابس.
قطعاً لا تتطابق رؤية والي ولاية الجزيرة مع رؤية المعارضين، فهو كرئيس للحزب -بحكم موقعه في الولاية- لا يستغني عن الحزب لكنه ضبط الجرعة السياسية، دفعه لذلك ملاحظته للترهل التنظيمي وما يتبعه من ارتفاع في الصرف المالي. على حساب إنجازات في الخدمات الضرورية، فقد استمرأ ساسة الحزب الحملات التعبوية واللقاءات الجماهيرية التي لا تكلفهم غير كتابة شعارات منمقة وهتافات داوية تتلاشى فور انتهاء الفعالية. وظل الحزب ينتقل من مؤتمر قاعدي إلى مؤتمر تنشيطي ثم إلى آخر للقطاعات. ويتخلل ذلك لقاءات تعبوية ومهرجانات واجتماعات، حتى أصبحت للحزب حاشية تتكسب من هذا الوضع فأبقت عليه ودافعت عنه، لكن الوالي الجديد أدرك بحس سياسي سليم إمكانية تحقيق إنجازات بلا موارد إضافية، وذلك بترشيد الصرف الضائع في نشاط سياسي وهمي.
ظل الانكباب على العمل السياسي المكثف ذريعة يتهرب بها ولاة من القضايا الكبيرة، إما مداراة للعجز أو مدخلاً للفساد، فكان الحزب وشعاراته ومهرجاناته مهرباً كبيراً. أما المهرب السياسي الآخر فهو ما عرف بالجهاد. وقد عرف في ولاية الجزيرة بالتحديد والٍ شديد الحرص على لقب (المجاهد). وكان يعتبر اشتعال معركة عسكرية ضد أي فصيل متمرد في أية بقعة في السودان فرصة للمهرب فيترك ولايته بزعم أنه يسد ثغرة جهادية، رغم أن الأمر عسكري بحت وله رجاله من العسكريين المحترفين.
فهل تدفع تجربة والي الجزيرة الجديد ولاة الأمر في الخرطوم للتخلص من وهم الحزب الرائد؟

العرب

تعليق واحد

  1. ليست هناك دولة ولا حزب حاكم .الواقع هناك دكتاتور يملك الدولة العسكرية ومجموعة من الاخوان المسلمين الذين شكلوا عصابات متخصصة تحت كيان سياسي فاشستي .

  2. ليست هناك دولة ولا حزب حاكم .الواقع هناك دكتاتور يملك الدولة العسكرية ومجموعة من الاخوان المسلمين الذين شكلوا عصابات متخصصة تحت كيان سياسي فاشستي .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..