مقالات وآراء سياسية

ماذا ستفعل الحركات المسلّحة اذا انسحب الجيش إلي الثكنات؟

إبراهيم سليمان

 

الذين يختارون التموضع في المناطق الرمادية، ويتخذون الحالة الزئبقية التي لا يمكن الإمساك بها، بلا شك سيجدون انفسهم في وضع لا يحسدون عليه، متي ما حوصروا وضيّق عليهم الخناق، وغالبا ما يهربون إلي الأمام، ومن يطلق ساقيه لرياح السياسة فلن يتوقف أبدا، ويظل يبحث عن مشجب ليعّلق عليه خيباته، ويتكل عليه تقلباته، حتي يصبح أضحوكة، يخر صريعا في الحلبة السياسية، ولن يقوم له قائمة إلي الأبد .
هم يعلمون كجوع بطونهم، أنّ الحكم المدني الديمقراطي، يرتكز علي الصناديق الانتخابية، وليس علي صناديق الذخيرة، وأنّ القيادة والريادة تقومان علي الصدق والشفافية وليست علي “الدغمسة” والتدليس، وأنّ العدالة بالقانون وليست “بالبونية، وأم دلدوم” .
يدعون أنّ قواتهم جيوشا وليست مليشيات، وما علمنا أنّ قواتا مسلحة ترتكز علي القبلية والجهوية، وتتخذ المظالم والمطالب الجهوية درقة لإشباع جوع السلطة لقياداتها، تسمى جيوشا، فماذا هم فاعلون إن قرر الجيش “سيد الاسم” الخروج من الساحة السياسية؟ لا نستغرب أن يدعوا انهم قوات خاصة، شرعيتها ومهامها محدودة في اتفاق جوبا للسلام، وهو اتفاق سياسي بالدرجة الأولى بالطبع!.
وبعدما قايضت الحركات المسلحة مظالم جهوياتهم بالسلطة والجاه، وانفصموا عن حواضنهم الاجتماعية، اصبحوا عراة في الساحة السياسية، وبلا شك سيصبحون حفاة في بلاط الدولة المدنية المرتقبة، إذا باتوا يتخبطون في تحالفات مؤقتة لا يلوون علي شيء؟ .
وكما يقول المثثل حبل الكذب قصير، وقد كذبوا كذبا بواحا علي حواضنهم الاجتماعية، وطعنوا ثورة ديسمبر المجيدة طعنة نجلاء في الظهر، حين حرّضوا على الانقلاب وساندوه، تقتيلا وسحلا للشباب الأبرياء، ووفروا ملاذات آمنة للقتلة والمجرمين، وصافحوا الأيادي الآثمة المضخمة بدماء أهليهم، فأنى لهم التمّسح بمسوح الدولة المدنية، وادعاء الإيمان بالحكم الديمقراطي؟ .
نتصور، لبناء جيش وطني موحد، فإنّ برنامج الدمج والترتيبات الأمنية ضمن نصوص أي اتفاق سلام جاد، يقتضي استقالة قوات الحركات المسلحة من كياناتها، والانسلاخ عن عقيدتها “الثورية” واعتناق العقيدة الوطنية الخالصة تحت أداء القسم، وأيّ إجراء غير هذا بلا شك سيكون هزليا وليس جادا، وبمثل هذه الخطوات الضرورية، نتوقع انصياع قوات الحركات المسلحة، لتعليمات “إلي الخلف دور، وإلي  الثكنات تحرك”، متى ما انسحب الجيش من الساحة السياسية.
وليس أمام قيادات الحركات المسلحة غير هذا، فقد حرقوا جميع مراكبهم، وكسّروا مجاديفهم حين تخلوا عن حواضنهم، وغدروا بثوار ديسمبر المجيدة، ليس أمامهم خيار غير مفارقة العمل المسلح وتأسيس تنظيمات سياسية مدنية ، تحتكم لصناديق الانتخابات وليس إلي فوهة الرشاشات، وعليهم أن يكونوا لطفاء من الحكومة المدنية، إن أرادوا الاستمرار في الرضاعة من ثدي الدولة المدرار، وعدم التفكير مطلقا في اللعب بالنار.
المشكلة، إن انسحب الجيش من المشهد السياسي، مع الإبقاء علي وضعية قوات الحركات المسلحة علي ما هي عليها، لا هي قوات نظاميه ولا هي مليشيات جهويه وقبلية! نكايةً في الحكومة المدنية المرتقبة.
لا شك أنّ المطلب الثوري  “الجيش للثكنات” يزعجهم، و”الجنجويد ينحل” يرعبهم، وهم لا يفكرون فيما سيفعل بهم الثوار، عندما يدحروا انقلاب 25 أكتوبر، لذا نرى بعض قيادات الحركات المسّلحة يحاولون إيجاد موطئ قدم وسط المكونات المناهضة لحكم العسكر، وتقديم الرشاء للإبقاء على قدسية اتفاق جوبا للسلام، وفي ذات الوقت يناهضون لجان المقاومة ذات الطرح  الثوري الراديكالي.
وضع حركات اتفاق جوبا المحتضر، سيكون في غاية الحرج، إن استطاعت الحكومة الانتقالية الثانية من اختراق حركتيّ عبدالواحد وعبد العزبز الحلو، إن حدث هذا بلا ادني شك أن أحجام هذه الحركات ستكون أقلّ من حبات السمسم.

[email protected]

‫7 تعليقات

    1. بسم الله الرحمن الرحيم..
      جيش واحد شعب واحد…
      ============
      بدأت بالجيش لانه لو ما الجيش لما كان الشعب ولو ما الشعب لما كان الجيش فكلاهما مكمل للآخر الا ان الجيش يأتي على مقدمة الشعب فهو حامي البلاد باكملها بما فيها الشعب والأرض والعرض فلو تعرضت البلاد لغزو خارجي لا سمح الله قولوا لي بربكم من الذي سيتصدي لهذا الغزو هل الشعب الاعزل ام الجيش الذي بيده ما يحمي به نفسه والبلاد والعباد والجيش السوداني الذي شهدت له ولشجاعته اعتي جيوش العالم كان يجب أن يكون مساندا ومؤاذرا من شعبه لا العكس…ولا تنسوا مقولة اعتى قادة جيوش الحروب العالمية _لوكان لي جيش مثل هذا الجيش السوداني وعتاد وآلة حربية مثل العتاد الألماني لهزمت كل جيوش العالم_.فيا شعبي السوداني العظيم الذي اطاح باعتى حكومات الدول الأفريقية لا تكون افكاركم مربوطة تحت اقدامكم كافكار(قحت) الذين لا هم لهم ولا تخطيط لهم إلا في كيفية تنظيم وترتيب المسيرات والمظاهرات التي ازهقت الكثيرين من شباب ثوار الثورة.
      ليتكم عدتم إلى رشدكم وتعلمتم كيف يتم التخطيط للإنتاج ولقيادة هؤلاء الشباب لانتاج غذاء العالم كله في بلد فيها من الامكانيات ما يستطيعون به سيادة العالم كله في هذه الظروف التي سينعدم في دوله كل شيء قريبا الا في السودان اذا استغلت إمكانياته بأيدي شبابه بدلا من هذه المسيرات الهوجاء التي لا تفضي إلى شيء..
      والله من وراء القصد وبالله التوفيق…!!!
      ولنا عودة
      ابواحمد.. جدة
      ٠٥٠٨٦٨٩٢٨٣٤

  1. إنت شكلك الكبسة لعبت بدماغك، كاتب بيان خارم بارم كأنك الناطق الرسمي للجيش، إنت عايش في كوكب تاني ما حاسب بالمعاناة والضنك والحسرة والخزلان، خليك مع الكبسة والمراعى حقتك لأنه مخك ما حيتقبل شرح، دة لو كنت حفيقي في السعودية وليس واخد من إياهمً

  2. الاسمك خلف اللة انت فضحت نفسك وتاكد انك تابع لحركات الارتزاق وصوط العنج وقع علي رويسك الفاضي

  3. عن أي جيش تتكلم يا أبو احمد جيش ما قادر يضط نفسو ولا وقف عبث الحركات الثورية والجنجويد وشغال يقتل في شعبوا ولم يوفر الامن والحماية للمواطنين و80% من شركات الجيش والامن خارج نظام وزارة المالية ويتم تهريب ذهب السودان عبر المطار على عينك أين الجيش؟ واين انت يا أبو احمد من كل الذي يحصل في السودان . شغال تمجيد في الجيش يا عدالة القصص ! .

  4. This is a very good analysis, by Ustaz Ebrahim Sulaiman, for what is going on in the geo-politics of Sudan. The so-called Armed Movements betrayed the great December Revolution and tied themselves with the Armed Forces. The logical solution for them is to go with the Armed Forces, if the latter decided to leave the political arena, especially after losing their credibility at their bases. The Armed Movements burned themselves and got things wrong, this is their end.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..