
يومها لو تذكرون..
كانت رسالة واضحة وصريحة موجهة في المقام الأول للقيادات العليا التي كانت تتربع على قيادة الجيش السوداني ورئاسة اركانه..
صرخ بها الشعب السوداني أمام مرأى ومسمع شعوب العالم يوم ان خرج ثائرا وغاضبا على النظام السابق رافعا شعاره المقدس الذي كتبه بلون الدم
..تسقط وبس..
والثورة خيار الشعب
مؤكدا خروجه سلميا بالملايين على وجوب وفرض اسقاط النظام ومحاكمة قادته ورموزه حتى ولو كان الثمن مكلفا وغاليا أنهرا من الدماء تسيل من اجساد ابنائه الطاهرة التواقين للحرية والخلاص والانعتاق من عصابة مجرمة وقاتلة وفاسدة.
كانت رسالة شفهية واضحة لقادة الجيش ان يغادروا خندق النظام السابق ويقفوا في صف الشعب انحيازا لارادته ولعدالة مطالبه واهدافه.
لانه شعب اثبت من خلال ثورته السلمية الحضارية انه قوي وقادر على مواصلة النضال والكفاح .
عيبه انه كان يدمن المبالغة في حب جيشه الوطني القومي متخطيا بمشاعره عن عمد الحواجز التي بناها النظام وغافلا بعاطفته القوية عن تلك الآثار السالبة خلال الثلاثين عاما من عمر نظام الإنقاذ التي غشت والقت بظلالها دون استثناء على كل الاجهزة الامنية والشرطية والعسكرية وغيرت من ملامحها وفي مقدمتها الجيش السوداني..
ففي “دواخل عقول وقلوب ثواره وكنداكاته” كان يكمن فهم عميق وموروث وتتربع قاعدة ثابته في الفهم ان الجيوش حسب تكوينها الصلب والمتنوع والمتلاحم من كل ابناء الشعب وحسب منهجها وسلوكها القومي وبنيتها القوية لن تتردد كثيرا ولن تقف مكتوفة الايدي ان رأت الملايين من ابناء الشعب “تتضارى” خلفها وتستنجد بها من سياط الظلم والاضطهاد والاعتقال والتعذيب والذل والسحل والقتل في الشوارع والساحات وداخل البيوت بدم بارد..!!
كانت نداءات ممزوجة بصوت الحرية شدى وصدح بها الثوااار الاحرار وتغنت بها الكنداكات في ساحة اعتصام القيادة امام انظار العالم اجمع أوصلها ابناء الشعب السوداني لمسامع كل العسكريين يوم ان توجهو نحو اسوار وبوابات القيادة العامة للجيش السوداني واعتصموا وتمترسوا امامهم للاحتماء بجيشهم الوطني القومي كملاذ آمن لهم ودرع واقي من هجمات اجهزة أمن النظام السابق وكتائبه..
كل ذلك الإعتصام والزحف الشعبي والصلاة والدعاء والغناء والاناشيد والاهازيج والمعارض والجداريات واللوحات الوطنية بالقرب من أسوار وبوابات القيادة كانت مقدمات افراح من أجل ان يلتحم الجيش الوطني بالشعب ويكتمل الإنتصار الى ان داهمتهم يد الغدر وذئاب الظلام وسط صراخ النساء وحدث ما حدث من تراجيديا محزنة في ليلة فض اعتصام القيادة من مجازر ومآسي واغتصاب امام بوابات القيادة وراح الشهداء الابرياء وذهبت الارواح البريئة امام متاريسها وأختفى الكثير منهم ولم يعرف لهم مكان من دون ان يهب لنجدتهم احد من الجوار العسكري الذي اوصد ابوابه.
راح الشهداء في تلك الليلة ورشح الدم على جدران اسوار القيادة الصامته ورسم لوحه قاتمة لن تزول من النفوس ومن وقتها والى الان لم تتوصل اللجان المختصة في ملاحقة المتهمين للقتلة والجناة كأنما الجناة قطاع طرق هبطوا من كوكب آخر ولم تضبطهم كاميرات القيادة او الشوارع ..!!.
إذن !! اين المشكلة والخلل واين يكمن العيب حدثونا !!.
أعرفتم خلفية سبب هجوم وتلسن بعض ابناء الشعب السوداني على قيادات جيشه القومي؟!!.
هل تستطيعون هدم الجدار النفسي العميق الذي اوجدته وبنته في النفوس مشاهد الذكرى الأليمة والمحزنة لحادثة مجزرة القيادة والذي فصل خيط تلك الثقة والمودة التي كانت قائمة بينكم والشعب وخيم بظلاله على قلب كل ام شهيد وثائر ووطني وحتى مواطن عادي؟!..
برير القريش
[email protected]
[email protected]
جميل