خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمداً كثيراً لا نحمد أحداً سواه ونشكره شكراً لا نشكر أحدا غيرَه ونشهد أنه الله، دلنا على بعض مقومات الفلاح فقال عز من قائل: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ). ونشهد أن سيدنا محمدا عبدُ الله ورسوله سُئِلَ عن أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ فَقَالَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عن أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّارَ فقَالَ الْأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ.
يقول الله تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55]، ويقول تعالى أيضاً: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان:72] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون)، يقول الترمذي رحمه الله تعالى: والثرثار: كثير الكلام، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)، وقال النبي صلوات الله وسلامه عليه كذلك: (وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم)، ويقول صلوات الله وسلامه عليه: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)
عباد الله:
إن على المسلم أن يقلل الكلام قدر الاستطاعة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صمت نجا)، فلتعلموا أيها الناس أن الكلمات تسطر، وأن الكلمات تكتب، قال الله تبارك وتعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] أي قول يسطر ويكتب
أيها المسلمين:
إن كثرة الكلام تذهب الوقار، وقلة الكلام تدعو إلى الاهتمام بكلامك والاستماع إليه، وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعظ الناس كل خميس، فقال له قائل: يا أبا عبد الرحمن ! وددت أنك حدثتنا كل يوم، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: (إني أكره أن أملكم، وإنما أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهية السآمة علينا)، هذا وقد قال الله تبارك وتعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:114] أيها المسلمين:
لقد كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يتكلم كلاماً لو عده العاد لأحصاه، فكانت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم كلمات معدودة لو تتبعها الذي يعدها لأحصاها من فِي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينبغي أن نقلل الكلام قدر الاستطاعة لما سمعناه من أمر لله وأمر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكثرة الكلام كما بينا يكرهها الله تبارك وتعالى؛ إذ الله عز وجل يكره لنا القيل والقال، وكثرة الكلام التي بها يعد الشخص من الثرثارين، وتبعدنا عن مجلس نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وأصلح اللهم أحوالنا في الأمور كلها وبلغنا بما يرضيك آمالنا واختم اللهم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راضٍ عنا، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مباركاً مرحوماً وتفرقنا من كل شر معصوماً ربنا لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا مريضاً إلا شفيته ولا ميتاً إلا رحمته ولا طالباً أمراً من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته.. اللهم وحد كلمة المسلمين واجمع شملهم واجعلهم يداً واحدة على من سواهم وانصر اللهم المسلمين واخذل الكفرة المشركين أعداءك أعداء الدين اللهم إنا نسألك لولاة أمورنا الصلاح والسداد اللهم كن لهم عوناً وخذ بأيديهم إلى الحق والصواب والسداد والرشاد ووفقهم للعمل لما فيه رضاك وما فيه صالح العباد والبلاد، اللهم إنا نسألك لبلدنا هذا اللهم اجعله بلدا آمناً وارزقه من كل الخيرات وجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن وألف اللهم ما بين قلوبنا وبين قلوب أبناء هذا الوطن واجعلهم اللهم يا ربنا باسمك متحابين وعلى نصرة دينك متعاونين اللهم إنا نستعيذ بك من شر ما خلقت ومن كل عين حاسد ونسألك اللهم التوفيق والسداد والهداية والرشاد وحسن العقبى وحسن الميعاد. اللهم أسبغ علينا نعمتك وعلى جميع المسلمين واملأ اللهم قلوبنا بالإيمان والقناعة والزم جوارحنا العبادة والطاعة. واغفر اللهم لنا ولوالدنا ولإخواننا وأشياخنا ولجميع من سبقنا بالإيمان وآتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً وآتنا ربنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين.. وأقم الصلاة
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..