عُري شديد

«المتغطي بأمريكا عريان» عبارة أوردها الرئيس البشير في خطابه الأخير أمام حشود غفيرة من الدفاع الشعبي، وذلك في سياق هجوم واضح اطلقه الرئيس على السياسة الأمريكية تجاه السودان، وهو أمر يكشف أن الحوار السوداني الأمريكي الذي قطع فيه وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد شوطاً كبيراً مع الجانب الامريكي لم يتقدم قيد أنملة?
وبإلقاء نظرة شاملة تأخذ في الاعتبار حالة اليأس التي تبدو على الخرطوم إزاء تعاطي الإدارة الأمريكية مع ملف الإرهاب في السودان، يدرك المراقب السياسي أن الحكومة السودانية وصلت «الميس» أو هكذا يجب أن يكون الحال، خاصة وهي ليست المرة الأولى التي تشعر فيها بخيبة الأمل حيال المواقف الأمريكية معها، وفي كل مرة تكون ردة الفعل عنيفة لدى الخرطوم ومعبرة عن حالة غضب ويأس واحباط تجاه واشنطون?
الصفعات التي وجهتها واشنطون للخرطوم من لدن الرئيس الأمريكي الاسبق بيل كلينتون، وحتى ترامب متساوية من حيث القوة والتأثير غير ان الخرطوم تبدو أمام هذه الصفعات وكأنها بلا ذاكرة فكلما صفعتها على خدها الأيمن هاجت وجاءت ردة فعلها غاضبة ، ولكن لا تلبث إلا قليلاً حتى تنسى ما حدث وتدير خدها الأيسر استعداداً لتلقي الضربة الثانية..
أمريكا استغلت لهث الخرطوم خلف التطبيع ورفع العقوبات وشطب اسم السودان من قائمة الارهاب لذلك تعاملت معها على نحو يشبه الابتزاز، وكلما قدمت الخرطوم تنازلات لاحقتها بقائمة جديدة من المطلوبات? ففي عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتهديدات بوش الشهيرة : (من ليس معنا فهو ضدنا) ..سارعت الخرطوم نحو التعاون المطلق مع واشنطون، وقدمت خدماتها بشكل أدهش وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول الذي عبر عن دهشته تلك، وأشار إلى أن الخرطوم تعاونت معهم بأكثر مما توقعوه، وكانت الإدارة الأمريكية تتحدث في ذلك الوقت عن حوافز للخرطوم وبناء أكبر سفارة بأفريقيا والشرق الأوسط بالخرطوم وتطبيع العلاقات ،ورفع العقوبات وشطب اسم السودان من قائمة الإرهاب ، ولكن سرعان ما ذهبت كل تلك الوعود الأمريكية أدراج الرياح? ثم قفزت ذات الوعود مرة أخرى قبل التوقيع على اتفاقية نيفاشا، وتعهدت واشنطون بالتزاماتها السابقة إذا ما وقعت الخرطوم على الاتفاقية، ووقعت الخرطوم وقدمت كل التنازلات المطلوبة بما فيها التفريط في الجنوب ، ومع ذلك لم تقبض من الوعود إلا الريح?ثم تكرر المشهد والسيناريو في أزمة دارفور وعُرض على الحكومة السودانية التوقيع على اتفاقية أبوجا مقابل تدفق أموال المانحين وحوافز أخرى ، لكن في كل مرة كانت الخرطوم تستقبل صفعة جديدة من أمريكا والاتحاد الأوروبي بدلاً من الإيفاء بالوعود، مثل مذكرة التوقيف بحق البشير، واصدار المزيد من العقوبات، وحتى هذه اللحظة ما زالت الخرطوم تلهث خلف الوعود الأمريكية وتأتيها «اللطمة» القاتلة من ذات اليد ولم ترعوِ ولم تتعظ وكأنها تعيش بلا ذاكرة?.اللهم هذا قسمي فيما املك?
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.

الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..