علاقة شريفة..!ا

علاقة شريفة..!

منى ابو زيد

«إذا كانت الصحافة حرة وبإمكان الجميع القراءة فسوف يعم الأمان».. توماس جيفرسون!
جاء في بعض الأثَر أنّ أحد القادة المسلمين وقع يوماً في الأسر، وأمره قائد جيوش الأعداء أن يبعث إلى أمير المؤمنين بمعلومات مضللة عن خط سير العدو، وكان لهم ترجمان يطلعهم على كل ما يكتب، فما كان من القائد العربي الأسير إلاّ أن لجأ إلى التلاعب بالمفردات مستعيناً بمخزونه اللغوي الغزير..!
فكتب إلى قومه رسالة تُقرأ من اليمين إلى اليسار كما يريدها العدو، ومن اليسار إلى اليمين كما يريدها هو، ثم ختم المكتوب بجملة (اقلب أصلح الله الأمير)، وقد حسبها الترجمان الأعجمي ضرباً من الحوقلة والدعاء لولي الأمر، الذي وصله المعنى، وفهم المراد، فباغت أعداءه بالهجوم، وخلَّص صاحب الرسالة الذكية من الأسر..!
التورية البلاغية على غرار (اقلب أصلح الله الأمير)، وتغطية القصد بإظهار غيره، وتطريز المعنى السياسي القبيح بما يسمح بالفهم دون وقوع في فخ المساءلة ودون تلويث القلم بالكذب .. واستخدام ثراء اللغة لتوصيل الفكرة.. وإثارة ذهن القارئ وتحريكه نحو الهدف دونما ضجيج.. والغمز بالمعاني حمالة الوجوه، والسخرية المتلفعة بأثواب الحكايات البريئة ..إلخ.. نهج صحفي سائد في الدول النامية – أو الأقل نمواً ديمقراطياً – حيث يُضيَّق الخناق على حرية التعبير، فلا يجد الكاتب مناصاً من تنوير القارئ حيناً، وتحريضه أحياناً، بلغة يجيدها كلاهما، ولا يفهمها ترجمان الحاكم..!
وهي – على فكرة – ضرورة مرحلة تنحسر بهبوب رياح التغيير، بدليل أن معظم كُتّاب مصر الساخرون قد طلقوا السخرية ثلاثاً بعد اندلاع الثورة وانتصارها، وتفرغوا تماماً لاقتراح الخطط واجتراح الحلول بخطاب سياسي جادٍ ومباشرٍ..!
علاقة الأمن بالصحافة في بلادنا مثل علاقة رجل الشارع بقانون النظام العام!، «تدَخُّل» و»تَداخل» على مستوى النص، و»تأزُّم» و»تجاوز» على ساحات التطبيق، وهي حلقة في سلسلة أخطاء منهجية وإشكالية (سستم)، لا يكفي لحلها – فقط – أن يتغيّر القانون المنظم لمهنة لا يتحكم وحده بالفصل في نزاعاتها وشؤونها..
الحديث عن أبعاد حرية التعبير والنشر في السودان يستوجب التفكيك قبل التركيب، تفكيك تلك التدابير، من الهجمات الأمنية الوقائية قبل الطبع، إلى الضربات الاستباقية قبل النشر، إلى «اللكمات الانتقائية» بعد النشر، وعليه فقبل صياغة الآتي لابد من نقد السائد.. كما وأن النصوص القانونية المحترمة هي التي تفرض آليات تطبيقها، لابد للكلام عن حرية الصحافة إذن أن يتجه إلى «لبرلة» قانون الصحافة، و»تحديث» و»تحيين» روح التدابير الأمنية التي ما عادت تواكب عصر الصحافة الاستقصائية وثورية ويكيلكس..!
لا ينكر عاقل ضرورة المواءمة بين حماية الصالح العام وخصوصية الأفراد من جهة وعدم المساس بحرية الصحافة من جهة أخرى، لكن المذهب القمعي الذي أثبت فشله عالمياً وعربياً، لن ينجح من باب أولى عندنا، حيث تربط رجل الشارع بصحافة بلاده علاقة – عاطفية – شريفة، ومحبة عذرية متكافئة لا ولن ترضخ طويلاً لـ «عضل» ولي الأمر..

الميدان

تعليق واحد

  1. تفسيرات متداخله افقدت طرحك معناه
    اقحمتى مقالك بعدد من المواضيع المشفره وهى معلومه للكل
    لكن اقول ليك شئ نحن فى السودان ما عندنا صحافه ولا صحفيين الاخبار التى نقرأها من النت من صحف الكترونيه مثل الراكوبه خاصه تكفينا قراة الصحف السودانيه بل الصحف العربيه الاخرى لانها موسوعه شامله لكل ضروب الحياة
    انا اشاهد فى بعض الصحف مقحمه نفسها فى السياسه والقانون والحكم وبكل اسف ناسين المجتمع ومشاكل الناس
    حيث لم اجد موضوع يجذب الاخرين لم نسمع بان الصحيفه الفلانيه تحدثت عن حاله انسانيه وهى التى اكتشفتها بنفسها وووصلتها الى جهات الاختصاص ودعمتها بكل الجهود
    لكن نحن فى السودان تجد صحيفه الاب رئيس تحرير وابنه نائب رئيس تحرير والزوجه رئيس قسم واخت الزوجه مراسله واخوان الزوج محررين هل هذه صحافه ولا جمعيه اسريه وكيف تنهض الصحافه العائيليه
    اضف الى ذالك عندما يكون هنالك خبر او تحقيق صحفى له ابعاد سياسيه او اكتشاف فساد مالى وادارى
    لابد ان تكون الصحيفه ماسك زمام الامر بمستندات وادله وبراهين دامغه بدلآ توصيل رسائل ناقصه وتفتح موضوع حيوى ثم تغفله دون ان تصل به الى نهايه
    لذالك حسب ما وجدته من بعض الصحف تطرح موضوع وقبل ان يجد طريقه والناس تدعمه تجده وقف دون مبررات ودون نتائج يقف
    هل هذه صحافه انظرى الى كم الصحف اليوميه هلى تجدى فيها شئ صحيفه فيها صفحتان فقط واحده رياضه كامله واثنين اعلانات والصفحه الاولى اخبار عالميه كلها منقوله من النت والتلفزيون!!!

  2. شخصياً رغم حبي لكتاباتك لم أقرأ لك أي مقال فيه رائحة وطعم حذف أو مقص رقيب، أو مشارط أمنية قامت ببتر جزء منه أثناء التخدير. لا أتهمك أو أصنفك أو أضعك في خانة صحفيي (دعوني أعيش)، ولكني أزعم أنك صحفية مهادنة وأديبة أكثر منك سياسيةأو ناشطة تتوق إلى تغيير مجتمعها بالوسائل العنيفة. إنك (صحفية شرعية) على غرار (ابنة شرعية) للدكتور البوني الذي اختط لنفسه مسافة معقولة لرشق الحكومة تقف بين كوبر ومنزله في اللعوتة. طبعاتعبير (بت البوني) قدلا يعجبك، ولكننا نسمع يومياً أغانيك التي قام بتلحينها د.البوني.

  3. منى البوني:
    وهذه موائمة في المضمون بين بونيات اللعوتة وبعضاً مماتطرحينه. والصحافة ليست إستثناء في دولة يتبجح ولاتها بأنهم أمة “إقرأ”.. ولم تتفشى الأمية الأبجدية والجهل إلا في عهدهم. دولة يعشعش بين كل بوليس وبوليس بوليسية. دولة تجوع أطرافها بينما يتبجحون بتحرير غزة ودعم الصمود الفلسطيني. دولة يفرش فيها السباط الأحمر ل “بديع” الأخوان المسلمين وتغلق في وجه أولاد البلد “عرمان والحلو وعقار. دولة هذه يجب عليها فقط أن لاتكتب ولاتقرأ.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..