هروب..!

لا يزال حاضرا مشهد مئات السودانيين الذين اصطفوا أمام السفارة القطرية للتقدم لشغل وظائف فنية بالجيش القطري أثارت جدلا إقليميا، ذلك المشهد اختبر مدى قناعة الشارع السوداني بأن لا أمل يبدو في الأفق وإن ظل هذا الشارع يحتمل كل المواجع على المدى الطويل. أمس أعلنت وزارة العمل تسلمها 5.000 طلب للترشح لوظائف معلمين في دولة قطر، 5.000 معلم حددوا وجهتهم وقرروا مصيرهم، نحو 2.000 معلم من ال 5.000 استوفوا شروط الوظائف، لاحظوا حجم الفجوة التي ستخلفها هجرة هذه الأرقام المهولة من الكوادر، جميعنا يدرك كيف أن هجرة الأطباء خلّفت آثارا لا تزال نتائجها بين أيدينا، رغم ذلك لحقت بهجرة الأطباء هجرة أساتذة الجامعات، كل ذلك يمر مرورا عاديا، البلاد تفقد عقولها عمداً، وتمضي في اتجاه التشجيع زعما أن الهجرة تُكسب الخبرات والمهارات التي دون شك سوف ينعكس مردودها إيجابا على البلاد، لكن هل هذا يحدث في الواقع، الذي يجري الآن هو ليس هجرة إنما هروب جماعي، هروب من جحيم الأوطان بحثا عن أوطان بديلة، ليت المؤسسات المعنية تجري مسحا شاملا لا تنتقي فيه العينات، ليكن عشوائيا، لتطرح سؤالا واحدا على أي شاب وشابة (لو تم منحك فرصة هجرة، هل تعود إلى البلاد؟)- طبعاً- ليس من المنطق أن تطرح السؤال (هل تُفكر في الهجرة؟)، لأن الجميع يُفكر في الهروب أياً كان شكله- هجرة أو غيرها من الخيارات.
لم يكن في يوم من الأيام يفكر معلم في مرحلة الأساس أو الثانوي في الهجرة، اليوم يصطفون بحثا عن فرصة، وهذا يشير بلا شك أن الهجرة طالت قطاعات جديدة لم تكن في الخارطة، الآن قطاعا الصحة والتعليم الأكثر أهمية وحيوية، وما يجري في قطاع الصحة منذ سنوات يغري بالهجرة بل ويغري بترك المهنة، ويحدث- الآن- في قطاع التعليم الذي بدأ يتردى منذ سنوات وعلى مستويات عديدة لا تقتصر على ما هو بات معلوما للجميع.
إن كانت الحكومة تشجع هذا النزف، أو هي غير قادرة على الالتزام بإيجاد بيئة عمل معقولة- على الأقل- في القطاعات الحية التي لا تقبل أي نوع من التفريط فيها أو حتى مجرد المساس بها، فهي تتحمل مسؤولية كاملة عما سيكون عليه الوضع مستقبلاً، ليس هناك دولة تُشجع خروج الآلاف من كوادرها المؤهلة- مهما كانت الدواعي- لكن ما يحدث في السودان لا يحدث في دولة أخرى، غدا سوف تطال الهجرة أو الهروب قطاعات جديدة؛ لتصبح المحصلة في النهاية كما قال الزعيم عادل إمام (تصحوا الصبح ما تلقوش حد تحكموه).

التيار

تعليق واحد

  1. .. ونحن نبحث لينا عن جنسية اخرى لنريح ونرتاح .. حتى ندخل موقع الراكوبة لنقرا قصص واحاجى الاستاذ الرائع شوقى بدرى ونتابع اخر احبار حفلات صلاح نطه وطة ضرس والقونات موده ونجاة غرزه ورشا الزنجية والربع ونشووف اخر اخبار الصفراب هلالاب بدون شعار ومرمطتهم من نمور دار جعل ..

    ونتفكا من مناقرة السياسة ومطالعة صور نافع القبيح وصور نخرة الصادق وضحكة الترابى الغياظة ونظرات عمر البشير البلهاء ..

  2. الانقاذ رفعت يدها عن الخدمات الضرورية من ازل يوم بعد الانقلاب الكارثة — اضعف ميزانية يشهدها السودان للتعليم و الصحة و الرعاية الاجتماعية كذلك للتنمية و دعم القطاعات المنتجة كانت في عهد الانقاذ و علي مدى 25 سنة عجاف —مقابل ميزانيات ضخمة للحروب و للامن و الجيش و الشرطة و المليشيات الحزبية و القبلية و القصر الجمهوري و المؤتمرات العبثية — النتيجة انهيار تام لكل شئ — و اصبح الحل في الهجرة و الهروب الكبير — و سياسة التمكين كان لها اكبر الاثر في الظلم الذي وقع علي معظم العامليين في الدولة في تخطي الترقيات و البعثات الدراسية و الكورسات التاهيلية و كانت محصورة اتباع الجبهة الاسلامية مما اوغل الصدور و خروج ميئات الالوف من الصفوف طوعا او كرها .

  3. ليست دولة ، هي عصابة الانقاذ الاسلامية. اول عملها كذب على الناس و على الله و هم اصلا لا يؤمنون بالله والدليل عمائلهم في الشعب و الوطنز

  4. السؤال المحير هو أنه الآلاف البتسافر دي ما بتخلي وراها وظائف شاغرة ؟؟؟ أكيد إذا كان نصفهم عطالة فالنصف الآخر لديه وظائف وخبرات … ليه عندنا ناس عطالة وما لاقين شغل بالرغم من معدل الهجرة غير المسبوق ؟؟؟

  5. في الحقيقة هو ليس هروب … بل نفي حقيقة نفي … نفي اختيار الحكومة تمارس عليك ضغط للهروب فهي بذلك تنفيك بطريقة غير مباشرة … أقول ذلك عن تجربة … رجعت ثلاث مرات نهائيا للسودان لاستقر وأنا على يقين أن الغربة غير مجدية … لكنني أجد نفسي في نفس الدوامة … ضغوط من كل الجوانب … من الأسرة من حال البلد من الحكومة التي تدفعك دفعا للنفي … حتى أنني بدأت أظن أن الغربة هي حالة من حالات الادمان … مثلها مثل المخدرات المسكرات وغيرها من الأشياء التي يدمن عليها الإنسان …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..