مَن يؤرشف ذاكرة مدينة يغفو الفرات تحت جلدها؟

مثقفون يطالبون بانشاء متحف يؤرشف لمدينة الناصرية بعد تعرض معالمها وذاكرتها التاريخية والثقافية للمحو السريع والاندثار.

ميدل ايست أونلاين

ذي قار (العراق) – من حيدر قاسم الحجامي

طالب ناشطون ومثقفون واعلاميون في محافظة ذي قار مركز مدينة، الناصرية “جنوب العراق” السلطات المحلية الى المبادرة بأنشاء متحف خاص لتوثيق وارشفة تاريخ المدينة، والمحافظة عليه من خطر الاندثار والضياع، لا سيما وان المدينة التي يزيد عمرها على القرن والنصف منذ تأسيسها، شهدت الكثير من الاحداث التي ساهمت في تاريخ العراق وطبعت بصماتها عليه بقوة.

ويرى الشاعر عدنان الفضلي أن هناك تعمداً ومنهجاً لتدمير ارث المدينة العراقية عامة، من خلال تخريب النصب والتماثيل وكذلك ازالة الاماكن ذات البعد التراثي منها، كذلك ما تشهدهُ المدن العراقية من استيراد للعمارة الاجنبية التي مسخت هوية المدينة العراقية وخربت عمرانها المميز.

وفي رده على دعوة انشاء متحف خاص لمدينة الناصرية، قال الفضلي ” في أغلب دول العالم، تحرص الحكومات ومؤسساتها الثقافية على الحفاظ على الإرث الشعبي لكل مدينة، حتى تلك المدن التي تعرضت للحروب احتفظت بأثار هذه الحروب لتكون شاهدة تروي للأجيال مأساة الحروب وويلاتها”.

وأضاف “الا أننا نرى ان كل نظام سياسي يأتي في البلاد يبادر الى ازالة كل أثار ما سبقهُ ويأتي بنماذج جديدة، كي لا تنسب لهُ، ولذا نرى اليوم أن هناك إزالة لاهم النصب التاريخية من المدينة حتى تأثير المد الديني والقراءة المتطرفة التي ترى في النصب الثقافية حراماً، ولذا فأن الناصرية من المدن القلائل التي شهدت ازالة نصب الأم على سبيل المثال”.

وتابع “لذا أرى من المهم والضروري جداً المبادرة الى انشاء متحف لتوثيق تاريخ الناصرية وحفظ ارثها من الضياع والاهمال الذي ساهم في محو الذاكرة الجمعية لمجتمع المدينة”.

وقال الكاتب المسرحي عمار نعمة جابر”أن مدينة الناصرية وبما تملكهُ من ارث حضاري وثقافي يجعل منها متحفاً بحد ذاتها”.

وأضاف “أما فيما يخص الدعوة الى انشاء متحف خاص بتاريخ مدينة الناصرية، فأنا مع مثل هذه الدعوات وان جاءت متأخرة لتوثيق وارشفة تاريخ المدينة وحفظه من الضياع والاندثار”.

ويؤكد أن هذه الفكرة فيما لو وجدت طريقها للتطبيق فأن المتحف سيكون مليئاً بالأشياء النادرة والفريدة، نظراً لتاريخ الناصرية وموقعها المؤثر في الذاكرة العراقية بشكل خاص، من خلال ما قدمهُ ابناءها من عطاء انساني ثر في شتى مجالات الحياة.

وقال اشاعر حسن عبد الغني حمادي “الناصرية مدينةُ تختلف عن سواها من المدن الأخرى، فهي مدينة البدايات والجذور والعطاءات على مر الزمن، فيها طاقات خلاقة في شتى مجالات الحياة”.

وتعليقا على الدعوة الى انشاء متحف الناصرية السياسي والثقافي، قال حمادي “أن هذه الفكرة مهمة ورائعة كونها ستعني توثيق كل تاريخ المدينة المهم، وستعطي من احب الاطلاع على تاريخ الناصرية فرصة كبيرة للتعرف الى كل هذا السفر الخالد من تاريخ المدينة”.

وقال القاص كاظم الحصيني في معرض تعليقهُ على الفكرة “أن المتحف ضرورة انسانية في كل مكان في هذه الارض، لكي يوثق مسيرة الأنسان ويمنح الأخر فرصة التعرف، ولذا فأنني اجد من الضروري جداً انشاء المتاحف حتى للقرى، فكيف اذا كانت مدينة بتاريخ الناصرية”.

وأضاف “أتمنى من المسؤولين والقائمين على أمر ادارة هذه المدينة تبني هذا المشروع وتحويلهُ الى واقع، خصوصاً وان الناصرية بعمرها تتفوق على الكثير من الدول والتي انشأت عشرات المتاحف لحفظ تراثها من الضياع والاندثار”.

وقال الشاعر عادل العضاض “أن الهجرة من الريف الى المدينة وبشكلها المتصاعد ساهم في ضياع ملامح المدينة واندثارها وامحاء ذاكرتها التي تحفل بالكثير من القصص والشواهد والاحداث”.

وأضاف “أن الفكرة تحتاج تفاعلاً من الوسط الثقافي وابناء المدينة لتأسيس هذا الصرح الثقافي والضغط على الجهات ذات العلاقة بتبني فكرة حفظ تاريخ المدينة وتوثيقه والاستفادة منهُ في البحوث والدراسات وغيرها”.

ورد الناقد علي شبيب ورد بقوله “نحن كاتحاد ادباء ذي قار مع اي دعوة لأرشفة وتوثيق تاريخ مدينة الناصرية، لا سيما ونحن كنا من السباقين في ترميم الذاكرة الثقافية للمدينة عبر مشروع تبناه الاتحاد في المدينة”.

وأضاف “ان مشروعنا الذي اطلقناه قبل اعوام كان لحفظ الذاكرة الثقافية والادبية حصراً وقد تم طباعة مجموعة من الكتب عن الذاكرة الثقافية في المدينة، واعتقد أن جامعة ذي قار تتحمل مسؤولية كبيرة في ارشفة تاريخ الناصرية وحفظهُ من خلال اقسام التاريخ الموجودة فيها”.

وتابع “نتمنى من السلطات المحلية الأخذ بجدية هذا المشروع والساهمة الفاعلة في تأسيس مثل هذا المتحف الذي سيكون بداية جيدة في حفظ وتوثيق تاريخ المدن العراقية”.

يشار الى أن مدينة الناصرية الحالية بنيت عام 1870 ميلادية على ضفاف نهر الفرات بناها الامير ناصر الاشقر باشا السعدون “امير قبائل امارة المنتفق” وسميت على اسمه و كان يسمى مركز المدينة سابقا عكد الهوا التي يشقها شارع الحبوبي، ويتوسطها تمثال الشاعر محمد سعيد الحبوبي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..