فلسفه الحال

بعض الشعوب في هذا العالم تتخذ من الموسيقى والأغاني مستأنسا دائم ، يتيهون مع الأنغام معظم الوقت طوال اليوم ، فمثلا شعوب أمريكا اللاتينيه الغالبيه منهم تجدهم في أثناء عملهم في مكاتبهم ومحلاتهم ومنازلهم يستمعون للأغاني بإستمرار . وكذلك الكثير من الأمريكيين وبالأخص من هم ذوي الأصول الأفريقيه أو اللاتينية .
وأقرب الأمثله لدينا الشعب الأثيوبي . لقد ذهلت بالواقع الذي عايشته ، حالة من الموسيقي والطرب المستمر ، أغاني وأصوات تعلو من كل مكان المحلات والمطاعم والسيارات والتلفاز والراديو . كذلك أيضا أخواننا المصريين فهم محبي الإستماع ولكن يغلب سماع القرآن الكريم على شريحه كبيره من المجتمع وخصوصا الشباب . لقد أعجبني حرصهم على سماع القرآن في الصباح في محلاتهم وسياراتهم ومنازلهم . ولقد رافقت العديد منهم في سياراتهم وفي أوقات مختلفه فأشاروا بأنهم دائمي الإستماع للذكر الحكيم طوال اليوم.
الإستماع للذكر الحكيم مبعث للإطمئنان والسكينة والتنبيه بما في الدنيا والآخره وطارد للشيطان والكثير من الفضائل والبركات التي لا يسع المجال لحصرها .
أما الموسيقي فهي مبعث للإبتهاج والهيام وتعديل المزاج . الغالبيه من السودانيين في الداخل لا المزاج معتدل ولا الإطمئنان مبتغى سهل المنال . أضحينا في حالة تقلبات ، عدم إستقرار ، وكل يوم حالنا حال مختلف . هناك حاله من السأم لا تمحه الموسيقي ولا تعدل مزاجه الأنغام .
نعم القرآن تلاوته وسماعه يجلب القناعه والثبات والرضا ، ولولاه لما تمكن الكثير الناس من التعامل مع صعاب الواقع وتقلباته.
في ذات الوقت نجد الكثيرون رافضين لواقع الحال المرير المعاش ، ومن الإستحالة الإقتناع به . زد على ذلك أنه متقلب أصلا ! فكيف السبيل للرضا بواقع متجه نحو التحطيم والدمار ؟
فليس من المنطقي أبدا ولا من العقلانيه في شئ الصبر أو موالاة المسيطرون على هذا الوضع البائس . لقد كان البعض لحين قريب يعتبر أنها تقلبات عاديه ويوجد إستقرار نسبي يعطي الفرد مساحه للتدبر والتخطيط ، ولكن الآن أضحت التحولات غير معقولة وغير مقبولة وخارج السيطرة تماما .
لابد من الحذر من الإنجرار اللاإرادي الذي يمحو كل المخططات والتصورات ويهدم القدر الكبير من الآمال .فكم ممن كان ينوي سفرا ، او يبنى دارا او يقتني مركبه الخ .. فإصتدم بالمتغيرات والتحولات المتسارعه في كل شئ بدءا باساسيات حياته المعيشة .
حياتنا صارت هلعا وخوفا وآمال الكثيرون لا تتعدى كيف يقضي يومه فقط في سلام . درجه الإستقرار صفر ، ودرجات الخوف والذعر من القادم مرتفعه إلى مستوى كبير .
إن تأثير هذا الواقع على حالة الأفراد كارثي إلى الحد البعيد ، على أبدانهم وعقولهم ونفسياتهم وعلى سلوكهم وممارساتهم . أننا أشبه كما لو أننا في حالة حرب ضروس لها تداعياتها ومخرجاتها بالرغم من اننا لا نخوض حربا !!
إن من ينجو من الحرب في العاده يحتاج للعلاج والرعايه وضروب شتى من العنايه بغيه تحسين أوضاعهم وإخراجهم من أزماتهم النفسيه ، ولكي يستعيدوا قواهم ويصبح في مقدورهم العوده لطبيعتهم السويه ، ثم ليتمكنوا بعد ذلك من القيام بواجباتهم الحياتية العاديه كسائر الخلق
نحن ما زلنا في الساحة والمعترك الآن ، فلا قضينا ولا نجونا ، ولكن ماكثين في العذاب . لذلك حتى مرحله العلاج والعنايه للناجين لم يحن أوانها بعد .
إن الخطوره تكمن في هذا الإستنزاف وطول مدته ، وعوامله المؤثرة في خوران القوى والتحطيم التدريجي ، حتى قارب المواطن أن يكون خواء ، لا آمال ولا معنويات ولا قوة إرادة ولا أيه نوع من الإمكانيات . والأخطر ان ما يمكن فعله اليوم ليس من السهوله فعله في الغد ، وفعاليه اليوم بالتأكيد أقوى من وهن الغد . بإعتبار أننا ماضين في ضروب من الوهن المستمر طال الكيان الكلي للإنسان .
إن من الضرورة بمكان الإسراع في إخراج الوطن وأنفسنا كرها أو طوعا من هذه الورطه ومن هذا الإنهيار المتدحرج . فكل ما كان النزول عميقا تعقد الوضع وصعُب الصعود إلى حيث كان.
لقد وجب على الجميع التحرك والتعاضد لوقف هذه المهازل ، لقد أصبح وضع البلد وحكامها مسخره الناس شيبا وشبابا ، داخل الوطن وخارجه . لقد إحتارت الأمم والشعوب التي تراقبنا في أمرنا وإستهزأت بمكانتنا .
إن الثمرة الفاسدة تفسد ما حولها وتهدد كل الثمر الجيد . وإن لم تجتث شجرتها فسوف تفسد الجميع . لذلك كثيرا ما نسمع بعضهم يرددون الكل فاسد ولا يوجد المصلحون . فهم بذلك يودون جر وصبغ الجميع بالفساد حتى يكون أمرا عادي !!
إن من إحدى محاسن التجارب الفاشلة أنها ترفع درجة الوعي ، تصقل من يمرون بها ، وتوضح بجلاء معنى أن يكون بلدك ناجح متطور تفخر به ، فالآن أدرك الجميع كبارا وصغارا معنى منتجات بلاده وزيادتها ، وصناعات بلاده وتجويدها والتعليم في بلاده والإرتقاء به والعلاج في بلاده وتطويره وإقتصاد بلاده وتنميته ومعنى تلاحم بنيه وإتحادهم . إن بلادنا تذخر بالملايين من الإصلاحيين ومن الشرفاء النبلاء والمبرزين الشباب المستنير المتطلع .
إن الفسده والفاشلين وأتباعهم ما هم إلا البعض القليل من أبناء الوطن وكثيرا منهم ركنوا وخضعوا جبرا أو جهلا أو إغواءا. وعسى أن يعودوا لصوابهم عما قريب وينضموا إلى صفوف المناضلين المحبين الغيورين على وطنهم وعلى أمته .
لعنة الله على الظالمين والفسدة المفسدين والفاشلين المتشبثين الذين أصروا على التمادي في الفشل وأستحسنته أنفسهم فيا للخيبة وياللعار وغدا لناظره قريب ..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكرا الأخ خالد حسن على ( فلسفة الحال ) المبشتن !
    أنا بطلب منك وأهل الاختصاص وكل من له تحليل يراه مفيدا أن يحلل لنا ظاهرة سودانية قحه وإن كانت من المسكوت عنها:السودانين في قعداتهم الليلية الباذخة ـ وقت كانت مقدور عليها , ممكنة ومتاحة ـ عندما تحصل نشوة السكر!
    يبدو على طول في الحديث عن الدين ؟!
    الكلام دا بماذا يفسر ؟؟

  2. شكرا الأخ خالد حسن على ( فلسفة الحال ) المبشتن !
    أنا بطلب منك وأهل الاختصاص وكل من له تحليل يراه مفيدا أن يحلل لنا ظاهرة سودانية قحه وإن كانت من المسكوت عنها:السودانين في قعداتهم الليلية الباذخة ـ وقت كانت مقدور عليها , ممكنة ومتاحة ـ عندما تحصل نشوة السكر!
    يبدو على طول في الحديث عن الدين ؟!
    الكلام دا بماذا يفسر ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..