من أجل رمضان أفضل

معلوم لدى الجميع أنَّ شهر رمضان شهر يختلف عن كل شهور السنة، ويبدأ الناس الاستعداد له قبل أن يهل لمكانته الروحية، وكل دولة مسلمة تعد له حساباتها مبكراً فتقدم لمواطنيها الكثير من المساعدات الاقتصادية والاجتماعية، حتى يتمكن الناس من صيام الشهر الفضيل دون التفكير في هم المعيشة. ورمضان يعود كل عام ليجد جميع الدول وهي في حالة تطور ورخاء بفضل حكوماتها خاصة فيما يتعلق بأمر المعيشة إلاَّ السودان، فهو الوحيد يعود عليه رمضان كل عام ويجده أكثر تعاسة وشقاءً وفقراً وإهمالاً بسبب الحياة القاسية التي وفرتها الحكومة للشعب، لدرجة أنَّها (مسَّختْ عليه) كل المناسبات السعيدة .
خلال الأيام الماضية كان السودانيون يتبادلون في وسائل التواصل الاجتماعي بحسرة، رسائل توضح المساعدات التي قدمتها الدول لمواطنيها بمناسبة رمضان، من تخفيضات وتوفير للسلع حتى انخفض سعرها للنصف، ومنح للموظفين تفاوتت بين مرتب شهرين أو ثلاثة وغيرها وكأنها تقول لهم (ما تشيلو هم المعيشة). وتمتْ مقارنة كل ذلك بما قدمته حكومة السودان لمواطنيها من أزمة في الوقود أدت إلى أزمة مواصلات، وأزمة في غاز الطبخ وقطوعات في الكهرباء والمياه وارتفاع جنوني في أسعار جميع السلع الضرورية التي تضاعفت عشرات المرات، حتى سلة رمضان التي أسميها أنا (زلة رمضان) تضاعف سعرها هذا العام وبلغ 2230 جنيهاً، تسترد من الموظفين بالتقسيط من مرتبات ضعيفة أصبحت لا تساوي شيئاً. وفي مقارنة بسيطة يمكنكم التعرف على كمية الزيادات التي طرأت على السلع مثال لها جوال السكر 50 كيلو بلغ الآن 1500 جنيه، العام الماضي كان بـ 800 جنيه، وإذا عدنا إلى الوراء عامين آخرين عام 2014 كانت قيمته 150 جنيهاً هل تصدقوا، وعليه العام القادم سيكون جوال السكر 50 كيلو بـ 3 آلاف جنيه.
رمضان هذا العام يطل علينا ويجدنا في حال أسوأ من العام الماضي عشر مرات، وأسوأ من العام الذي سبقه 20 مرة ومن كل الأعوام السابقة كلها، والأمر ليس مرتبطاً برمضان فقط، بل أصبحت حياة (الشحتفة) طبيعة ثابتة لكل شهور السنة، أما رمضان فتزداد فيه فقط، فهو فرصة للضغط على المواطن من قبل تماسيح السوق الأسود الذين وفرت لهم الحكومة مناخ الفوضى، وهي مشغولة بتثبيت نفسها في مناصب تآكلت ولم تعد تتحملها .
رمضان شهر مميز وجميل ولكن عدم اهتمام الحكومة بمعيشة الناس جعله شهر هم وعناء، وإلى أن ينتهي سيكون المواطن قد ذاق الكثير من العذاب الذي سيظل أثره باقياً حتى رمضان القادم. يحدث هذا في ظل حكومة ترفل في رغد من العيش والرفاهية والترف والأموال المهدرة، هكذا يطل علينا ليس رمضان فقط بل وكل الشهور والسنوات، وكأنَّ الحكومة تؤكد لنا أننا في ظلها لن ننعم بالراحة أبداً، ولذلك نحتاج إلى العمل من أجل رمضان أفضل في السنوات القادمة.
عموماً أتمنى أن يكون رمضان هذا العام شهر تغيير علينا ونستوعب أننا أمام هم كبير، لن ينزل من على أكتافنا ما لم نؤمن بأنَّ التغيير بأيدينا نحن، فما وصل إليه الحال يتحمل المواطنون جزءاً كبيراً منه، وحتى لا يكون رمضان القادم أسوأ لا بد من أن نخرج من رمضان هذا ونحن مستعدون للتغيير وتكاليفه.
التيار