دولة الجنوب والخوف من الوصاية الدولية (1- 2)

بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الجنوب والخوف من الوصاية الدولية (1- 2)
بتاريخ 13/1/2014م نشرت بعض الوكالات نقلا عن صحفية الراكوبة صور من منطقة بانتيو وكانت هذه الصور مؤلمة ومحزنة للغاية من حيث المعاناة الإنسانية التي تعرضوا لها خلال هذه الحرب ، ولكن الأهم من ذلك شاهدت صورة طفل يتراوح عمره ما بين ثمانية سنوات إلى تسعة سنوات يدرج دراجة هوائية بدون إطارات ولا يعبئ بالموت رغم النساء وكبار السن والشباب من حوله حزموا أمتعتهم في رؤوسهم فارين من هدير المدفعية والدبابات والأسلحة الرشاشة التي حرقت المدينة وكان الطفل مطمئن أو قد لا يبالي بما يدور حوله ، أو لا يعرف الذي يعرضه للخطر هذه الصورة هي صور لأطفال كثر من مناطق متفرقة من الجنوب قد ضلتها كاميرات المصورين ، وعيون المراقبين والمحللين للشأن الإنساني الجنوبي ، وعندئذ الصورة الأخرى التي تؤكد بشاعة الحرب ، هي صورة النعامة التي فرت من هول الحرب وهذه النعامة لا تفكر كما يفكر الإنسان ، والسؤال المطروح على طرفي الصراع هل فكر سلفاكير . ونائبه رياك مشار في صورة ذلك الطفل ألبرئي الذي لا يدرك المخاطر الجسام أو لأنه لا يعرف الخوف ، هل فكروا القادة الجنوبيين في تلك الصورة التي تعبر عن معاناة ملايين الأطفال .
إذ أن النعامة أدركت الخطر الداهم من الإنسان ولهذا السبب فرت من الموت ولكنها عندما فرت من الموت لا تدرك خطورة هذه الحرب التي لا تفرق بين النعامة والإنسان بل تقتل الإنسان والحيوان على حد سواء . أنا متأكد من مشاهدة الملايين لهذه الصورة على مستوى واسع من العالم وخاصة إذا كانت هنالك ذرة من الإنسانية لابد أن يتألم الضمير الإنساني لموقف الطفل ويلعن الحرب ومن تسبب فيها .
أعرج لمقال استيلا 3/1/2014م شباب من أجل بلادي وهل سلفاكير ونائبه رياك يشار قرءوا هذه المقالة وتمعنوا فيما تقصده هذه العبارة شباب من أجل بلادي أم أنهم غضوا أبصارهم وحجروا عقلهم عن الدمار الهائل الذي تعرض له شعب الجنوب وخاصة الأطفال وهل فكروا بصورة جدية في ضخامة الأحداث التي يمكن أن تجر هذه الدولة إلى الوصاية الدولية بعد أن سحبت أمريكا وكل الدول بما في ذلك الأمم المتحدة رعاياها من دولة الجنوب. بعد تداول مجلس الأمن الدولي لتطورات الأوضاع في الجنوب والذي أصدر قرار بزيادة القوات الأممية في دولة الجنوب من (13) ألف جندي إلى (19) ألف جندي لحفظ السلام وهل استطاعت تلك القوات حفظ سلامة المدنين من القتل العشوائي والتصفيات العرقية من قبل طرفي الصراع . وإن دخول القوات الأجنبية لأي دولة يعني احتلالها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
حديث د . رياك مشار مع الوفد الأفريقي والمبعوث الأمريكي الذي التقي مشار في مكان مجهول قال ريال مشار بالحرف أنه سوف يتشاور مع وفد التفاوض في أديس أبابا وكذلك مع القادة العسكريين في الميدان مما حداء للمبعوث الأمريكي أن يقول لا زال السلام بعيد المنال لأن التحديات والصعوبات لا زالت تعتري طريق المفاوضات ، كلام مشار يدلل على عدم جديته في المفاوضات السياسية التي تجري في أديس أبابا لأن القادة العسكريين في الميدان بالتأكيد سوف يرفضوا المقترحات التي تقدم بها وفد الإيجاد الأفريقي لهدنة لوقف إطلاق النار ، ورفض العسكر لتلك المقترحات يعني فيما يعني استمرار الحرب لأن المقترحات لا تتضمن إطلاق سراح المعتقلين ومن المؤكد أن رفض العسكريين يؤثر بشكل مباشر على مجري المحادثات ، إذن رياك لم يكن حادب على مصلحة الشعب من خلال الركون للمفاوضات دون شروط لإحلال السلام ، وإنما وهو غير متحمس للمفاوضات وإنما هدفه إسقاط حكومة جوبا لا خيار غير هذا . ولذ رياك يفكر في السلطة كهدف أساس على جماجم الشعب ، وفي نقس الوقت مشار لم يفكر في مستقبل دولة الجنوب لأنه لم يرى صورة الطفل الذي لا يعبئ بالموت أو صورة النعامة التي فرت من الموت وإذا وضعنا مقارنة بين الصورتين نجد هنالك مفارقة بين الطفل والدراجة الهوائية وهو لا يعبئ بالموت وبين النعامة الفارة من الموت هذه هي الصورة الحزينة .
التهديدات الأمريكية لم تأتي من فراغ وإنما منذ إندلاع الحرب وحتى هذه اللحظة تشكل التهديدات الأمريكية خميرة من حين لأخر كتحدي كبير لقادة دولة الجنوب أمريكا تأمر الطرفين بإيقاف الحرب فوراً ، كأن الجنوب أحد الولايات الأمريكية ، هل أدركت أمريكا خطورة الحرب أم فشل طرفي النزاع في قيادة وبناء الدولة والمجتمع وفق أطر الدولة العصرية الحديثة خطط لها ، وأمريكا هي التي ساعدت على فصل الجنوب عن الشمال ، فأن قول المسئول عن الشئون الأفريقية في الكونجرس الأمريكي بأن على قادة الجنوب وقف العدائيات فوراً والتوجه إلى المفاوضات يدلل على نبرة استعلائية استخدمت من قبل أمريكا في ليبيا مما أدى إلى تدخل الدول الأوربية بقيادة أمريكا وهي التي دمرت بأسراب طائراتها الحربية ليبيا ، صحيح إن قذافي أسهم في تدمير ليبيا بتشبثه بالسلطة . ولكن أمريكا لم تساعد ثورة الشباب الليبي على تسقط النظام الليبي من أجل الشعب وإنما ساعدت أسقطت النظام في 22/10/2011م من أجل أهداف استيراتيجية بعيدة المدى ألا هو البترول . هذه الحقيقة على قادة الجنوب حكومة ومتمردين ينبغي عليهم إدراك الحقائق التاريخية قبل فوات الأوان ، وهذا يتجلى من خلال تصريحات وتعبيرات البيت الأبيض هذه النبرة هي نبرة تحدي كبير تشير إلى خطورة على مستقبل دولة الجنوب ، إذا لم يضعوا قادة الجنوب مصلحة الشعب التي تكمن في الاستقرار والأمن وتطوير البنية التحتية والنهوض بمرافق الدولة سوف تنطلي عليهم نبرة التدخل الأمريكي في الصراع الدائر الآن .
وإن أمريكا تنوي لاحتلال الجنوب وفرض الوصاية الدولية عليه تحت أشرافها من أجل البترول وليس من أجل إحلال السلام ، وهنا لا ينفع الندم ولا البترول ولا السلطة إذا لم يستجيبوا إلى الأوامر الأمريكية والاستجابة للأوامر تعني انتهاك لسيادة الدولة وهذا ما تخطط له أمريكا ، فليس من سبيل إلا أن تجهض المبادرات والجهود الأفريقية الخجولة في لملمة البيت الأفريقي وتخلوا الساحة لفرض الوصاية الأمريكية وهذا ما نخشاه من خلال مشهد صورة الطفل الذي لا يعبئ الموت وهو يدرج دراجته الهوائية بدون إطارات وصورة النعامة التي فرت من الموت .
حسين الحاج بكار
[email][email protected][/email]