مقالات وآراء

عن الأمين العام المتكلف، والحركة المنحورة، والمستقبل (1)

محمد بكري

عُمْرُ هذا المقال بضعةُ أشهر تلت مَخاضَ أيام استدعاه لقاء الطاهر حسن التوم وعلي كرتي، وأنوي بإذن الله أن أتخذه مقدَّمةً لموالاة الحديث عما أعقب ذلك اللقاء، و المستقبل بإذنه تعالي، ولقد استحث نشرَه الآن أن الأمين العام -كما ادعي- بعدما تكلّف (حَمَل نفسه علي ما ليس له) ؛ (تَحَكًر) في بيانه الأخير عن الاتفاق الإطاري-الذي لي حديث عنه-، وقد ذيله علي كرتي بغير لفظ (المكلَف).
ولا يعني تصويب النقد لكرتي شخصَه؛ قدر ما يعني الموقعَ الذي وضع نفسَه فيه حاليا، والمواقع السابقة والمسؤوليات المترتبة عنها عليه وعلي من والاه، فإلي الجزء الأول من المقال:

خلف الجدال الذي أثاره ظهور علي كرتي بعد (احتجابه) كما سماه الطاهر حسن التوم؛ أو فِراره من العدالة كما يري مناوؤوه؛ خلفه يكمن سؤآلان: أيَّ حركةٍ إسلاميةٍ يعني علي كرتي؟ ومن الذي كلفه أمينا عاما عليها؟
والمتتبع لسيرة الحركة الإسلامية في السودان؛ يدركُ أن قادتها قد قاموا بحلها بُعيد الإنقاذ ؛ وقرروا تذويب قطاعاتها في مؤسسات الدولة والعمل عبرها بكوادر الحركة؛ مع استُثناء قطاعين تُبّعا للأمين العام وقتها (حسن الترابي) ؛ وهما قطاع الأمن التنظيمي وقطاعُ الطلاب؛ ليؤديا وظيفة مشتركة هي تأمين الدولة من الأخطار الداخلية والخارجية، وليرفد قطاع الطلاب الحركة بصف متجدد من المنتمين إليها.

ظل هذا الحال طيلة سِنِيّ الإنقاذ حتي أتت المفاصلة، وتفرق من ما زالوا منتمين لمشروع الحركة-وإن حُلّت- بين القصر والمنشية، وذهب بعد ذلك أهل القصر يستنصرون بقواعد الحركة الإسلامية التي ابتعد كثير منها في مراحل متعددة عن قيادتها أو عما نتج من انقسامها؛ فاستصنعوا حركة هلامية استجلبوا لها الاسم القديم؛ وظلت كذلك حتي قعّدوا لها دستورا كان منشورا في الإسفير إلي بُعَيد زوال الانقاذ؛ والمتأمل في ذلك الدستور يجد تلك الحركة أقرب إلي رابطة أخوية (Brotherhood) باطنية؛ فبينما تضم حتما كلً منسوبيها في الدولة حتي رئيس الجمهورية ؛ لا سلطة-كما كانت العادة قبلُ- لأمين الحركة العام عليه؛ ولعل هذا كان اتقاء مفاصلة جديدة؛ وبينما تعمل الحركة بدستورَ ودور ومال وإعلام ؛ لا مكان لها بين المؤسسات المقننة في نظام الدولة، فلا هي حزب سياسي، ولا منظمة دعوية ولا خيرية، وهي غيرُ مسجلة في أي سجل متعارف عليه نظاما؛ ويحتوي دستورها مكتبا لما يسميه(النظام الخاص)؛ توريةً عن المكتب الأمني الذي ظهر جنوده غير النظاميين بزي الشرطة في شارع القصر يوم مسيرة ديسمبرَ الأولي ؛ ثم توالي انكشاف أفراده وأدوارِه بعد ذلك.

إذن لم تكن هناك حركة إسلامية منذ وأدها الترابي وشيعتُه غَداة الإنقاذ، واستقل بأدوارها هو والحواريون من حوله ظاهرين ومُبطنين؛ بل إن القطاعين الذين تُبّعا للأمين العام تغول أقواهما علي أضعفِهما حتي قال الشيخ عنه (وقتها) للمحتجين من الآخرِين: (الذين يحولون بيني وبينكم)؛ ولم يعلموا أنهم كانوا تَبَعا له.
ثم ذهب شيعةُ القصر يتقمصون عباءة الحركة الإسلامية، يدارون بها مشروعيتهم المتآكلة حتي قامت قيامة الإنقاذ؛ وعن ذلك يكون الحديث في مقال قادم بإذن الله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..