بضاعة قديمة وكرتونة جديدة

بضاعة قديمة وكرتونة جديدة

كمال كرار

تخيل معي لو أن تاجراً أو سمساراً أو شمشاراً أراد أن يركب موجة السوق في عهد ( الكيزان ) ويطلع بالعمود سلم الوجهاء والمشايخ ? المضروبين ? .
وأنه كان بلا أدني رأسمال ، أو فكرة جديدة يمكن أن ينبني عليها أي ? بيزنيس ?.
وأنه لم يرث من حبوبته أو جده أي قطعة ? واطة ? أو مال أو عقارات ، كما أنه لم يعثر علي كنز مدفون في نهر النيل أو مناجم بني شنقول .
ولأنه ( سِمِّيع ) فقد سمع ذات يوم بأن مصنعاً شهيراً يصب مخلفاته في النيل الأبيض ، ويمكن للأعمي أن ينال حصة كبيرة من السمك النافق دون أن يمتطي مركباً .
ركب اللوري بالمجان بعد أن ? حنّك ? سيد اللوري وأفهمه بأنه يعمل في جهاز استراتيجي وأنه قادر علي إعفائه من رسوم العبور والجبايات علي الطريق بحكم وظيفته ( الخطيرة ) .
وحالما وقف اللوري في أول نقطة عبور ، نزل صاحبنا الشمشار ودخل المكتب ، ومن واحد حنك سمح للوري بالمرور بعد تعظيم سلام .
ومن نقطة لنقطة وصل اللوري إلي نواحي السمك المضروب ، فنزل صاحبنا بعد أن نفحه صاحب اللوري مبلغ 50 جنيه نظير مجهوداته الاستراتيجية .
من هذه القروش اشتري حزمة أكياس جديدة وبعض الديباجات اللاصقة ، ومن ضفة النهر عبأ السمك النافق في الأكياس الجديدة ذات الديباجات التي كتب عليها سردين الصحة والهناء .
وعلي أكياس أخري كتب ? فسيخ الأباطرة والملوك ? ، أما السمك المهرود مثل ? أم جغوغة ? فقد جمعه في زجاجات بلاستيك كانت في محل قمامة بالقرب منه وكتب عليها ? تركين السلاطين ? .
ولما انتهي من مهمة التعبئة ذهب إلي أقرب دكان وحصل علي كراتين جديدة بموجب حنك ? تهديدي ? بعد سؤال سيد الدكان عن فواتير القيمة المضافة وزكاة البيع ورسوم قدرة الفول أمام الدكان .
وعن طريق لوري آخر وحنك مدنكل حمل بضاعته ? المضروبة إلي أقرب تاجر جملة بالعاصمة ، وحصل علي مبلغ محترم ثم اختفي وسط الزحام .
هل يمكن للسلعة ? النافدة ? أن تصبح طازجة بمجرد تغليفها بالورق الملون أو الأكياس الجديدة ؟ وهل ينفق البشر ? العاقلين ? أموالهم الشحيحة لشراء السلع الفاسدة ؟
هذه الأسئلة وغيرها لا نطرحها علي ? المحتال السمكي ? ولا علي تاجر الجملة ? الداقس ? الذي اكتشف المقلب بعد فوات الأوان لكنني أطرحها علي الحكومة التي تريد تسويق بضاعتها السياسية ? المضروبة ? في كرتونة جديدة اسمها الجمهورية الثانية .

الميدان