الإتفاقيات الثنائية مع الوطني دخول في جحر ضب

الإتفاقيات الثنائية مع الوطني دخول في جحر ضب

سليمان حامد الحاج

كثيرة هي العوامل الداخلية والخارجية التي جعلت بعض المتنفذين في المؤتمر الوطني يتراجعون عن مخاطباتهم السياسية المفعمه بالإسفاف وسقط القول والتقليل من شأن المعارضين لهم .

ابرز هذه الأمثلة هو حديث نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب السيد د. نافع علي نافع . جاء فيه ، أن حزبه علي إستعداد لتقاسم السلطة علي مستوي الجهاز التنفيذي مع القوى السياسية الوطنية متي ما توافقت الأراء والتوجهات واسند الأمر لشخصيات مقبولة . وأن المؤتمر الوطني يقوم بذلك من أجل تحقيق وحدة الجبهة الداخلية . وأن تعمل جميع القوى من أجل مواجهة التحديات التي تحيط بالوطن . (راجع صحيفة الصحافة 10/5/2011م)

هنالك الكثير في هذا التصريح من تحفظات وإستدراكات لا تخطؤها العين مثل : تقاسم السلطة علي مستوى الجهاز التنفيذي متى ماتوافقت الآراء .

السؤال الذي يفرض نفسه ، لماذا الجهاز التنفيذي وحده ولا يذكر المجلس الوطني أو الهيئة التشريعية ومجالس الولايات .

الجميع يعلم أن الجهاز التنفيذي ومنذ الإستيلاء القسري للمؤتمر الوطني علي السلطة ظل محتكراً له رغم شراكته مع الحركة الشعبية ، إلا أن وزراءها كانوا مجرد ديكور ينفذون الخطط والسياسات الجاهزة للوزارة المعنية التي يصنعها وزراء الدولة والوكلاء التابعون للحزب الحاكم . وكنا شهود عيان في المجلس الوطني السابق علي كتابة الأجابة علي الأسئلة والإنتقادات من بعض هؤلاء الوكلاء أو وزراء الدولة للوزيرة أو الوزير التى يطرحها عليهم النواب . وكان أمراً مكشوفاً ومقززاً ومخجلاً .

ونسأل السيد نافع أيضاً ، لماذا تكون المشاركة قاصرة علي المجلس التنفيذي وحده ولاتشمل كل تفاصيل الخدمة المدنية التي تحولت إلي مُلك عضوض للمؤتمر الوطني يعين فيها من يشاء دون حساب أو عقاب ولا مساءلة ؟ وماقاله نافع أنه سيجلد كل فاسد يتصرف في أموال الدولة في ميدان (أبوجنزير) ، يؤكد الصلاحيات اللا متناهية التي يمنحها قادة المؤتمر الوطني لأنفسهم ضاربين عرض الحائط بالقضاء والمحاكم والقوانين والتوصيف الإداري لكل منصب . إنهم يسيئون بمثل هذه التصريحات لنظامهم وأنفسهم قبل احتقارهم للشعب .

ونسأل السيد نافع علي نافع عن قوله (متي ما توافقت الآراء والتوجهات واسند الأمر لشخصيات مقبولة) ! مقبولة لمن ؟ وهو بلاشك يقصد المؤتمر الوطني وربما له هو شخصياً طالما صارت له اليد العليا والسلطة في جلد الآخرين في ميدان عام ، وإزاحة صلاح قوش من منصبه ? كما يشاع . وكيف يتم توافق الآراء والتوجهات وتوحيد الجبهة الداخلية عندما يصر السيد رئيس الجمهورية أن لابديل للشريعة الأسلامية التي ستكون هي المصدر الوحيد للدستور بعد الإنفصال . وأنهم لن يشركوا في الحكومة ذات القاعدة العريضة إلا من يتفق مع برنامج المؤتمر الوطني الذي (أكتسح) به الإنتخابات العامة وإنتخابات رئيس الجمهورية ويعتبر ذلك تفويضاً لهم من الشعب .

مع ذلك كيف يستطيع المؤتمر الوطني أن يحدث توافقاً في داخله قبل احداثه مع القوى السياسية التي يريد تقاسم السلطة معها . فالمؤتمر الوطني مثقل بالخلافات في مركزه وفي قيادة العديد من الولايات وفي القواعد ويسمونها مجرد (تباين في الآراء ووجهات النظر) .

وهل ماقاله نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في سمنار وحدة النقابات الأفريقية بقاعة الصداقة في 10/5/2011 عن أن الحكومة تسعى لبلورة رؤية وطنية جامعة وصياغة دستور جديد للبلاد . وأن تخضع الخيارات لحوار ديمقراطي بأنفاذ الوعود . فهل هذا يندرج في تباين الآراء وإختلاف وجهات النظر حتي بالنسبة للشريعة كمصدر وحيد للدستور ؟!

أن ماهو جوهري في كل الأتفاقيات الثنائية التي يبرمها المؤتمر الوطني مع أي طرف ، هو أن تكون له اليد العليا المهيمنة عل كل المناصب الأساسية في الدولة . وهذا ماقاله الحاج آدم المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم والذي (لولح رجليه قبل أن يركب) ? إن كان تصريحه هذا صحيحاً ? أن حزبي الأمة القومي والإتحادي الأصل ليس لديهم خلاف حول استمرار الرئيس عمر البشير في سدة الحكم . والعمل جار لجمع الأحزاب الثلاثة في كيان موحد . وأشار أيضاً في الندوة التي نظمها الإتحاد العام للطلاب السودانيين بجامعة بخت الرضا بمدينة الدويم ، أن حزبه وضع ثلاثة معايير وأهداف للحوار مع القوى السياسية . تتمثل في : الإندماج معها ? عقد تحالفات ? الوصول إلي صيغة تراضي مشتركة . هذا يعني أن المؤتمر الوطني يسعى بكل السبل والوسائل لوضع القوى السياسية التي تتفاوض معه تحت أبطه .

الهجوم الذي شنه الحاج آدم علي الحزب الشيوعي هو تعبير عن بؤس سياسي غير ملم بواقع البلاد الراهن والمآسي التي يعيشها شعب السودان ، ومايحدث من متغيرات في العالم العربي الذي يغلي كالمرجل . فالرجل جاء ومازال خارج (الشبكة) . وهو في ذات الوقت تعبير ? لاتسنده حجة ? عن غيظ دفين عن رفض الحزب الشيوعي السوداني لأن يصبح ديكوراً أو (تمومة جرتق) ومشارك في جريمة تمديد عمر الإنقاذ في السلطة وهي قد إرتكبت مآسي لاتحصى في حق السودان أرضاً وشعباً .

ولهذا فإن سياسة (التلتيق) والخيارات البائسة التي تطرح علي الأحزاب لتنتقي منها ماتشاء ، ينطبق عليها قول (شهاب الدين أظرط من أخيه) . وهي لمن يحاول التفضيل بين احمد وحاج احمد أو آدم وحاج آدم .

شعب السودان توحد في إجتماعات أحزاب المعارضة حول قضايا محورية وجوهرية وحاسمة لمستقبل البلاد وشعب السودان . وهو مصمم علي تنفيذها طال الزمن أم قصر . فالهدف ليس هو تقسيم السلطة أو من يحكم ولكن كيف يحكم شعب السودان . الحل كما توافقت عليه كافة قوى المعارضة في الشمال بما فيها الحركة الشعبية ? التي يعمل المؤتمر الوطني علي محوها كقوة حية وفاعلة بعد الإنفصال ? يكمن في صياغة دستور جديد للحكم يرسخ الديمقراطية وحقوق المواطنة بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو اللغة ، ويحترم الرأي الآخر والتدول السلمي الديمقراطي للسلطة ويقرر إجراء إنتخابات نزيهة بعد الإنفصال يختار فيها الشعب من يحكمه ، نظام يحل مشكلة أبيي سلمياً ويكون لأهلها القرار النافذ كما نص عليه بروتكولها ،وحل مشكلة دارفور بالاستجابة لمطالبهم العادلة ، ويحترم خيار المواطنين في انتخابات جنوب كردفان دون تزييف لإرادتهم . وهذا لن يتم إلا عبر المؤتمر الجامع لكل أهل السودان وليس بالإتفاقيات الثنائية التي أدخلت البلاد في نفق مظلم . وكل الإتفاقيات الثنائية التي أبرمت يؤكد ذلك فشلها العاصف عند التنفيذ .

أحترموا إرادة الشعب ونفذوا مطالبه العادلة قبل فوات الأوان . ولاتستخفوا بإرادته الغلابة المجربة التي فعلها أكثر من مرة . وسيفعلها مرة ثالثة . وهذه حتمية التاريخ .

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..