لماذا لم يتحول أطفال هيبان لرمز؟

إبراهيم حمودة

قصفت طائرات “الميج” التابعة للجيش السوداني بلدة هيبان بجنوب كردفان في الأول من هذا الشهر وقتلت ستة أطفال في جريمة هي الأبشع من نوعها، حتى الآن، في سجل اعتداء الجيش الحكومي السوداني على المدنيين في مناطق القتال في جنوب كردفان، النيل الأزرق ودارفور.

اللافت للنظر، والمؤلم في ذات الوقت أن الجريمة لم تجد الانتباه والعناية من المهتمين برصد الانتهاكات الحكومية والمعارضين لنظام المؤتمر الوطني وميليشياته. يصادف عدم الاهتمام بالواقعة، أن لم نقل تجاهلها، تصاعد المزاج الثوري عقب الاحتجاجات الطلابية الأخيرة واغتيال اثنين من الطلاب واعتقال وفصل مجموعة أخرى من الطلاب المشاركين في الاحتجاجات.
الثورات تحتاج رموزا، وضحايا القمع والحروب يشكلون رموزا لا تنمحي من الذاكرة، طفل بيافرا، أطفال النابالم، طفل الحرب في جنوب السودان بجوار الصقر الضخم وإيلان الطفل السوري الغريق. لاحظت المجهودات التي يبذلها بعض المهتمين بالأمر في وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الحوار للفت أنظار الناس للمأساة وفداحة الجريمة التي قال عنها ياسر عرمان في بيان له بأنها عنصرية بامتياز.

يلمح البعض في كتاباتهم أن الانصراف عن هذه الجريمة نابع من أرضية عنصرية أيضا، وفي ظني أن هذا تفسير يجنح للسهولة، وذلك لأن الطريقة التي يعمل بها الإعلام وتتخلق بها الرموز يحكمها منطق آخر يقع خارج إطار هذه التفسيرات الجاهزة. فالحرب السورية مثلا حصدت أرواح آلاف الأطفال في ميتات شنيعة يمكن مقارنتها بهذه التي حدثت لأطفال هيبان ولكن لم يلتفت أحد لمعاناتهم ولم يتم التقاط أحد الضحايا من الأطفال كرمز للحرب بكامل هولها.

لم يحدث ذلك في الحقيقة إلا بعض مضي ما ينيف على الأربع سنوات من بدء الحرب وفي سياق مختلف هو سياق تدفق موجات الهجرة واللجوء من سوريا ناحية أوربا. الطفل إيلان الذي أصبح رمزا للحرب وتداولت صورته منكفئا على رمال الساحل وكالات الأنباء العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي في العديد من الدول شرقا وغربا.

لم تحتاج المأساة وتصوير الفظاعة هنا لطفل ممزق الأشلاء. الطفل إيلان يرقد منكفئا وكأنه نائم على سريره بكامل لباسه وجواربه وحذائه. صورته تشبه صورة المأخوذ لحفل أو لزيارة عائلية أو للتسوق. صورة تمثل الموت المتربص المجاني الذي يسعى نحوه مئات الآلاف في كامل زينتهم وما خف من مقتنياتهم هربا ليس من الحرب وحدها ولكن من اليأس.
أتفهم أن الكثير من سيحولون أبصارهم عن منظر الأطفال ذوو الأوصال والأطراف الممزقة الدامية، بعض الناس لا يحتملون منظر الدماء، البعض الآخر تراه تشبع من هذه المناظر التي لم ينقطع سيلها منذ بدء الحرب في دارفور، مرورا بالنيل الأزرق وجنوب كردفان. حين يتكرر مشهد ما تحدث الموالفة ولا تصبح أخبار الموت أخبارا.

الطبيعة الدامية لصور الأطفال الضحايا ستدفع الكثيرين أيضا للإحجام عن تقاسمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الحوار، وإن حدث ذلك فالأرجح أن يتجنبها المتصفحون، هذه هي طبيعة البشر الذين هم على استعداد لارتكاب ن الفظائع ولكنهم لا يقوون على مواجهة صورها.
تستدعي صور المآسي فينا مختلف المشاعر الكامنة فينا: غضب، حزن، حسرة.. ولكن بدرجات متفاوتة فالمرء قد تلمسه وتؤثر عليه أشياء لا تفلح الكاميرا في التقاطها.

حينما أراد المخرج الياباني الراحل “أكيرا كوروساوا تصوير فيلم عن حياة العمال في أحد المناجم باليابان، وصل لموقع تصوير وكان الجو باردا يلفه الضباب والموقع تغطيه الأوحال، والعمال يظهرون بملابسهم الرثة البائسة.. أحس كوروساوا بأنها اللحظة المناسبة والموقع المناسب للتصوير. ولكن بعد الفراغ ومراجعة الشريط المصور لم تكن حالة البؤس حاضرة بالصورة التي أحسها حين وصوله. الخلاصة أن الكاميرا لا تصور ما يحسه المرء.. ولا تنقل الأحاسيس
ما يحدث الآن من مأساة في مناطق الحرب في السودان لا تقدر على تصويره عدسات الكاميرات مهما تقدمت تقنيتها.. واللحظة التي يتم فيها التقاط رمز يصور هذه المأساة آتية بلا شك، وحتى تلك اللحظة أرجو أن يواصل أصحاب الضمائر في كشف جرائم هذا النظام التي يجب أن تتوقف في أقرب وقت فقد نال الوطن ما يكفيه.

تعليق واحد

  1. الحرب لا تمييز بين صغير وكبير بين مواطن ومتمرد نلاحظ الان الحروب بسوريا والعراق وكيف ان الاطفال يموتون بالجملة مقطعي الاوصال والاعضاء وكيف ان البنايات تتحطم علي رؤسهم الحرب تعني الدمار للحياة تعني الموت للانسان بمختلف سنه وعمره وللحيوان وللاقتصاد وللحياة الحرب بالسودان طال امدها وتطاولت سنواتها مات الانسان ودمرت الحياة وافقرت البلاد وضعف الرباط الاجتماعي ونكاد نعيش علي حد الكفاف فلا تعليم ولاصحة ولا زراعة ولا مشاريع توكد علي نهضة لهذه البلاد لابد من السلام لابد من التواضع علي حد ادني يوقف الحرب ويحل حكومة القبضة الشمولية لصالح التعددية الحزبية بدون اقصاء وحزف للاخرين .. ايها السودانيون الحروبات القبلية والسياسية والصراعات المسلحة نحو السلطة ستضعف البلاد والاقتصاد والجيش وسنكون عرضة للاحتلال من مصر واثيوبيا وكلما ضعفت دولتنا سيكبر طموح المتربصين والاعدء ان الاوان للسلام وان الاوان لحكم ديمقراطي تكون الكلمة فيه للشعب السوداني بدون مكر الكيزان وتزويرهم وبدون مزايدات الحركات المسلحة واحزابنا انها بلادنا جميعاوهي تسع الجميع بمختلف تعدداتهم السياسية والدينية والجهوية فلنؤمن ببلادنا وحقها في النهوض بين الامم نعيش علي التسول والشحدة واصبحت اللعنة تلاحقنا من جميع العالم حصار امريكي واروبي وتطاول من العرب والافارقة وفساد داخلي طغي علي كل شيء افيقوا يرحمكم الله حكومة ومعارضة فالدولة اذا انهارت ستنهار علي رؤوس الجميع وستكون مرتع للموت المجان والدواعيش والصراعات القبلية ان الاوان لردع طموح الموت والدمار .

  2. عشاااان ما عندهم وجيع

    وحتي الطفل السوري ما عملوه رمز لله في لله

    بعدين نحن لسع منتظرين رموز وكلام فارغ عشان كدة العصابة دي حتكون سارقانا للابد الموضوع ما طفل ولا رمز في النهاية الروح واحدة لو طفل ولا شيخ هرم ما مهم العمر او الجنس في النهاية روح الانسان محرمة الا بالحق

    تعليق ثابت:

    اااااااااااااااااااااي عملو كدة وحا يعملوا اكتر لو في اكتر من كدة. بنقدر نقلع العصابة دي نقلعها ما بنقدر نعاين بس ونقفل خشمنا ده ياخ لو زعلنا سااااااااي زعل الشفع ده وقعدنا في بيوتنا العصابة دي بتنقلع

  3. أطفال يموتوا بأسلحة وأيدى حكومة مجرمة فاشلة، وفتيات وشباب محتجزون في سجون النظام، كوارث ومأسي لا حصر لها في دارفور … ونحن ساكتين …

  4. الحرب لا تمييز بين صغير وكبير بين مواطن ومتمرد نلاحظ الان الحروب بسوريا والعراق وكيف ان الاطفال يموتون بالجملة مقطعي الاوصال والاعضاء وكيف ان البنايات تتحطم علي رؤسهم الحرب تعني الدمار للحياة تعني الموت للانسان بمختلف سنه وعمره وللحيوان وللاقتصاد وللحياة الحرب بالسودان طال امدها وتطاولت سنواتها مات الانسان ودمرت الحياة وافقرت البلاد وضعف الرباط الاجتماعي ونكاد نعيش علي حد الكفاف فلا تعليم ولاصحة ولا زراعة ولا مشاريع توكد علي نهضة لهذه البلاد لابد من السلام لابد من التواضع علي حد ادني يوقف الحرب ويحل حكومة القبضة الشمولية لصالح التعددية الحزبية بدون اقصاء وحزف للاخرين .. ايها السودانيون الحروبات القبلية والسياسية والصراعات المسلحة نحو السلطة ستضعف البلاد والاقتصاد والجيش وسنكون عرضة للاحتلال من مصر واثيوبيا وكلما ضعفت دولتنا سيكبر طموح المتربصين والاعدء ان الاوان للسلام وان الاوان لحكم ديمقراطي تكون الكلمة فيه للشعب السوداني بدون مكر الكيزان وتزويرهم وبدون مزايدات الحركات المسلحة واحزابنا انها بلادنا جميعاوهي تسع الجميع بمختلف تعدداتهم السياسية والدينية والجهوية فلنؤمن ببلادنا وحقها في النهوض بين الامم نعيش علي التسول والشحدة واصبحت اللعنة تلاحقنا من جميع العالم حصار امريكي واروبي وتطاول من العرب والافارقة وفساد داخلي طغي علي كل شيء افيقوا يرحمكم الله حكومة ومعارضة فالدولة اذا انهارت ستنهار علي رؤوس الجميع وستكون مرتع للموت المجان والدواعيش والصراعات القبلية ان الاوان لردع طموح الموت والدمار .

  5. عشاااان ما عندهم وجيع

    وحتي الطفل السوري ما عملوه رمز لله في لله

    بعدين نحن لسع منتظرين رموز وكلام فارغ عشان كدة العصابة دي حتكون سارقانا للابد الموضوع ما طفل ولا رمز في النهاية الروح واحدة لو طفل ولا شيخ هرم ما مهم العمر او الجنس في النهاية روح الانسان محرمة الا بالحق

    تعليق ثابت:

    اااااااااااااااااااااي عملو كدة وحا يعملوا اكتر لو في اكتر من كدة. بنقدر نقلع العصابة دي نقلعها ما بنقدر نعاين بس ونقفل خشمنا ده ياخ لو زعلنا سااااااااي زعل الشفع ده وقعدنا في بيوتنا العصابة دي بتنقلع

  6. أطفال يموتوا بأسلحة وأيدى حكومة مجرمة فاشلة، وفتيات وشباب محتجزون في سجون النظام، كوارث ومأسي لا حصر لها في دارفور … ونحن ساكتين …

  7. الأخ إبراهيم حموده .. لك التحية والود .. هؤلاء القتلة الفاسقين .. أئمة الفساد لا بد أن يوم وقوفهم أمام العدالة قادم .. ربما تأخر قليلاً ولكنه قادم لا محالة .. هم إذا بقوا على الحياة لابد أنهم سيكونون على تراب هذا الكوكب لا كوكب آخر .. وضحاياهم لا محالة سيصلون إليهم ويقتصون منهم سواء عن طريق المحاكم أو بأيديهم .. المظلومين ديل ترى رجال رجاله ما ساكت بس هم ما عارفين .. هؤلاء اللصوص السفلة بلا عقول وإلا كانوا قد أدركوا ما ينتظرهم دنيا وأخرى ..

    أما عرابيهم ودجاليهم المقبورين فما أشد العذاب الذين هم فيه اليوم في قبورهم .. عذاب ربهم لا عذاب مظلوميهم ..

    “ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” صدق الله العظيم..

  8. الاخ العزيز
    طالما هذا القتل لاطفال الهامش
    فلن يلتفت احد له

    الكل يعلم عنصريتنا نحن في السودان
    اكثر شعوب الارض عنصريهو خاصة داخل السودان ضد بعضنا البعض
    و لكن بمجرد خروجنا لبلاد الله نعلم اننا كنا في ضلال مبين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..