منطق سياسي!ا

هناك فرق

منطق سياسي!

منى أبو زيد

القاسم المشترك الذي لاحظته بين أهم حدث رياضي في العام 2008م (افتتاح أولمبياد بكين) وأهم خبر تصدر الملاحق الثقافية كرحيل الأديب الروسي (ألكسندر سولجنستين) ـ والذي أحسبه طريفاً بعض الشيء ـ هو تعليق الرئيس الفرنسي ساركوزي على كلٍّ منهما في حينه! إذ قال في معرض رده على المنادين بمقاطعة سياسية صارمة لحضور حفل افتتاح أولمبياد بكين ـ من أجل تبرير موقفه.. ربما ـ في مواجهة (شيل الحال) الذي كانت تلوح به منظمات حقوق الإنسان (لا يمكن معاداة ربع الإنسانية)! كانت تلك إشارة صريحة إلى موقفه من إثارة غضب (1.3) مليار نسمة هم صناع وورثة القوة الاقتصادية الصينية القادمة، هو بالتأكيد في غنى عن معاداتهم.. بينما قال في اليوم التالي لرحيل الأديب الروسي (سولجنستين) إن الموت قد (غيب روح أحد أكبر الضمائر الروسية في القرن العشرين).. وإن خلود مؤلفاته ومواقفه الفكرية والسياسية يؤهله ليكون وريثاً لـ (ديستوفيسكي) بلا منازع! فـ (سولجنستين) هو الذي فتح أعين العالم على حقيقة النظام السوفيتي عندما أعطى تجربته بُعداً عالمياً، ورفض مغادرة البلاد حتى يتمكن من فضح ممارسات السلطة بصورة أفضل، فنشر مخاطراً بحياته مؤلفاته (جناح مرضى السرطان) و(أرخبيل الغولاق) اللذين اعتُبرا مقاومة فكرية وأدبية مؤثرة للقمع السوفيتي! لذا ختم (ساركوزي) تعليقه على رحيله قائلاً.. إنني أوجه التحية لذكراه! قائل هذا الكلام هو نفس الرجل الذي يدير خده لاحتجاجات منظمات حقوق الإنسان الداعية إلى مقاطعة تظاهرة رياضية بحجم دورة الألعاب الأولمبية من أجل فضح ما تراه ضد الإنسانية من ممارسات نظام الحكم الشيوعي الأصفر.. ويبرر رفضه مقاطعة حضور حفل الافتتاح بعدم منطقية أن تستعدي عليك ربع سكان العالم أو النظام الذي يحكمهم بجملة أكثر دقة! لكنه في نفس الوقت يترحم على روح صاحب الضمير الروسي والكفاح المشهود في فضح ممارسات نظام الحكم الشيوعي الأحمر الذي خرج من عباءته وسار على خطاه ذات الحكم الشيوعي الأصفر الذي يحتج ـ هو نفسه ـ بعدم منطقية فكرة معاداته! ماذا لو انعكست الآية التاريخية لذات الحدثين اللذين استوجبا ذات التصريحين؟! بمعنى أن يجد الرئيس الفرنسي نفسه مضطراً إلى التعليق على رحيل أكبر أديب مناهض لحكم الشيوعية الصفراء.. هل كان سيلقبه بصاحب أكبر ضمير (صيني) في القرن العشرين؟! أو.. ماذا لو كان ذات الرئيس الفرنسي معاصراً لحكم الاتحاد السوفيتي الذي حيّا نضال (سالجنستين) ضده ـ بصفته السياسية الرسمية كرئيس دولة ـ ثم تمت دعوته لحضور حفل افتتاح الأولبياد في موسكو؟! بالطبع كان سيقول نفس الكلام.. فـ العزف بالكلمات على أوتار الأمزجة الدولية والمصالح الاقتصادية، هو أول أبجديات التصريح السياسي.. حيث لا يهم أبداً أن تكون مُقنعاً.. بقدر ما يهم أن تبدو مقتنعاً!

التيار

تعليق واحد

  1. الظاهر ابو الرقابة اقصد الو العيال زعلتيه بمقال امس. مقالك ده مافيه غير "حيث لا يهم أبداً أن تكون مُقنعاً.. بقدر ما يهم أن تبدو مقتنعاً! " ما مشكلة لو انتي مقتنعة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..