مقالات وآراء سياسية

الجنجويد … البحث عن أرض الميعاد

احمد داوود

من منظور اليمين الشعبوي في المركز  _ تكمن الوصفة  الانجع للتصدي لخطر الجنجويد في فصل دارفور ؛ الجغرافيا التي لطالما صدرت القتلة وأمراء الحرب القبليين.
هذه الروشتة المقدمة من الشعبويين العنصريين تتجاهل الدور الذي لعبته النخب النيلية في تأسيس مؤسسةالجنجويد وتعمل علي إلقاء اللوم فقط علي دارفور كتكتيك ممنهج للهروب من دفع ضريبة سنوات من سياسات التهميش والافقار.
علي الجانب الآخر ، ولو ان الدعم السريع الذي يتكون من بقايا الجنجويد السابقين يقف علي أرضية صلبة من المظالم التاريخية بالنسبة لعرب دارفور الا انه يعمل وبشكل خفي علي استخدام ورقة المظالم التاريخية للتدشين لمشروعه الاستئصالي المدعوم اماراتيا.
تحالف عربي _ عربي
في مقاربة جديدة لفهم طبيعة الصراع في دارفور ، ينظر باحثين لتورط الكيانات العربية في قمع الشعوب الافريقية في دارفور لا كنتاج لانعدام الوعي السياسي فقط ، وإنما كنتاج لتحالف مصلحي بين عرب دارفور والنخب المركزية .
يستند التحالف  علي التزام النخب العربية في دارفور بأداء المهام القذرة للنخب النيلية عبر سحق الثورات والتمردات الشعبية في مقابل حصولهم علي الأرض.
يمكن ارجاع الجذور التاريخية لهذا الحلف البراغماتي الي بدايات ما سميت بالثورة المهدية التي دشنت اول نظام اسلاموعروبي في السودان والتي إنتهت بابراز الجانب القبيح من حكم النخب العربية الدارفورية الذي ما زالت آثاره باقية في ذاكرة الكيانات النيلية.
لقد كان من بين أبرز  نتائج هذا الحلف بعد حرب دارفور عمليات الاستيطان التي تمت لجماعات عربية من النيجر وتشاد في اراضي الشعوب الافريقية في دارفور .
يمكن إيجاد نماذج أخري أيضا في مدن مثل نيالا التي تم فيها تخصيص أحياء سكنية كاملة لعناصر الدعم السريع المشاركين في عاصفة الحزم والذين سبق وأن شاركوا في قمع الثورة الشعبية في دارفور .
مشروع أرض الميعاد
ادت سنوات من إنعدام الثقة والمخاوف المدعمة بالتجارب التاريخية بجانب تناقض المصالح الي فض التحالف والذي كان من أبرز نتائجه اندلاع معركة الخرطوم التي نزعت القناع عن المشروع الحقيقي للنخب العربية الدارفورية الذي كان من أبرز ملامحه سيطرتهم علي جهاز الدولة كمرحلة اولي في سياق مشروع ضخم مدعوم امارتيا يستهدف بالأساس المنطقة الممتدة بين السودان وتشاد والنيجر ومالي الي حد ما .
وبدأ ذلك واضحا في حجم المرتزقة الأجانب الذين تم استجلابهم بالخرطوم ، والذين قدرت اعدادهم قبل أشهر بنحو 18 الف .
الخطة “ب”
لما ايقنت النخب العربية استحالة تنفيذ هذا المشروع بعد أشهر من المواجهات الدامية ، انتقلت الي الخطة  “ب” والتي تعني السيطرة الكاملة علي دارفور والتي بدأ تديشنها رسميا باحتلال مدينتي نيالا والجنينة.
لقد كان الافتقار الي الأرض هو ما يمثل العائق الابرز أمام المشروع المقدس . ففي دارفور ترتبط  ممارسة السلطة دوما بحيازة الأرض التي تحدد علاقات السلطة والثورة بالتالي كان من المهم وفي سياق وضع حجر الأساس لأرض الميعاد المنشودة إعادة السيطرة الكاملة علي دارفور  .
رغم محاولة الإعلام الموالي تصوير احتلال الدعم السريع لمدن دارفور وكأنه تكتيك تفاوضي يحقق من خلاله بعض المكاسب في منبر جدة ، الا ان المعطيات تثبت عكس ذلك.
بحيث تفهم السيطرة العسكرية لا بوصفها تكتيك تفاوضي وإنما كمدخل للسيطرة الكاملة علي دارفور  . وتتيح السيطرة للدعم السريع الحق الحصري  في إعادة هندسة دارفور سياسيا وثقافيا واجتماعيا  بما يضمن سيطرة حواضنه الاجتماعية عليها.
انه اشبه بعملية وضع حجر الأساس لأرض الميعاد العربية في دارفور عبر نقل تجربة النظام القديم الذي يكرس للتفوق العرقي والثقافي لكيانات معينة علي حساب الكيانات الدارفورية قاطبة.
ففي ظل هذا النظام  تصبح السلطة السياسية والشرطة والقضاء وادوات العنف محتكرة من قبل آل دقلو والعشائر والقبائل المنضوية تحت لواء مشروع أرض الميعاد.
عليه ، وفي الحالة هذه لو نجح اليمين الشعبوي في تمرير كرت الانفصال ، سيصبح الدعم السريع الذي  سبق وأن كان يد المركز الباطشة فاعلا اساسيا في اية عملية تأسيس للدولة الوليدة ومسيطرا عليها ، وهو ما يعني بطبيعة الحال إستنساخ نفس الازمة القديمة داخل فضاء الدولة الجديدة بكل تمظهراتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
يسلط هذا الأمر الضوء بشكل واضح علي القواسم والأهداف المشتركة للشعبويين والنخب العربية في دارفور بوصفهما أبناء نفس السياق الثقافي والحضاري المؤمن بحق العرب في حكم السودان كمدخل للتمدد في أفريقيا.
الموقف الشعبي
لقد كان الموقف الشعبي العربي مناهضا لهذا المشروع غير ان الجنرال حميدتي نجح في تمريره اولا بشراء ذمم رجال الإدارة الأهلية وزعماء القبائل  وثانيا بالاستعانة بمرتزقة اجانب من النيجر وتشاد ليفرض علي ابناء عمومته في دارفور سياسة الأمر الواقع.
يعتبر حميدتي في نظر كثير من عرب الشتات بمثابة” المخلص ” والمسيح المنتظر وهو ما يفسر استعداد اغلب شباب القبائل للتضحية بحياتهم من أجله.
المخاطر وآفاق الحلول
لا يمكن فهم معركة الخرطوم واحتلال مدن دارفور الا بوصفها تدشين رسمي لمشروع  أرض الميعاد.
يرتكز هذا المشروع علي ثلاث أضلاع ؛ النخب العربية الدارفورية ، عرب الشتات في أفريقيا  ، المركز الاسلاموعروبي ممثلا في الإمارات  .
وفيما تتعمد الترسانة الإعلامية للدعم السريع تسليط الأنظار علي فظاعات النخب النيلية واشاعة فوبيا الكيزان  كشكل من أشكال التعتيم وسياسة تشتيت الأنظار ، يقوم جنرالات الدعم السريع  بتنفيذ المهمة المقدسة بكل أمانة وإخلاص بينما تتكفل الإمارات بتوفير الدعم والغطاء السياسي والدبلوماسي.
لقد ادت الاطماع السياسية للنخب العربية الدارفورية الي توريط شباب القبائل العربية في حروب بالوكالة ، وتقديمهم كقرابين بشرية من أجل الانتصار لنوازعهم الذاتية .
مخاطر هذا المشروع لن تطال فقط الشعوب الافريقية في دارفور ، تكمن خطورته أيضا في انه سيكون مدخلا للحرب الأهلية الشاملة وتفتيت دارفور باعلاء خطاب الهويات الجزئية وتعزيز الانقسامات الاجتماعية الذي ستدفع ثمنه في نهاية الأمر الكيانات العربية التي تورطت في هذا المشروع .
صحيح ان الكيانات العربية في دارفور كغيرها من الكيانات كانت عرضة لعنف الدولة ولكل أشكال التهميش والاستبعاد الممنهج ، لكن عليها الا تقبل بأن تتحول لاداة في يد النخب الانتهازية عبر التورط في حروب الوكالة ودعم المشاريع الاستئصالية والمدعومة خليجيا.

‫4 تعليقات

  1. أها دا عواطلى تانى مصاب بفيروس نظرية المؤامرة و يشيل ويشطح فى الاوهام والخيال الجامح و كلو طربقة بدون أى ادلة وبرانويا الامارات أصبح المبرر الوحيد للفلول لتفسير فشلهم فى الحرب التى اشعلوها.

  2. فى محاوله بائسه لطمس الحقائق وتغبيش الاذهان بأضافة نظرية المؤامره وإقحام البعد الجهوى والعِرقى كسبب رئيس لحرب الكيزان على جموع الشعوب السودانيه من أجل العوده للحكم يذهب الكاتب الى فرضيه لطالما قد نعقت بها ابواق الكيزان وهى أن الهدف الاساسي لقوات الدعم هو تنفيذ المخطط الاماراتى بتعريب وأسلمه الدول الممتده من دارفور الى النيجر كتمهيد لوضع يدها على مقدرات تلك المناطق. ذهبت الابواق الكيزانيه على تثبيت هذه الفرضية الساذجه من خلال وسائط الاعلام المختلفه وسرعان ما تلقفها انصاف المثقفين الذين وجدوا فيها منفذ لبث الشائعات والافتراضات التى تصب فى مجملها لصالح نظرية المؤامره التى تُسّهل عمليه تشتيت الاذهان من خلال صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقيه التى ادت الى نشوب هذه الحرب وبالتالى رفع الحرج عن الكيزان وتبرأتهم من تهمه اشعال الحرب هذا من جهه ومن جهه أخرى فأن اقحام اطراف خارجيه كمسبب لما آل اليه الحال وتصوير قائد الدعم السريع كمحارب بالوكاله لهذا الطرف الخارجى من شأنه أن يثير غضب الشعب على حميدتى وبالتالى تقليص او سحب السند الشعبى منه. فالمقال برمته ماهو الا محاوله لتبرئة ساحة أخوان الشيطان من اشعالهم لهذه الحرب وتصوير ما يجرى وكأنه بفعل طرف خارجى. وأخيرا نرجوا من الكاتب الرد على هذا السؤال
    أذا كان هدف الامارات هو السيطره على دارفور اولا واخيرا تنفيذا لمخطط أكبر أما كان من الأجدى عسكريا وسياسيا واقتصاديا ان يذهب حميدتى مباشرتا لأحتلال دارفور؟؟؟
    فنصف المجهود الحربى الذى بذله فى حربه ضد اللجنه الامنيه وجيش الكيزان فى الخرطوم كان سيحقق له وللأمارات هدفهم الاساسي . أنها حرب الكيزان ضد كل الشعوب السودانيه عرب وزرقه ونوبه فى محاوله اخيره منهم للعوده الى حكم السودان ولو ابادوا نصف السكان ولو احترق السودان بأكمله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..