الإخوان وخراب المعبد

ها قد دق المسمار الأخير في نعش الإسلام السياسي الدونكيخوتي المصاب بتضخم الذاكرة والذات والتاريخ المتخيل، وآذنت نهاية الإخوان في مصر بفشل مشروعها الأممي.

بقلم: نذير الماجد

وهكذا سقط الإخوان. النهاية سريعة. حلم امتد لعقود، سقط وتبخر فتحول الربيع الإخواني إلى خريف. يوم السقوط كما هو يوم النشأة يوم تاريخي بامتياز. سيذكر التاريخ هذا اليوم بوصفه منعطفاً حاسماً لتراجع درامي لقلعة الإسلام السياسي، حدثنا هذا التاريخ بأن صعود الإخوان هو تعبير عن أزمة، وهكذا كان السقوط في نظر البعض إنهاء للأزمة ذاتها.

أسدل الستار على مسرح البطل الدونكيخوتي، البطل الذي ولد متأخراً، بطل مثل دونكيخوت، الشخصية الكوميدية الشهيرة التي نسجتها ريشة الكاتب الإسباني سرفانتس، والذي تشبع بآداب وتقاليد تجاوزها الزمان، مثله تماماً حاول الإخواني أن يسترد مجداً ضائعاً وعصراً ذهبياً على مقاسه.

الإسلام السياسي منهج دونكيخوتي مصاب بتضخم الذاكرة والذات والتاريخ المتخيل، لم يستوعب الإخوان أن العصر قد تجاوز الايديولوجيات الشمولية والمتعالية، العصر عصر رغيف وحرية، لكن البطل الإخواني، كما هو دونكيخوت، كان ولا يزال منشغلاً بمصارعة الطواحين واستعادة “الفروسية” الضائعة.

لم يشكل صعود الإخوان وبالتالي سقوطهم مفاجأة، فبذور الموت كامنة في العقل ذاته، إنه عقل يتقن جيداً كيف يقيم معسكرات مانوية تفصل فصلاً فاشستياً حاداً بين ذات آخذة في التقلص وآخر آخذ في الاتساع، هذا النقاء الذي يرى فيه أتباعه آلية للحماية وتماسك الذات هو عامل التفكك كما يراه القيادي الإخواني المنشق ثروت الخرباوي، وذلك في كتابه “سر المعبد”، حيث كشف فيه خفايا وأسرار التنظيم، ثم نجده كما لو كان يتنبأ بأن ثمة خراباً قادماً لا محالة.

نستشف من مذكرات الخرباوي أن صعود قوى التطرف الأمينة لأفكار سيد قطب على حساب المعتدلين، وازدواجية الخطاب، والمفاوضات السرية مع الإدارة الأميركية، ومحاربة التجديد، والارتباط المشبوه مع الماسونية الماثل في أواصر الشبه بينهما، كما في طقوس التحضير السرية وأممية التنظيم وهيكليته، كلها عوامل شكلت في نظره بداية الخراب للمعبد، وبعيداً عن تقييم قراءته الموثقة حينا، والموغلة في نزوعها التآمري حينا آخر، تكمن أصالته في كشفه، ومن الداخل، لجرثومة السقوط في الإخوان. إن التنظيم، كما يوضح لنا الخرباوي، اختطفته نزعة كامنة فيه هي نزعة التكفير.

لكن الأهم هو الطبيعة الذرائعية والوصولية في الممارسة السياسية، والاستخدام الانتهازي للمفاهيم السياسية الحديثة، فبسبب البطانة التكفيرية في العقل لم يكن بوسع الإخوان القبول التام بالمبادئ الديموقراطية وشروطها.

كان جلياً تردد الإخوان في الاصطفاف إلى جانب ثورة 25 يناير، حتى أنهم شاركوا في الحوار الذي دعا إليه النظام ورفضه الثوار بوصفه خشبة الخلاص لنظام مترهل.

وكلنا يذكر الدور الأساسي الذي لعبته التكتلات الشبابية المؤمنة بالخيار الديموقراطي والمدني في تعبئة الحشود، حشود كانت تتحرك على إيقاع مطالب تشكل في جوهرها مصدر توجس لدى الإسلام السياسي الذي سارع إلى قطف الثمار.

كان وصول الإسلاميين للسلطة نتيجة طبيعية للتزاحم بين شرعية ثورية مستمدة من مليونيات ميدان التحرير، وشرعية انتخابية شيدت على خرائب الجهل والفقر المتفشي في المجتمع المصري. التنظيم الإخواني تنظيم تعبوي بامتياز، حشد الجياع لقطف ثمار الجنة وبيع صكوك الغفران.

وإذا علمنا حجم الأمية وأحزمة الفقر في مصر، سندرك كيف صعد الإخوان على أكتاف البؤس والشقاء والعواطف التي يسهل بيعها على المعدمين. ولعل في ذلك ما يؤكد التعالق العضوي بين “التأسيس المدني والتداولي ـ الديموقراطي” وتوفير الحقوق الأساسية كالحق في التعليم والأمن الاقتصادي، فالتداول الحر سياسياً يصبح زائفاً أو بلا معنى إن لم يستوعب الأفراد المضمون القانوني والأسس الأخلاقية لهذا التداول.

الحياة المدنية تتطلب اقتناعاً متأصلاً في الثقافة، هذا يعني أن كل بناء سياسي يجب أن يسبقه تحول ثقافي واقتصادي، ضمن حيثيات جذرية ينبغي أن تتضمنها كل مرحلة انتقالية.

من هنا شكلت حركة تمرد استعادة لثورة 25 يناير وتصحيحاً لمسارها. انتهى زمن مصارعة الطواحين واستعادة الفروسية الضائعة، حاكمية المودودي وتكفيرية سيد قطب لا مكان لها في بلد النهضة وهوليود العرب، الخطاب الأحادي الاستئصالي لا يمكن أن ينسجم مع مجتمع متعدد.

المجتمع المصري مجتمع متدين، هذا صحيح، لكنه تدين محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وحسن حنفي ونصر حامد أبو زيد، لا ذلك التدين الخوارجي الدونكيخوتي كما هو عند المودودي وسيد قطب وأتباعه الأوفياء. إن مصر النهضة والفنون ليست هي تورا بورا ولا المحاكم في الصومال، هكذا تريد أن تقول حركة تمرد.

سيرتبط سقوط المعبد بانحسار الإسلام السياسي الذي يتخذ من فكر المودودي مرجعية له، وسيعيد إلى الأذهان تراجع الأممية الشيوعية، وانهيار الأحلام الطوباوية التي رسخت الأنظمة الشمولية ومعسكرات الاعتقال، هل سيشكل الثلاثين من يونيو حدثاً مفصلياً في تاريخ جماعات الإسلام السياسي؟ هل نشهد سقوط عربي لجدار برلين؟

لقد دشنت إمبراطورية الإخوان البداية المأزومة لكل التيارات الإسلامية الساعية إلى تمكين الحاكمية، فهل سيمثل خراب المعبد المسمار الأخير في نعش الإسلام السياسي؟ يبدو واضحاً أن نهاية الإخوان في مصر إيذان بفشل مشروعها الأممي، الأمر الذي نستشفه في الانحسار الوشيك لفروعها في أكثر من بلد عربي وإسلامي، مؤشرات الانحسار والإفلاس ونذر الموت بدأت مع شح المواعيد وزيفها.

تعب الإنسان العربي من الوعود المؤجلة ومصارعة الطواحين، وتحريف اتجاهات البوصلة، وتعب من الأبواب الموصدة والأسيجة المقدسة التي تحول دون التعددية والتنوع والفردنة، وسئم في الآن نفسه من العود الأبدي للقمع عبر استبداله بآخر. وكل ما تريد أن تنتزعه حركة تمرد من العسكر أو الإخوان، ليس أكثر من حقوق وعدالة اجتماعية في الداخل، وسيادة واستقلال في الخارج، أما “المعبد” فله رب يحميه.

نذير الماجد
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. فشل الاسلاميون .. لأنهم سموا انفسهم اسلاميين ولم يقولوا نحن مسلمون .. ولذا وجب على المسلمين الاستفادة من أخطاء الاسلاميين .. فالمسلم وليس الاسلامي لا يعرف الاستعلاء على أخيه المسلم.. فالاسلام قادم ليس بالاسلاميين بل بالمسلمين الذين يبنون دولتهم على مبادئ الحب والاخاء والاحترام والايثار والصدق والتواضع أي على أساس من الاخلاق الفاضلة .. هو حلم اليوم حقيقة الغد .. أدعوا كل الاسلاميين أن يتواضعوا و يكونوا مسلمين ..

    0123652351

  2. التحية لشعب مصر هذا الشعب الذي قهر الظلم والظلام هذا الشعب الذي أرهب الطغاة في العالم وليس في مصر فقط ، هذا الشعب الذي يفعل ما يريد ، هذا الشعب الذي لا يعرف المستحيل هذا الشعب الأبي العنيد ، هذا الشعب المعلم هذا الشعب القائد هذا الشعب الذي فرض إدارته على حكامه وجيشه وشرطته وإعلامه وقضاته وأزهر وكنيسته……إلخ هذا الشعب الذي أمر الجميع بتنفيذ رغبته وإرادته ، هذا الشعب الذي أتى بالحاكم ثم تمرد عليه عندما إنحرف الحاكم عن جادة الطريق ، هذا الشعب الذي أذهل العالم هذا الشعب الذي يذل الطغاة ويسطر نهايتهم بحنجرته فقط وإصراره بنيل حقوقه وتحقيق أهدافه ، هذا الشعب الذي سجل أكبر رقم جماهيري في الشارع على مستوى العالم لم يسبقه شعب في ملايينه التي هزت اركان الطغاة ، فكل طاغية في العالم العربي وفي العالم أجمع يخاف من مثل هذا الشعب ، هذا الشعب ألقم الطغاة درساً لن ينسوه ، هذا الشعب ، علم الشعوب كيف يتحرر من الطغاة هذا الشعب أسجى للجميع دروساً لن ينسوها ، فالتحية لشعب مصراً أولاً وأخيراً والتحية والتجلة لشهداء ثورة 25يناير 2011م وثورة 30يونيو 2013م التصحيحية أو المكملة لأهداف الثورة ، التحية لجيش مصر العظيم وللقائد المبجل الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع لإحترامه إرادة الشعب والوقوف معه ، التحية لرجال الشرطة البواسل ووزير الداخلية الذين ظلمناه في بداية ثورة 30 يونيو حتى أثبت العكس ووقف مع الجيش والشعب ، التحية للأزهر الشريف التحية للكنيسة المصرية ، التحية وتعظيم سلام لشباب وشابات حملة تمرد التي كانت القائدة والرائدة لثورة 30 يونيو ، التحية لجميع أحزاب مصر الوطنية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ التحية لرجال ونساء وشباب وشابات وأطفال مصر ، التحية لكل مصري قال لا للظلم التحية لجميع إعلاميي مصر التحية لكل فناني ومثقفي مصر التحية لقضاة مصر الشرفاء التحية لمحامي مصر الشرفاء التحية لصحفيي مصر الشرفاء التحية لعمال مصر العظماء التحية لكل من نزل للميدان وصبر فيها حتى جلاء المحتلين الجدد لمصر (((الإخوان الشياطين) التحية لمصر شعباً وارضاً ونيلاً التحية لكل مصري قال لا للظلم التحية لكل مصرية قالت لا للظلم والتحية للمناضل أحمد دوما ولكل الثوار الأحرار الذين زج بهم في السجون من قبل إخوان الشياطين. والخزي والعار لكل إسلامي جبان من الإخوان الشياطين وجميع الأحزاب الإسلاموية فرداً فرداً لأنهم لا يشبهون مصر ولا يشبهون شعب مصر ولا ينتمون لأخلاق شعب مصر ،.
    وعلى الشعب المصري القصاص من قتلة الإخوان وعدم إتاحة الفرصة لهم للنمو مرة أخرى فمكانهم الطبيعي السجن لأنهم قتلة ومجرمون ومنافقون ولصوص ولا يمتون للدين الإسلامي بصلة. 0503476087 الرياض المملكة العربية السعودية

    وأرجو من الجميع إحترام إرادة الشعب الذي ظل وما يزال في الشارع منذ عام 2011 حتى تاريخه فالشعب هو الذي أزاح مبارك وخلع مرسي وأجبر الجيش والشرطة والقضاة والأزهر والكنيسة ……..إلخ للوقوف بجانبه ، حيث لا يمكن أن تجهض الثورة للمرة الثانية بالمجاملات والسذاجة السياسية والكرم المبالغ فيه والمثالية المبالغ فيه تجاه حزب النور وحزب مصر القوية ، فحزب النور لو لا غدر الإخوان بهم في حكومة مرسي ولو منحوهم أي وزارة لكانوا مع الإخوان وقد كانوا معهم في الرابعة العدوية وكذلك عبد المنعم فتوح الذي يحاول تحميل السيسي نتيجة هجوم كلاب الإخوان على الحرس الجمهوري ويطلب من الرئيس المؤقت أن يستقيل …… فالأمر واضح أيها الأحباب الكرام فلا وقت للمجاملة وإنتظار من له رجل مع مرسي ورجل مع القوى الوطنية ، فليذهب حزب النور إلى الإخوان غير مأسوف عليه وكذلك فليذهب أبو الفتوح وحزبه لمرجعه القديم ((( الإخوان الشياطين))) فلتمضي ثورة 30 يونيو قدماً دون تردد ((( لا مصالحة مع القتلة الكدابين ))) .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..