بعيداً عن السياسةِ

رفع صديقنا عينيه عن الصحيفة الرياضية التي يمسك بها ليسألني.. مباريات الدوري الممتاز اليوم من سيقابل من؟، قلت له الإجابة أمامك في العنوان الرئيس للصحيفة التي تقرأ فيها.. فقرأ بصوت عالٍ.. الفهود ينازلون النمور والنسور في مواجهة الذئاب، قلت فلماذا تسأل إذن؟، ضحك، وقال لم أفهم أيضاً من سيقابل من؟، نسيت أن أقول لكم إن الرجل ليس لديه كبير رابط بالكرة، ولكنه من جهات كوستي، يعيش في الخليج، ويريد فقط أن يتابع مباريات فريق مدينته أثناء أيام إجازته في الخرطوم، ضحكنا كثيراً قبل أن أخبره بتفاصيل المقابلات، بعد أن نزعت من كل فريق جلد
الحيوان- الذي يلبسه، فالذئاب هم فريق الرابطة كوستي، والفهود هم شباب الأمل العطبراوي، والنسور هو الاسم الحقيقي للفريق الأمدرماني الذي يشارك فريقي الهلال والمريخ تمثيل أم درمان، والنمور هم فرقة الأهلي شندي ولا أظن أن للاسم علاقة بأي ساكن من سكان الغابة، ولكنه يعود إلى المك نمر، أبرز رموز شندي التأريخيين- والله أعلم، صفق الرجل يديه فوق بعضهما وهو يقول.. الأسماء الحقيقية دي ما أجمل، البشتنه فوق كم؟،
بالطبع هنالك أسود الجبال، والخيالة والتماسيح، وفي الغالب، إنك تجد نتائج كثير من هذه الفرق لا تتوافق وهذه الأسماء الشرسة المحملة بدلالات الغلبة والانتصار، في الموسم السابق كان أحد الفرق مغلوباً بثلاثة أهداف وانتبهت فوجدت اسم حارس مرماه (أبو عشرين) فقلت في نفسي إذن ما أقل الثلاثة في مثل هذا الحارس (فالفال تحت اللسان وأحياناً تحت الاسم).
إذا انتبهت فستجد أن الفريقين الكبار في العاصمة استنسخا اسميهما من عنجهية السياسة الكذابة، فالأول اسمه الزعيم والثاني اسمه سيد البلد.. سيد البلد والزعيم مرة واحدة- مع أنهما عادة (ما يملصان هذه الألقاب) في المواجهات الخارجية.
في هذا الباب يعجبني اسم مريخ الفاشر الثاني (فرقة السلاطين)؛ لأنه يمنحك كل هيبة التأريخ ووقاره وأصالته، ويعجبني اسم الإكسبريس العطبراوي، الذي يطلق على أهلي عطبرة؛ لأنه يشعرك أن الفرقة أخذت قميصاً من قمصان المدينة ولبسته، وهذا فيه ما فيه من ذكاء وفطنة، ويدهشني اسم الأنيق، الذي يطلق على الميرغني الكسلاوي، وأين تلكم الأناقة إن لم تكن في كسلا؟.. ويعجبني اسم سيد الأتيام، الذي يكنى به الأهلي مدني مع أنه تعثر كثيراً في السنوات الأخيرة صعوداً ثم هبوطاً، ونسأل له الثبات هذا الموسم، كما إنني لا أدري حتى ما سر اسم الرومان، الذي يلقب به الاتحاد
مدني، والأولاد الذي يطلق على فريق الخرطوم؟.
بالطبع- أنا مدرك أن كثيراً من أسماء سكان الغابة، التي تجعل منها كثير من الفرق كنية ولقباً لها، تأتي من بعض الثقافة الأفريقية المستمدة من البيئة عندنا، فكثير من الأندية والمنتخبات في أفريقيا تكنى بذات الطريقة فتجد الفهود والأسود والنمور، وتجد النسور الخضراء، ونسور قرطاج، وغيرها…
المهم في كل ذلك أن تكون هذه الفرق “شايله” اسمها وليست كالأحزاب عندنا.. أمة بلا أمة، واتحادي بلا اتحاد، ومؤتمر بلا مؤتمرين.

التيار

تعليق واحد

  1. ومع ذلك ومع ذلك ! انتهي المقال سياسيا ! نمشي منها وين السياسة الغطست حجرنا دي ياخوي ؟ والله المرة دي مقالك حلو لانه كوكتيل !

  2. هي أسماء علي كل حال, وهي ملائمة أكثر من أسماء أعتدنا عليها سابقا مثل تلك الأسماء التي كنا نطلقها علي فرق المدارس والجامعات, فتصور ان تشهاهد عنوانا ضخما في صحفنا الحائطية يقول: المهدي بسحق دقنة بالثلاثة, والفاروق يلحق أكبر هزيمة بأبي عفان, أو بعض الفرق هنا في الخليج, كان تقرأ: القادسية يخسر سمعته أمام العربي, أو أحد يتقهقر ويتجه نحو الهاوية, والأنصار لم يعرف طعم إنتصار, وهكذا أسماء تفتح الباب واسعا امام نظريات المؤامرة وتجعل عنوان موضوعك ( قريبا من السياسة !!)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..