مقالات سياسية

إنتهازية الهامش – أنانية المركز 

د. حامد برقو عبدالرحمن

(1)

المدارس الثانوية القومية التي وئدت في عهد الإنقاذ ساهمت في ترسيخ وجداننا الوطني المشترك .

مع ذلك لم ترق لي فكرة مدرسة خور عمر الثانوية العسكرية التي يجمع فيها اول تسعين طالب من الاقاليم التسع ليدرسوا المناهج المعتادة( على نقيض ما هو متبع في الدول التي أخذنا منها التجربة – كالصين مثلا ) و بعد سنوات ثلاث يتقدمون في ترتيب اوائل الشهادة السودانية (بطبيعة الحال) و يدخلون الجامعات و يتخرجون كما الاخرين دون ان يبتكروا أو يضيفوا شيئا للسودان – اذا فما الغرض من المدرسة بالأساس ؟!!.

هناك في خور عمر إلتقيت بأشرف و ابي بكر . في يوم من الأيام قال لي ابوبكر  سمعت بأشرف يدعوك لقضاء إجازة هذا العام معه في شندي هل صحيح ؟

قلت له نعم !!

قال لي من الأفضل ان تذهب معي الي دنقلا و قدم بعض المغريات و التي منها السينما التي بجوار بيتهم .

رغم المثالية المفرطة التي تبدو للبعض؛  ذلك هو الوطن الذي بدواخلي و الذي سأورثه لمن في كنفي (رغم الإحن).

(2)

في حوار صحيفة الاحداث عام 2009 و الذي اسرفتُ في الإستشهاد به ؛ جاءت إجابتي عن قراءة مستقبل السودان أنذاك على النحو التالي: ((رغم مرارات الماضي و قتامة الحاضر الا انني متفائل بغد افضل – و التفاؤل اكسير الحياة. كل ما يحتاجه السودانيون هو التحول الي دولة ديمقراطية يحكمها القانون و يتساوى فيها الجميع – فيها يكون الناس الاحزاب و التنظيمات الحرة – و بتلك التنظيمات  يمكننا حل معضلتنا التاريخية . لكن ان اردنا اصلاح الحاضر املا في غد  اجمل للاجيال القادمة فلابد من مراجعة التاريخ و محاسبته- دولة جنوب افريقيا و التي تخلصت من النظام الفصل العنصري في التسعينيات استطاعت ان تحجز موقعها بين الامم المتقدمة اليوم و ذلك لا لشئ سواء ان شعبها اصحاب عزيمة قابلوا ظلامات تاريخهم بشجاعة و اخلاص. علم من ارتكب منهم الذنب من قبل ان لا احد سيحاسبه ان بات حاكما او محكوما فتخلى عن السلطة لصناديق الاقتراع طواعية و لم يتشبث بالحكم بدافع التسلط او منع الاخر من الاضرار به انتقاما للايام المظلمة. اذا على الناس ان يتخلصوا من فهم (ان لم اظلمك ستظلمني انت) .يمكننا ان نعمل سويا لمحاربة الظلم و تبديد الوهم ليوم افضل)).

(3)

رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها حركات الكفاح المسلح بغية الوصول الي ما نحن فيه اليوم لم اجد مبررا لمسألة الحكم الذاتي . فما الفرق بين ان يحكم دارفور محمد سليمان الفكي أو مني اركو مناوي ؟ بل ايهما أفضل لأهل دارفور ؟

برأي المتواضع فإن الحكم الذاتي مقدمة للشرخ الذي سيصيب وحدة تراب الوطن.

و إبن الأقليم هو من يوفر الأمن و الخدمات و التنمية و ليس من وُلِد بالأقليم .

(4)

على موقع سودانيز اونلاين كثيرا ما اعترضتُ على استخدام لفظ ( الجلابة) بمعناه المجازي .

أسر الجلابة لا تتجاوز ال 250 اسرة و تنحدر من مختلف أقاليم السودان رغم تفاوت بعضها لأسباب موضوعية. فهي لا تتأثر بنوع نظام الحكم القائم و هي أس بلاء السودان .

دون ذلك فإن جميع السودانيين مجرد مهمشين.

المؤسف هنالك من يظن بأنه جلابي لمجرد انه ينحدر من الاقليم الشمالي أو الاوسط – وهو الذي قد لا يملك قوت يومه .

في الجانب الآخر هنالك من أبناء الاقاليم الطرفية ( و المسماة بالهامش)من يعتقد بأن جميع مشاكل أهله قد عولجت لمجرد وصوله هو الي السلطة و الأمر من ذلك ان يقوم بإستدعاء مفردتي (الجلابة و المهمشين) وقتما تمت محاسبته  أو إزاحته من منصبه.

(5)

مازلت على قناعتي بأن جل ما يكتب على المواقع الإلكترونية من دعوات ( بعقليتي الانتهازية و الانانية المفترضتين بهتانا على الهامش و المركز على التوالي ) لفصل أي جزء من تراب الوطن مصدره أجهزة المخابرات الأجنبية التي لا تريد ان ترى  العافية مع السودان

(6)

من الجميل ان يتحدث الناس عن قضايا الوطن بصوت عالي ؛ لكن من الحكمة ان يكون السقف دون الإنفصال .

لأن المعطيات التي دفعت بشعب جنوب السودان للإنفراد بوطنه الخاص به لا تتوفر الآن بعد ذهاب نظام الإنقاذ.

كما أنه من الغباء ان يتوقع إخوتنا ببعض دول الجوار نجاح سعيهم لإقناع أبناء الاقاليم المتاخمة لهم بغية الانفصال ثم الإنضمام إليهم – ليتحولوا من أعزاء مكرمين في بلادهم الي دخلاء تابعين في بلاد الآخرين .

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. مبروك…..على المقال الرائع …يا دوكت ….دي رؤية وطنية ثاقبة …نحتاج اليها بشدة في هذه الايام ….

  2. يا دكتور حامد قلت كيف الدكتور خليل ابراهيم ههههههههه دوروا في دارفوركم النفايات دي زي ما عايزين ليوم الدين ما عندنا مانع بس فكو دربنا ياخي لو بحكم ذاتي ولا انفصال لانه المشكلة مافي الكراهية ولا الانانية ولا الانتهازية ولا صعوبة التفاهم معاكم بل استحالة تتفاهم مع الدارفوريين عمرهم لا حيفهمونا ولا حنفهمهم والموضوع ضياع زمن ساكت وربنا يسهل للجميع

  3. تاريخيآ كانت العبوديه فى أفريقيا نتيجه للفوارق الطبقيه, الإقطاعيون وملاك الأراضى يستعبدون الفقراء ويجبرونهم على العمل بالأجر البسيط أو لا أجر . مع الزمن لم يعد ذلك ممكنآ ولكن بقيت الفوارق الطبقيه. يتساءل ويبحث هؤلاء المظلومون عن سبب فقرهم فيقدم لهم الظالمون مختلف التبريرات ( إرادة ربنا , الفوارق العرقيه……) . تبقى مشكلة الفوارق الطبقيه بين غالبية الناس والقله التى تملك الأرض ووسائل الإنتاج فى كل أرجاء السودان والعالم قائمه, وتحاول دائمآ تلك الأقليات إقناع الغالبيه المظلومه بأسباب غير الأسباب الحقيقيه ( إرادة ربنا , الفوارق العرقيه) وذلك حتى لا يهتدوا للأسباب الحقيقيه ويعملوا معآ لإزالتها. أنا هنا لا أتكلم عن ضرورة الإشتراكيه, إذ يكفى العمل المشترك والتعاون من أجل تقريب الفجوه. إزالة الفوارق الإثنيه والدينيه كفيله بأن توحد هذه الجموع لتتعاون فى الحى والقريه والمدينه. لذلك لا تسغرب وجود من يسعى لأن يبقينا مفرقين ففى ذلك إستمرارية تميزه.

  4. ما شاء الله يا استاذ برقو المتوضي المصلى لم تذكر اي اية قرأنيه او حديث نبوي او حتى مقولة ان شاء الله في مقالك أعلاه عملا بنصيحة الكوزه بتاعت سودانيز اونلاين حتى لا توصف بالكوزنه..

    سؤال لك ولكل دارفوري لماذا تخشون وترتعبون من فكرة انفصال دارفور وقيام دولة دارفور المستقله..؟؟؟

    دارفور تمتلك إمكانيات هائلة ثروات معدنية وحيوانيه وكم هائل من المتعلمين وأصحاب الخبرات العاليه بعضهم يعتبروا خبراء دوليين مثل الوليد مادبو وغيره وتمتلكون عدد هائل من الجيوش العسكريه..اي لديكم كل مقومات الدوله المستقله

    بالأمس تم تنصيب مناوي حاكما لاقليم دارفور ،نتمنى أن يكون ذلك الحدث بذرة انفصال دارفور بأذنه تعالي،، ركز معاي على بأذنه تعالي يا استاذ برقو..

  5. ذات السيناريو …الذي ادى الى انفصال الجنوب …..بذات الوسائل والادوات …
    1/ صناعة ( قادة محليين ) مستلبين لاجندة خارجية …
    2/ انتاج وتنصيب حكام فاشلين فاسدين على مستوى مركز ادارة الدولة
    3/ اعداد وتشكيل ….او اعادة تشكيل …المكون الجغرافي والسكاني للمنطقة المراد فصلها
    4/ اختلاق ….وتضخيم الازمات …والوقائع …التي تؤدي الى تعميق الكراهية بين الطرفين
    5/ الترويج للانفصال بين الطرفين – ( بشكل مصنوع – احيانا عفوي انطباعي ) بعض التعليقات الواردة على موقع الراكوبة نموذج
    6/ تمرير الانفصال بوسائل شكلية قانونية ….وعبر صفقات سياسية
    7/ انتاج دولة فاشلة اخرى – تكون مجرد بيدق يرفد ويحقق اطماع ومصالح قوى الشر العالمية …ويرفد الاطلس بخطوط متعرجة تشكل حدود دولة جديدة تدور ( مثل الدول المتخلفة الاخرى ) في ذات مدارات الفشل اللعين
    من اراد المزيد عليه بقراءة ….كتاب كرة الثلج ….لا حد كتاب الموساد السابقين
    المحير ان هذه القوى الشريرة …. كل اهدافها ومخططاتها وكل مذكراتها وكتاباتها …..منقولة على الهواء مباشرة ….ونحن مثل تلك المخلوقات الطائرة المحلقة حول النار ….تطير لكي تقع فيها
    تحياتي مجددا للدكتور حامد …واخيرا
    كلما زيفوا بطلا ..
    قلت: قلبى على وطنى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..