
النظام العدلي الذي تركه النظام المخلوع يكرس للظلم بشكل غريب جداً تحت اسم القانون والعدالة، ويسهم بشكل أساسي في اكتظاظ السجون بالنزلاء ولا يحقق العدل في كثير من القضايا، وحقيقة من يطَّلِع على مشاكل نزلاء يبقى لحين السداد يتأكد من سوء المنظومة العدلية التي تقود الناس إلى السجون وتبقيهم سنين طويلة، ولكنها أبداً لا تتابعهم حتى تتحقق العدالة كاملة، بالسجن لا يحتفظ بالمواطنين بل ويعالج قضاياهم فهو مؤسسة اجتماعية.
واحدة من أمثلة الظلم المخفي خلف العدالة والقانون ما يسمى بمصطلح (التساليم) وهو يطلق على الإجراءات التي يتم بموجبها إرجاع محكومي يبقى لحين السداد إلى القسم الذي أتوا منه لمراجعة بياناتهم، فيطلق سراح من ليس عليهم بلاغات جديدة ويعاد إلى السجن من يتفاجأوا أن النيابة الموقرة تحتفظ ببلاغات ضدهم لم تخطرهم بها، وقد تعودت النيابات أن تلقي بالمواطنين في السجن ثم تنساهم ولا تتذكرهم إلا حين يأتي وقت التسليم تعود لتبحث في ملفه الذي مضت عليه سنوات، و أعتقد إنها لا تهتم بمتابعة من حكمت عليهم وليس لديها نظام متابعة تتحرى من سلامة الإجراءات وتقدمها وعدالتها، وأحياناً يكون الشاكي هدفه الانتقام من المدين فيحتفظ بالشيكات وكلما تم تسوية شيك وسمع بقرب خروج المدين حرك البلاغ وتساعده النيابة .
الآن هناك عدد من الذين تم أطلاق سراحهم بدعم من ديوان الزكاة ولكنهم ما زالوا باقين في السجن بسبب ظهور هذه البلاغات التي تحتفظ بها النيابة، ولو علموا بها من البداية لتمكنوا من معالجتها، وحقيقة هذا الأمر محبط جداً وأعطى النزلاء احساساً أن النيابات لديها مصلحة من هذا الإجراء، وقد اشتكى النزلاء من هذا الإجراء الأسبوع الماضي لعضو المجلس السيادي عائشة موسى التي وجهت بعدم استمرار سجن أي نزيل بسبب البلاغات الجديدة .
يقول بعض النزلاء إنه أحياناً عند التسليم يجد القسم الخطاب ولا يجد البلاغ فتقوم النيابة بعمل إجراءات جديدة، ويقال أحياناً أن الشاكي لا يحرك البلاغ بل يفتحه ويمضي إلى سبيل حاله وحين يأتي وقت خروجه يتصل به بعض المتعاونين معه من النيابة وأخباره بأن المدين على وشك الخروج، و أخبرني أحدهم أن أحد الدائنين اتصل به وأخبره انه سيبقيه في السجن مدى الحياة بقانون يبقى لحين السداد وهذا عقوبة تسعده، كما يشتكي ((الدائنون)) المدينون من إجراءات الإعسار.
أعتقد إنه من العدالة أن يعلم النزيل بكل البلاغات التي ترد إلى الاقسام ضده حتى يسويها كلها ويعالجها في وقت واحد، ومن الظلم أن تحتفظ النيابات بالبلاغات دون أن يعلم بها النزيل ويتفاجأ بها كل مرة وهو على وشك الخروج، والأهم من كل هذا لا بد من مراجعة عمل النيابات وتأهيلها وتطويرها لتقوم بواجبها كاملاً وتحقق العدالة المطلوبة، والنزلاء دائماً يشتكون أن العدالة تضيع بين النيابات والسجون، فهلا انتبه وزير العدل والسادة في الحكومة الانتقالية لمنظومة العدالة والقوانين التي أصبحت تشقي المواطنين أكثر من أن تحقق لهم الراحة.
أسماء جمعة
التيار