أليس في الخرطوم رجل رشيد؟

د. ياسر محجوب الحسين
أمواج ناعمة
لم يكن الحكم القضائي الثاني على الفتاة السودانية المتهمة بالردة عن الإسلام والصادر من محكمة الاستئناف والقاضي ببطلان الحكم الأول، كافيا لإسدال الستار على قضية لم تشغل الرأي العام السوداني فحسب، وإنما شغلت الرأي العام العالمي لاسيَّما الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.. واعترفت الخرطوم بأنها تعرضت لضغط دولي لم يسبق له مثيل.. الحكم الأول قضى بإعدام الفتاة – وتدعى مريم يحيى إبراهيم (27 عاما) ? التي تحولت من الإسلام إلى المسيحية أو هكذا اتهمت؛ بينما الحكم الثاني نقض الحكم الأول وأطلق سراح المتهمة وكأن شيئا لم يكن.
أخطاء سياسية وقانونية وضعت السودان في مرمى الانتقادات الدولية العنيفة في ظل أزمة انعدام ثقة متجذرة بين نظام الخرطوم والمجتمع الدولي أسهمت فيها بشكل كبير أزمة دارفور التي تجاوزت عقد من الزمان دون حلول ناجعة ونهائية.. لم تجد الولايات المتحدة بدا من التدخل وبشكل سافر في قضية الفتاة وهي متزوجة من رجل من جنوب السودان يحمل الجنسية الأمريكية.. ولم يكن دافع التدخل جنسية الزوج فحسب، بل بسبب قوة دفع الرأي العام الأمريكي التي أثارته إجراءات الحكومة السودانية على خلفية تاريخ طويل من سوء الظن والاختلاف والتباين في العديد من القضايا.. ولهذا تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على السودان منذ العام 1997 بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، وشددت العقوبات في 2006 بسبب أزمة دارفور.
البلدان تبادلا استدعاء القائمين بالأعمال لدى كل منها؛ السودان يحتج على تدخل واشنطن في قضية سودانية داخلية، وواشنطن تحتج على ما تراه انتهاكا لحقوق الإنسان وحرية العقيدة لزوجة مواطن أمريكي.. الحماس الأمريكي للفتاة المتهمة جعل واشنطن تتعجل خروجها من السودان فور إطلاق سراحها فعمدت السفارة الأمريكية في الخرطوم لإعطائها تأشيرة دخول للولايات المتحدة على وثيقة سفر اضطرارية أصدرتها سفارة دولة جنوب السودان، ورأت الخرطوم في ذلك خطأً فادحاً من جانب سفارتي البلدين وتدخلا سافرا في شؤون البلاد، واكتشفت سلطات الأمن السودانية الأمر في مطار الخرطوم حين كانت المتهمة تهم بالسفر إلى خارج البلاد.. لاحقا اعتذرت السفارة الأمريكية بالخرطوم وفقا لمصادر سودانية حكومية، بينما بررت جوبا خطوتها على لسان متحدث باسم الرئيس سلفا كير إن زوج مريم الأمريكي مواطن من جنوب السودان، ولذلك أصدرت سفارة جنوب السودان في الخرطوم وثائق السفر لأسرته.
المراقبون للشأن السوداني يجزمون أن خللا كبيراً أصاب (كابينة) القيادة السودانية، وأن هناك شكوكا قوية حول قدرة النظام على إدارة أزماته السياسية الأمر الذي خلق هذه الحالة من البلبلة وسوء التصرف السياسي.. ثلاث قضايا خلال أقل من شهر ارتكبت فيها الخرطوم أخطاءً قاتلة وهي تحاول اليوم معالجتها والخروج من مآزقها؛ فاعتقال الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي على خلفية انتقاده لقوات مسماة بقوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، ثم إطلاق سراحه بعد أن أحدث ذلك الاعتقال شرخا كبيرا في مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس عمر البشير في يناير الماضي.. القضية الثانية قضية الفتاة المرتدة وما صاحبها من جدل دولي رسخ صورة نمطية سالبة عن الأوضاع بالبلاد.. القضية الثالثة إغلاق صحيفة الصيحة من قبل جهاز الأمن والمخابرات على خلفية تطرقها لملفات فساد تورط فيها نافذون حكوميون، الأمر الذي أشاع استياءً واسع النطاق في الشارع السوداني الذي رأى في الصحيفة صوته الذي يرفعه في وجه التجاوزات الحكومية ومازالت الصحيفة مغلقة رغم وعود حكومية بإعادتها للصدور وأبدى الثلاثاء الماضي الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان مشهود بدرين قلقه من استمرار الرقابة القبلية والبعدية على الصحف في السودان ولفت إلى أنه تلقى تطمينات بمعاودة الصحيفة الموقوفة، لكنه نوّه إلى أنه غير واثق من عدم تكرار الحكومة لتصرفاتها والتضييق على الحريات الصحفية.
الخميس الماضي شهدت الخرطوم، ثلاث وقفات احتجاجية منفصلة، نظمها صحفيون تضامناً من زميل معتقل، وصيادلة يطالبون بقيام اتحادهم المهني، ومتقاعدون للبنوك احتجوا على عدم تنفيذ بنك السودان المركزي لحكم أصدرته المحكمة الدستورية بشأن مستحقات مالية.. واعتقل الصحفي بولاية غرب كردفان منذ 10 يونيو الحالي، في أعقاب حملة اعتقالات طالت رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ وناشطين في الحزب، بسبب انتقادات وجهها الشيخ خلال ندوة عامة لقوات الدعم السريع.
الوضع المتأزم في البلاد يحتاج لقرارات قوية وربما قاسية تغير النهج المتبع في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتصاعدة ولا تكفي مجرد التصريحات التي يغلب عليها التمني أكثر من الإرادة والعزم لمعالجة هذه الأوضاع؛ الرئيس البشير قال في آخر كلمة له ألقاها في ختام أعمال مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم (الخميس)، إن دعوة الحزب للحوار ليست من ضعف، وإنما لإيجاد مخرج للأحزاب لممارسة نشاطها، مشدداً على أن الحكومة مع الحريات المسؤولة، داعيا الأحزاب والقوى السياسية لممارسة نشاطها بحرية.
[email][email protected][/email]
البشير هو من يحتاج لمخرج اولا واخيرا داخليا وخارجيا
عاوزين نعرف البلد دي حقت منو وسيدها منو
مشكلتنا وازمتنا كل واحد مسؤل عامل فيها سيدنا ونحن عبيده
طظ
when will the sudanese people understand this governement is no more than bunch of hooligans and thugs,
the only place for them is prison.
الحرية تنتزع … والحوار معك خط أحمر …. واﻻيام حبلى .. لن نلوث أيادينا بمصافحة من تلطخت اياديهم بالدماء
YOU DID NOT SUGGEST THE SOLUTION OR EVEN YOUR OWN OPINION