الجانجويد كما عرفتهم عامي 2002 – 2003 (2)

عمر القوني
بعد وفاة أبي رحمه الله وفراغنا من جنازته وما يتبع ذلك من العادات والتقاليد البدعية، طفقت أسافر لزيارة أرجاء السودان المختلفة كالمودع لها الوداع الأخير، فسافرت شمالاً إلى شندي والمتمة وعطبرة والدامر، وشرقاً إلى كسلا ثم قلسة وأبو قمل على الحدود الإرترية، ثم جنوباً إلى جوبا بالطيران، ثم زرت كردفان ووصلت إلى الفولة مروراً بالأبيض، وكنت في كل مرة أعود إلى الخرطوم قبل أن أسافر إلى وجهة جديدة، وجعلت دارفور آخر وجهاتي لعلمي بأنها سوف تخلف في وجداني جرحاً نازفاً قد لا يرقأ مدى الدهر، فسافرت بالطائرة من الخرطوم إلى الفاشر، فنزلت في مطار الفاشر، وصدمت لرؤية حطام طائرة في مدرج المطار، وأخبرني أحد العسكريين أن قوة من حركة العدل والمساواة هاجمت الفاشر بقيادة عبد الله أبكر وقامت بتدمير تلك الطائرة، ثم أخذني مضيفي وكان من كبار العاملين في الحكومة الولائية والمؤتمر الوطني في سيارته إلى منزلهم في حي اسمه الكرانك، وهو أقرب الأحياء السكنية من قيادة الفرقة السادسة، وكان معظم سكانه من العاملين في الحكومة والجيش، وكانت المدينة تعج بالعسكر من مختلف الوحدات من القوات المسلحة والدفاع الشعبي و”القوات الصديقة”، فلا تكاد تلتفت إلا وترى زياً عسكرياً.
كان الجو العام مفعماً بإحساس كهربائي غريب، يظهر ذلك جلياً لمن أمعن النظر، أو جالس الناس البسطاء الذين يتكلمون بعفوية من شتى القبائل السودانية المستعربة وغيرها، وكان القاسم المشترك بين الجميع هو السخط على الحكومة المركزية بسبب أسلوب التعامل مع التمرد بالتسليح القبلي، وحتى موظفي الحكومة – كمضيفي – وبعض ضباط الجيش لم يكونوا راضين عن ذلك، والجدير بالذكر هنا أن أول من سمعته ينتقد ذلك أمامي كان من المنتسبين للقبائل المستعربة وكان يعمل في مؤسسة الشهيد في غرب كردفان، وكلماته مازالت ترن في أذني حيث قال لي ما معناه: ما الذي يؤمن الحكومة أن تنقلب هذه القبائل وتتمرد عليها؟ وطفق يحدثني عن شعور الرزيقات -وهو منهم- بغبنٍ بسبب عدم توظيف أبنائهم في قطاع البترول، وقال لي: “لماذا يطلع البترول من عندنا ويتم تصفيته في الجيلي، ولا نستفيد نحن منه بالمرة؟ وحتى الوظائف الصغيرة كالحراس والعمالة غير الماهرة يأتون بها من جهة معينة وينتمون جميعاً لقبيلة معينة!” وهذه نقطة سأعود إليها في مقال آخر.
لم يكن اسم “الجانجويد” متداولاً في تلك الفترة، ولكن سمعت بعض ضباط الجيش يسمون تلك القوات غير النظامية بالقوات الصديقة، وكان لقب المتمردين هو تورابورا، تشبيهاً لهم بطالبان والقاعدة، وربما يدل هذا اللقب على الإحساس الباطني لدى العامة بعدالة قضية المتمردين، أو هو تعاطف لا شعوري، بل إن الكثير ممن ينتسبون إلى القبائل المستعربة كانوا متعاطفين بعض الشيء مع المتمرد خليل، بل كانوا معجبين به جداً، وكانوا يحدثونني بإعجابٍ وتعجب عن خطبه التي كان يلقيها تحريضاً للناس للانضمام إلى الدفاع الشعبي للذهاب لقتال التمرد في الجنوب، ثم ها هو الآن يقود تمرداً آخر، وكانوا يحدثونني عن تواضعه وكرمه وأخلاقه الحميدة، وأقول ذلك للدلالة على النفسية العامة في الفاشر في تلك الفترة (أي أوائل عام 2003).
وكان من أسباب السخط العام أن الكثير ممن يتم تسليحهم لم يكونوا سودانيي الجنسية وإن كانوا ينتمون إلى قبائل مشتركة بين السودان والدول المجاورة، وكان بيت مضيفي قريباً جداً من قيادة الفرقة السادسة لدرجة أننا كنا نصلي الصلوات الخمس في مسجد سيد الشهداء داخل سور إدارة التوجيه المعنوي، وكنا نرى مجموعة كبيرة من القبائل المستعربة يحضرون كل يوم إلى قيادة الفرقة لاستلام أسلحتهم من الجيش وهم يلبسون الكدمول، وهذا اسم لم أسمع به قط إلا هذا العام، ولم أر سودانياً يلبس الكدمول بدلاً من العمامة السودانية المعروفة قبل ذلك، علماً بأن هذه أول وآخر مرة أزور فيها شمال دارفور.
وكانت “القوات الصديقة” تقيم في مدرسة نموذجية قريبة من قيادة الفرقة السادسة، وتعرفت على أحدهم وكان اسمه علي من أبناء الفاشر وينتمي إلى قبيلة بني حسين، فكان علي هذا يجالسني وأبناء مضيفي كل يوم للحديث في المساء، وكان علي هذا ذكي الذهن، لم أر عبقرياً يفري فراه، رحمه الله، ولا يدانيه أحد من الطغمة الظالمة الحاكمة في الخرطوم في بعد النظر حيث رأى هذه الحرب قبل نشوبها بعشرين عاماً، ومن كلماته التي لا أنساها ما عشت أنه قال لنا يوماً إن بعض أفراد القوات الصديقة ليسوا سودانيين، بل جاءوا من وراء الحدود طلباً للسلب والنهب، ولا يتورعون عن القتل وارتكاب جرائم يندى لها الجبين، فسألته ما هي هذه الجرائم، فاستحيى أن يذكرها، بل سدر يحدثنا أن هؤلاء القادمين من وراء الحدود لا يبتغون الخير للسودان وأهله، وأن السودانيين أرحم قلوباً بالسودانيين من هؤلاء الوافدين ماعدا قبيلة واحدة هي المحاميد.
ثم شن علي الحسيني هجوماً لاذعاً على قبيلة المحاميد سودانيهم وأجنبيهم، ووصفهم بأنهم أقسى قلوباً من اليهود، ولم أرتح لهذا الحديث وحاولت مجادلته والدفاع عن القبيلة ليقيني بأن القبيلة بكلها وكليلها لا يمكن أن تجتمع على هذه الجرائم، ولكنه أصر وقال لي الجرائم التي يرتكبونها في دارفور لم يرتكبها اليهود في فلسطين المحتلة، وأخبرني أن جميع المستعربين في القوات الصديقة لا يرضون بجرائم الوافدين وإن كانوا من نفس قبائلهم ما عدا المحاميد الذين كانوا يشاركون الغرباء في ارتكاب أفظع الجرائم وأقساها، وقال لنا إن “الجلابة” الذين قرروا تسليح المحاميد “إما لا يعرفون الله أو لا يعرفون المحاميد” وفي كلتا الحالتين سوف يأتي يوم يندمون، وتنبأ بأن المحاميد سوف يتمردون على الجلابة طال الزمن أو قصر، وإذا حدث ذلك فإنهم سوف يحرقون السودان كله، ويجعلون “الجلابة” يشتاقون لتمرد خليل وقواته، والعجب أن من الأشياء التي تنبأ بها علي الحسيني ولم ينتبه لها أهل السلطة حينها أن جرائم الحرب التي تحدث في دارفور قد ينتبه لها العالم الغربي، وقد يطلبون القبض على الرئيس عمر البشير نفسه ومحاكمته كما فعلوا في دول أخرى كما سمع من إذاعة لندن.
وكنت أتعجب عن ماهية هذه الجرائم التي أسمع بها ولا أحد يريد أن يسميها باسمها، ولكن بعد أسبوعين تقريباً من جلستنا الأخيرة مع علي الحسيني علمت أن الجريمة التي كان يستحيي أن يجري ذكرها على لسانه هي جريمة الاغتصاب، وذلك حين وصلنا خبر أن علي الحسيني قد استشهد وهو يدافع عن عرض النساء في كتم، حيث استشهد أيضاً عدد من جنود القوات المسلحة على رأسهم ضابط برتبة مقدم، وعدد من الدفاع الشعبي، وبعض أبناء القبائل الدارفورية المستعربة في القوات الصديقة، وهم يدافعون عن نساء كتم، وكان من ضمهن أخوات اللواء التجاني آدم الطاهر اللاتي نجاهن الله بفضله ثم بفضل أولئك الشجعان والشهداء، وتأكدت من ذلك الخبر فيما بعد من أحد هؤلاء الشجعان من قوات الدفاع الشعبي وكان من أبناء مروي واسمه إبراهيم، وحدثني عن تلك المعركة التي نشبت بينهم وبين القوات الصديقة في كتم وكيف استغاثت بهم إحدى أخوات التجاني، وكيف قاموا بتهريبهن أثناء القتال، وهذا خبر لم تنشره وسائل الإعلام الحكومية قط ولكن يعلمه القاصي والداني ممن كان في شمال دارفور في تلك الأيام، ألا رحم الله علياً ورفاقه الذين ماتوا مدافعين عن عرض نساء دارفور، وانتقم الله من قاتليهم ومن سلحهم أو رضي بجرائمهم.
وفي الجزء القادم سأحدثكم أكثر عن الجانجويد كما عرفتهم عن قرب.
يعني دي حرب مخطط لها من عام 2003 ورات النور في 14ابريل 2023
طبعا مخطط لها بس ناس الجيش ومخابراتة كانوا نائمين فى العسل إلى هذا اليوم .أما المحاميد والرويقات هم نفس القبيلة .وكلام الراوى صاح الان البقتل والبسرق والبغتصبو هم ناس البيجر وتشاد .لان انا عشت الحرب فى الخرطوم والجزيرة.وشفت كيف معاملة اولاد الحرام من النيجر وتشاد ومعاملة اولاد الجزيئات عند دخول البيوت بطلب من العوين ( النساء) دخول الغرف ويتكلمون مع الرجال.دا انا الشوفت أما الحرامية اولاد الزنا من النيجر وتشاد والله سوف نزبحهم وناكل كبادهم
المحاميد ديل خشم بيت ناس موسى هلال و لا انا غلطان
و حميدتي من المتهرية و هناك الزيدية
أعا بقينا رزيقات جربندية ساكت
بعد دا الا نناسبهم كي
تصحيح غلطات الكي بورد
المحاميد ديل خشم بيت ناس موسى هلال و لا انا غلطان
و حميدتي من الماهرية و هناك الزيدية
أها بقينا رزيقات جربندية ساكت
بعد دا الا نناسبهم كي
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده يصيده الضرغام فيمن تصيدا
المشاكل كلها جايه من دارفور
الجنجويد لا أخلاق و لا خلق لهم
مجرمين حاقدين جهلَه عندهم أنتهاك العرض و النهب فراسة .
أن شاءالله مقبرتهم أرض السودان و سوف تشكرنا القارة السمراء من تخليصها من هؤلاء الرعاع.