رسالة مغترب قبل الانتحار…!!!

(اسمى قد لا يهمكم كثيرا.. فانا نكرة فى دولة بنى زوول او ربما كنت احد الارقام المنسية المنفية في ساقية الحياة التى تدور فى فلك بلد اعتنق البؤس والشقــاء والظلم فالســودان لايعترف الا بوجهين اما إن تكــون حاكما ظالما غاشما اوتابعا للحكومة حتى تنعـــم بحياة رغيدة ومليارات عديدة… تملك كل خيوط اللعبة او تكــون الوجـــه الاخر محكـوما مظلوما مكسورا منسيا منفيـا لاتملك الا الوهم …والخوف والصبر…
هكذا دفعتنى حياة مهترئة لا توازن فيها.. ارغمتنى الى الخـروج من حصار الفقر المدقـــع طمعا او رغبة الى الانتقال الى واقـــع فيه شىء من كفاية… وســـــط محاولات لنسيان لغة العـوز والاحتياج لقد كبلتنى وقتها الديـون وارهقتنى مشاوير الاحتياج هكذا لفظنى المكان كما يلفظ الشجر اوراقه اليابسة عندما تهب عليه ريــــاح الشتاء الباردة إنــه واقع حياتى الغارق فى الاحــــزان من اخمص قدمي حتى اطراف شعـــر راسى الذى اكتسحته جيـــوش الشيب وقتها حاولت إن ادفـــع الاحباط جانبا واحاول إن امضى الى حياة ابنى فيها واقعا لا اتذوق فيه طعــــم هذا الفشل المستمر ….
وقتها لم اكن امتلك الا ارض صغيرة فى قريتنا التى هجـــرها الامــل بعد إن زحـــف عليها التصحر وغمرتها الرمال المتحــركة … ولم يكن هنالك من خيـــار الا الهـروب خـــــــارج البلاد.
لملمت كل اطرافى وبعت كل ما امتلك وقتها وتركت خطيبتى لوعود طويلة الاجل وعود لا تملك معها الا الصبر… ومضيت اطـــرق ابـــواب الغربة القاسية لعل الحـــظ العاثر يفتح ابواب المستقبل بفرح واعد ينسينى هوان النحس القابع حولى والمتربص بامالى ويخفف من وطأة القادم من المجهول…
وساقتنى الايام الى بلاد الاغتراب واسقطت منى حلاوة الاحساس بمتعة العـــمر واجتهــدت وكافحت وتابعت… ومضيت احفر بالاظفار لعلى اخرج من قمقم الفقر ..وكان الصبر طريقى ورفيقى وظللت بين نارين نار العوز ..والافــواه التى تنتظر القروش التى ارسلها عن طيـب خاطر وانا احيا على الامل بان الغد الاتى ربما هو الافضل وهـو الاجدى ان احيا له والاجدر وبين نار الاغتراب التى تاكل العمر والاحلام …..
لم تنتظر خطيبتى عودتى فقد تشبثت باول رجل تقدم لها فتزوجت ومضت كأن شى لم يكن بينى وبينها فبدون استئذان وصلنى الخبر … فابتلعت غصة الحـــزن الجديد …فعرفت بعد فوات الاوان ان الحب كان مبنيا على وهـم ووعود … واستدرجتنى الاحـــزان الى سنوات وهى تجدد عهدها معى …وندبت حظى (والصوفة المكنجرة) فقـــد ابت الافراح ان تطــرق بابى فتوطنت معى الاحزان وسكنتنى الاحباطات ومضت الايام لتبتلع سنـوات من العمر وانا اكافح واشقى ولم تتخلل العشر سنـــوات التى قضيتها فى الاغتراب اجــازة … فكنت نعـــم الضاحك الباكى فكلما اسمــع عن الوطـــن المكدس بالمعاناة اتراجــــع عن فــــكرة الســـفر والعودة…
ومضت السنوات كل سنة تاكل اختها …وجمعت ماتيسر من مال وارسلت كل حصاد سنوات غربتى الى احد اقربائى فى الوطن وطلبت منه إن يشترى لى بيتا متــواضع فى احد الاحياء الشعبية … وللاسف كنت اثق فيه ثقة عمياء .. و حولت كل ما املك لقريبى .. ومضت أيام وانا انتظر … ولكن كانت الفاجعة والمصيبة ..يوم وصلنى الخبر بهــــروب قريبى ومعه كل ما املك …من مال الى الخارج بعد إن تزوج وتركنى… للتحسر والندم….
اليوم لم اعد افرق بين الخطأ والصواب …تذكرت مرارة الحياة التى مـــررت بها وسئـمت فيها كل مافيها… احضرت حبلا من اقرب بقالة وربطتــــه فى السقف جيدا … ووضعــــت كرسى …..وربطت الحبل حول عنقى … ثم….)
هكذا فـــارق ع الحياة بعد إن انتحر حقيقة… فحين افتقده اصحابه وجدوه معلقا على حبل داخل غرفته التى عاش فيها وحيدا …ومات ع غنيا بالاحباط …فقيرا للايمان ..مستسلما للانهزام … ربما كان جــرحه عميقا … ولكن هل هناك من يستحـــق إن ينتحر من اجله او هل الانتحار هو حل ام إن الحلول يجب ان تاتى مرغمة بالمواجهة …والله المستعان

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الله يرحمه . هذا حال الكثير من اهل السودان الاشاوس ولو لا صبرهم صبر ايوب للحق بالمنحر ولتصدر السودان دول الانتحار (ولاحول ولاقوة الا بالله

  2. هو طبعا ما الحل لكن الإنسان المكتئب بيتربصه الشيطان ويقعد يلعب بيهو لحد ما يوصله المرحلة دي . المفروض المحيط وقصدي الأصدقاء والزملاء يحاولوا يطّلعوا الواحد بسرعة من الوضع اللي هو فيه بشتى الوسائل ولو بالترفيه ،أو القرب من الله بالعبادة وزيارة المسجد جماعة وغيرها من الاساليب النافعة ،أو مساعدته ماليا وحلحلة أزمته من باب من فرّج على مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة .
    السؤال البيدور في ذهني دائما لمّن بسمع عن إنتحار فلان وعلان إنه هذا الشخص شجاع لأنه يعي تماما أنه ذاهب إلى الجحيم وبعد كده بيوثق حبل خاتمته بنفسه .. طيب ليه ما يكون مشروع فدائي هو وغيره ويقلعوا النظام وهم متأهبين للموت مرحبين به ومتأكدين إنه مثواهم الجنة !!! أصله في النهاية هم باعوا الدنيا وأستعدوا للرحيل فليكن في الرحيل نفسه هدف أسمى .
    يارب إرحمهم جميعا وترفق بهم فأنت أعلم مني ومن الجميع بحالتهم وأنت الرحمن الرحيم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..