مطاريد الجبل

زمان مثل هذا
مطاريد الجبل
الصادق المهدي الشريف
? أتمنى أن لا يكون الشرتاي جعفر عبد الحكم والي غرب دارفور جاداً فيما ينوي القيام بهِ وهو طرد قوات مناوي من الولاية. ? وليس هذا فحسب…بل يريدُ الرجلُ طرد (كافة الحركات الموقعة على السلام من الولاية وملاحقتها)… كأنّما لا تكفي عملية الطرد وحدها. ? ومهما كانت القوة السياسية للوالي والتي يستمدها من إنتخاب جماهير الولاية له، فإنّ المصلحة العليا لهذا البلاد هي الأجدر بالإعتبار. ? ومني اركو مناوي هرب من جحيم التجاهل… من الخرطوم التي أدارت له ظهرها ولإبوحا التي وقعتها معه… فظنَّ آخرون أنّ بإمكانهم أن يفعلوا به مثلما فعلت الحكومة المركزية… فاستسهلوا الهوان عليه، فاصبح جنود حركة مناوي مثل مطاريد الجبل بعد أن كانوا شركاء في الحكومة. ? ونذكر هنا ? عرضاً – قصة كمال محن الذي خرج من بيته فرأى أحدهم وهو يكيلُ اللكمات (والشلاليت) الى رجل ذا لحيةٍ كثة. ? فسارع كمال محن الى المشاركة في ضرب صاحب اللحية ولكمه، فتوقف الرجل مشدوهاً وقال :(ياكمال… أنا داير من الزول دا قروش ورفض يرجعها لي، عشان كِدا ضربته، إنت مالك معاه؟؟؟) ? أجاب كمال بخجل :(والله أنا قايل الحكومة إنقلبت!!!). ? وأهل دارفور بينهم ما بينهم من المشكلات القديمة المتوارثة، والتي القت بظلالها على تعاملهم مع بعضهم البعض… وعلى تعاملهم مع المركز. ? لكنّ الرجل الذي اصبح والياً لغرب دارفور يجب أن يعلو فوق كل ذلك ويتسنم قمة الفكر السياسي الذي يصلح حال البلد قبل أن يصلح حال ولايته. ? ومن مصلحة البلاد الآن أن تعيد النظر في كل خطواتها العرجاء التي مشتها في طريق تطبيق اتفاقية ابوجا. ? لانّ عدم تطبيق الإتفاقية هو حجر العثرة أمام حل كل مشكلة الاقليم… فعدم تنفيذها يمثل الدليل العملي على تهاون المؤتمر الوطني في الإلتزام بعهوده. ? ولا أدري هل تمت مناقشة هذه القضية ? قضية عدم تنفيذ أبوجا ? داخل المجلس القيادي للمؤتمر الوطني؟؟؟ وهل تمَّ البت فيها بصورة واضحة؟؟؟. ? أم أن الامر قد تُرك لصقور المؤتمر الوطني الذين يعرقلون (ويكعبلون) كل إتفاق بين الحكومة وأحد الجهات المعارضة؟؟؟. ? منطق الصقور هو أنّ هذه الإتفاقيات قد فُرضت عليهم فرضاً من جهاتٍ دولية… بغرض (خلخلة النظام من الداخل… وفك قبضة الإسلاميين من حول ساعد السلطة). ? وبهذا المنطق يرون أنّ (كعبلة) الإتفاقيات هي… ضربٌ من ضروب الجهاد لإبقاء المشروع الإسلامي على قيد الحياة عبر أبقاء الإسلاميين في السلطة. ? هذه النظرية تسقط مع أول حوار هادئ غير متشنج مع الصقور، فالمشروع الإسلامي الذي من أجله يتمّ فصل جنوب السودان الآن… قد تخلى عنه أكبر منظريه وهو الدكتور حسن عبد الله الترابي، ولم تذكره الحكومة منذ توقيع إتفاق نيفاشا، بل ومضت معظم القرارات المصيرية باقدامها فوق جثته. ? مضي مشروع الحركة الإسلامية وتبقى السودان بخارطة جغرافية / سياسية مأزومة… بعد أن إقتطعت الحركة الشعبية ثلث البلاد سياسياً قبل أكثر من ستِ سنوات… وهاهي تحاول أن تقتطعها جغرافياً بُعيد ايامٍ معدودات. ? نرجو أن لا تكون نوايا الشرتاي جعفر هي الدافع لبداية فعلية للمطالبة بتقرير مصير دارفور… فمعظم النار من مستصغر الشرر.
التيار