النظام وحزبه..كل كِريم .. حيرجع رفه

بسم الله الرحمن الرحيم

أكثر ما يزعج المراقب المعارض في السودان..هو المبالغة في تقدير ذكاء النظام وقوته..وأكاد أجزم أن هذا الأمر إضافة إلي مخاوف المترتبات على الجهوية والقبلية من سكان المدن.. هي العوامل الأساسية المسهمة في إطالة بقاء نظام أكلت دابة الأرض منسأته.. فكل الهبات ضد النظم الدكتاتورية في السودان..كانت بإضعاف الهامش للنظام عبر التمرد على الحكومة واستنزافها عسكرياً واقتصادياً.. ثم انتفاضة المدن التي تكتب النهاية الحاسمة..وقد أدى ترسيخ النظام لوجوده في البداية بالشعار الديني الذي انساق له الكثيرون وانخدعوا به..وفيهم نسبة مقدرة من الذين نالوا حظوظاً من التعليم بمختلف مستوياته من أدنى خريج لمدرسة أبتدائية إلى حملة الشهادات العليا المتركزين في المدن بالضرورة .أدى إلى الإيهام بقوة النظام.. وزاد من ذلك مبالغة النظام وتحويل حروب الهامش إلى حروب جهادية..مستغلاً التطور القياسي لوسائل الإعلام قياساً بالوضع في التمردات السابقة على المركز واستغلاله أبشع استغلال..قبل أن يسقط القناع ويظهر زيف الشعار بسوء المنقلب الذي أدخل الوطن غياهب ما تنبأ أكثر المتشائمين بالدخول في لججها . ومن بعد..برز الوجه الطفيلي الكالح.. المسنود بالأمن الوالغ في المزايا .. المتضخم عديداً وعدة..والحال كذلك..ُطرحت معادلة مغايرة للسنن الماضية في إسقاط النظم..تقول بالتغيير العسكري الذي يطال مركز الدولة من قبل قوى الهامش..وأعلى تجليات النموذج ..ما سميت بعملية الذراع الطويل بدخول قوات خليل إلى العاصمة .. والملاحظ أن معارضي المدن قد اكتفوا بالشماتة على النظام.. دون أية مساعدة..حتى ممن توقعت الحركة مساندتهم..وأتت العمليات اللاحقة للجبهة الثورية في ابو كرشولا تكراراً للمحاولة ولكن في مدن بعيدة..وفي تقديري فإن العامل الأساسي في عدم المساندة كان من مخاوف الراشح من الخطاب العنصري والجهوي وعدم ضمان عواقبه كما سبقت الإشارة .. فسكان المدن ..حتى من الهامش..حساسون تجاه القبلية والجهوية والعنصرية .. حيث جمعتهم المدن لمصالح يجتهدون في الحفاظ عليها.. لا علاقة لها بتلك.
علاوة على ذلك .. فإن المحاصصات الجهوية والقبلية التي اعتمدها النظام..وتجاوب أولئك بدواعي الحفاظ على مصالح الجهة والقبيلة في نظام ظنوه سرمدياً..كانت عاملاً مهما في رفد النظام بأعداد يتباهى بعضويتها حزب النظام..ويدفع الوطن قبل النظام ثمن مطالباتها بمزيد من الامتيازات .. والأهم من ذلك ..ترسيخ الظن بقوة خارقة للنظام ومؤيديه..في ظاهرة متخلفة تجعل قبيلة أو طريقة صوفية تعلن انضمامها للحزب الحاكم!!بل وفعلت بعض الأندية الرياضية ذلك!!! وهكذا.. صارت هذه الفئات مساحيق أو كريمات يغير بها النظام قبح وجهه.. وجرياً على النكتة الشهيرة..فإن أي ترنح أو تداع للنظام وحزبه..سيرجع كل كِريم إلى رفه دون أدنى شك أو ريبة. فحزب النظام ..كما نردد دائماً ..ليس بدعا من أحزاب الحكومات الشمولية الراضعة من ثدي الدولة بلا هوادة ولا وازع ولا كتاب منير.ينهار بانهيار النظام..وإن لكم في الحزب الوطني في مصر وغيره لعبرة يا أُلي الألباب.
ولتفادي ذلك ..يتبع النظام أسلوب الردع الذي يتبعه داعش لإخافة المعارضين..وما التعامل مع شهداء هبة سبتمبر العزل ..ببعيد عن الأذهان.ولا أدل على خبال دعاوى القوة..أكثر من وعود الصلاة المتكررة سنوياً في كاودا..إضافة إلى حادثتي القصر والمجلس الوطني لخطل ما نتوهمه من قوة أمنية للنظام.
أما ما يتم ترديده عن دهاء النظام ..فيعريه سهولة كشف ألاعيبه من يومه الأول ..فكم من المتابعين للشأن السياسي من السودانيين لم يكن يعرف وجهة الانقلاب ساعة وقوعه؟..وهل انتظرنا خزي اعتراف القصر رئيساً والسجن حبيساً للوصول إلى هذه الحقيقة؟ وقس على ذلك يا رعاك الله ما شئت..فالنماذج على قفا من يشيل كما يقول المصريون.
من هنا لا أتفق مع رؤية الدكتور فيصل عوض حسن مع كامل احترامي له ولها.. في إن النظام يتبع تكتيكا مخفياً رقص له غندور طرباً أن تم استدراج الجبهة الثورية لتقديم مقترح الحكم الذاتي للمنطقتين للحفاظ على مثلث حمدي بعد فصلهما..وتعود بى الذاكرة لإفادة للأستاذ محمد لطيف القريب من الرئيس ..بعيد انفصال الجنوب وخطاب الشريعة التي لا دغمسة فيها..فقد سأل الاستاذ وزير الدفاع عن سر توتر وغضب الرئيس رغم ذهاب الجنوب الذي يعطي المبرر لدعاوى التطبيق الكامل للشريعة كما حلموا..فأجابه بأن تقريراً أمنياً عما سمي بالجنوب الجديد وقتها قد وضع ملفه تواً على طاولته.. ولاحظ أن ما يبدو فاصلاً بين المنطقتين في الخريطة ..إنما هي أرض تتبع لدولة جنوب السودان .. لا تمثل فاصلاً حقيقياً..ما يعني أن النظام قد فوجئ بمفهوم الجنوب الجديد..فكيف لنا أن نسبغ عليه ذكاء ليس من طبعه يجعله يخطط كل هذا التخطيط ؟ نعم للنظام خبثه الذي لا يغيب على ذي فطنه..ولكن مثله ..يمتلكه أي سمسار يتجول في ألأسواق مستفيداً من طبيعة النظام..وليس الفساد والدسائس ما يخشى من قوة النظام بهما.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مصيبتنا في التحليل الخطأ.المطلوب الان من طلائع الثورة ان تقود للتغير بالسلاح.حرب عصابات المدن مثلا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..