قوش في جوبا.. تفاصيل زيارة خاطفة؟!

كل ما اقترب الموعد النهائي لتوقيع الفرقاء بجمهورية جنوب السودان على ملف تقاسم السُّلطة والذي حدّدت له الوساطة السُّودانية الخامس من أغسطس الحالي، ضاقت الخيارات أمام الخرطوم في التعاطي مع الفصائل المُكوّنة لتحالف المعارضة المُسلّحة، إلى جانب مَجموعة المُعتقلين السِّياسيين الذين رفضوا مَهر توقيعاتهم على الوثيقة .
تقرير: مها التلب
زمام المُبادرة!
في ظل الوضع الذي لا تحسد الخرطوم عليه، اختارت أن ترفع درجات التعامل مع تضاعيف الأزمة والتقاط “زمام المبادرة”، وعند صباح أمس الأول وبشكلٍ مُفاجيءٍ حَطّ مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول مهندس صلاح قوش، بمطار جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان في زيارة خاطفة امتدت لساعات برفقة مستشار سلفاكير للشؤون الأمنية توت قلواك ووزير الإعلام مايكل مكوي .
ظلال البيان!
يبدو أنّ بيان واشنطن الغاضب حرّك المياه الراكدة، حيث لم يستثنِ حتى وساطة الخرطوم التي رأى انها تدير الملف بطريقة ثنائية، وألمح إلى أشياء تُنسج في الخفاء لا يرغب المفاوضون ووسطاؤهم في اطلاع أحد على تفاصيلها أو عرقلتها.
استشعار الخَطر!
الهَمس الذي دَارَ داخل أضابير وزارة الخارجية وأروقة الوساطة ظهر إلى العلن ودفع الخرطوم إلى استشعار الخطر عقب حديث دبلوماسيين من دول الترويكا التي تضم النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ومنبر شركاء “إيقاد” بأنهم لن يكونوا شهودا على اتفاقية سَلام غير شَاملة لا تَضم كل الفُرقاء بجمهورية جنوب السُّودان، واشترطت دعمها بالشمولية، والأمور لم تقف عند هذا الحَد، فقالت المصادر إنّ بعض السفراء ناقشوا مع وساطة الخرطوم وحكومة جوبا برئاسة سلفا كير ميارديت والمُعارضة المُسلّحة بزعامة د. رياك مشار وتحالف المُعارضة المُسلّحة الذي يضم (10) فصائل، إلى جانب المعارضة السلمية، مسألة تمويل اتفاق السلام واشترطت كل تلك الدول بتقديم دعمها بتوقيع جميع الأطراف على اتفاق سلام شامل .
وجهاً لوجه!
جلس رجل استخبارات الحركة الشعبية، رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت بمكتبه في القصر الرئاسي “جي ون” في انتظار ضيفه رجل الأمن قوش ليرى ما في جعبته.. صاحب النظارة السوداء مزهوٌ بما أنجزه بملف الترتيبات الأمنية، وكذلك سلفا كير بما قدمه للخرطوم من اتفاقيات نفطية تُحسِّن من الوضع الاقتصادي للبلدين .
شَبح الفشل!
الاتفاق النفطي وضع سلفا في وضعٍ مريحٍ ما جعل شبح الفشل يُخيِّم طليقاً على المكان.. ناقش الرجلان القضايا الخلافية، لكن حسب التسريبات التي تَحَصّلت عليها فإنّ الاجتماع كان عاصفاً لجهة تَمسُّك سلفا بمواقفه الرافضة لتقديم تنازلات حول القضايا الخلافية وكاد الاجتماع أن ينتهي دُون جديدٍ يُذكر لولا تدخل أحد مستشاري سلفا كير الذي طلب مُهلة من أجل التفكير والتوصل إلى صيغة توافقية حول الخلاف .
تصنيف قضايا!
حديث وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في المؤتمر الذي أشار فيه إلى ضرورة تصنيف القضايا العالقة والتوقيع فقط على المُتّفق حولها، لم يجد الاستحسان من رافضي التّوقيع، ومِمّا دفع البعض منهم لوصف الأمر بالخدعة؛ لكن يبدو ان هنالك أمورا كثيرة جرت تحت الجسر مما دفع الفرقاء للانخراط في اجتماعات مُكثّفة مع الفصائل المُكوِّنة لتحالف المعارضة المُسلّحة، إلى جانب مجموعة المُعتقلين السِّياسيين من أجل تصنيف القضايا الخلافية بملف تقاسم السلطة.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع – فضّل حجب اسمه – إن هنالك اتجاها لتصنيف القضايا الخلافية التي دفعت بعض الأطراف للامتناع عن التوقيع، وكذلك فصل القضايا المُتّفق حولها من أجل التوقيع عليها في الخامس من أغسطس الحالي على أن يتم تحويل القضايا العالقة إلى المنبر الكيني بالعاصمة الكينية نيروبي.
قضايا عالقة!
بالنسبة للأطراف الرافضة للتوقيع، فإنّ إنشاء مفوضية مُستقلة للحدود لتحديد عدد الولايات وحدودها أمرٌ مهمٌ وحاسمٌ جداً، لجهة ان ذات اللجنة تستكمل عملها خلال 90 يوماً وفي حين تعذر الوصول لحلول تتحوّل إلى مفوضية استفتاء خلال (5) أشهر لحسم الجدل حول عدد الولايات، ليس هذا فَحسب، فهُنالك معضلة أُخرى تتعلّق بتمثيل المُعارضة في السُّلطات المَحلية والولائية .
ضغوطٌ شديدةٌ!
(التيار) استفسرت مصدراً وثيق الصلة بملف التفاوض، فأدلى بقوله بعد اشتراطٍ مسبقٍ بحجب هويته لحساسية موقعه، وقال إنّ الخرطوم تعرّضت لضغوطٍ دبلوماسيةٍ شديدةٍ من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل حمل الأطراف الرافضة إلى التوقيع، وتضاعفت تلك الضغوط مع حركة الدبلوماسية من منبر شركاء “إيقاد” الأيام الماضية التي اعتبرها المراقبون بأنّ لهم اليد العُليا في الدعم .



