التجول بالأعمال المسرحية

من باب الحرص على ترسيخ التواصل الثقافي وتمتين العلائق الاجتماعية بين الدراميين بالعاصمة والولايات النائية جغرافيا، وإيمانا بحق المتلقي أينما كان في التعرف والوقوف على ما تنتجه الفرق والجماعات المسرحية، رأى طاقم العمل المسرحي (وجع رقم 3) الذي تم تقديمه قبل بضعة شهور بمسرح خضر بشير ضمن موسم ولاية الخرطوم، زبارة بعض مدن جنوب وشمال وغرب كردفان لعرض المسرحية التي ربما يكون جمهور تلك المناطق قد سمع بها لماما أو قرأ عنها القليل باعتبار أن انسان المناطق النائية لديه حس فطري يجعله مشدوداً نحو العاصمة وما يدور فيها من فعاليات ثقافية ومهرجانات وعروض فنية ومسرحية. فمن ناحية يكون الطاقم قد حقق قدراً من الانتشار وسط جمهور، يتحرق لرؤية كل ما هو آت ليقهر حالة الاستسلام اليومي لروتين الحياة المفعم بالترقب المشوب بالحذر خوفا من تداعيات التناحر والصراع والاقتتال الذي تعيشه بعض مناطق تلك الولايات، ويرغب في كسر حائط العزلة القائم بينه وبين حراك الحياة في البقاع الأخرى والعاصمة على وجه الخصوص. ومن ناحية أخرى سيتوفر لأفراد الطاقم بعض المعين المعرفي الذي قد يدفعهم لمزيد من التجارب المسرحية مستفيدين من معايشة إنسان تلك المناطق والتعرف على فنونه وهمومه اليومية بغرض تجسيدها على خشبة المسرح لاحقاً.
وحين حدثني مخرج المسرحية الأستاذ الشايب حسن أحمد برغبة فريق العمل في التنقل بين كادقلي والدلنج والأبيّض والفولة لتقديم عدة عروض للمسرحية اعتباراً من اليوم الحادي عشر من هذا الشهر، توجست خيفة باعتبار أن التنقل بين هذه المدن قد يعود عليهم بالخسران نظراً لرهق الإعداد ومشقة السفر وتكلفة الإقامة والإعاشة والترحيل والإعلان وفنيات العرض، وانتابني شعور بأنها ربما تكون مغامرة خاسرة قد لا تحقق ربحاً مادياً إذا كان هذا هو الهدف المنشود من وراء التجوال، لكنها حتماً ستحقق عائداً معنوياً وأدبياً كبيراً وهو ذات الشيء الذي أكد لي المخرج بأنهم يسعون إليه. وما من شك أن من حق كل صاحب عمل السعي لتسويق عمله وبذل الجهود الممكنة لينال كسباً مالياً وقدراً من الاعتبار المعنوي وأقله أجر الاجتهاد فضلاً عن تلاقح الأفكار وإثراء التجارب. وفي المقابل أتوقع أن يكون جمهور المسرح في تلك المدن في توق شديد لرؤية نجوم سمع عنهم كثيراً مثل النجمة الكبيرة رابحة أحمد محمود والشايب حسن أحمد الذي يقوم بدور بطولي إلى جانب الإخراج وكذلك صلاح محجوب حمزة الذي يقوم بدور بطولي إضافة إلى التأليف وإبراهيم زكريا ورجاء عركي وسيدة أمين وحرم بشير الذين جسدوا أدواراً كانت منسجمة مع روح النص ورؤية المخرج التي بلورت الفكرة وأظهرت تباين المواقف وتصعيدها في قالب كوميدي. لقد سبق لي تسليط الضوء في عجالة على هذه المسرحية الكوميدية التي تعالج جانباً من القضايا الاجتماعية بأسلوب مباشر يخلو من التعقيد مما يجعل هضمها والتجاوب معها سهلا لقطاع كبير من جمهور المسرح العام وخاصة أولئك الذين يتوقعون من فن المسرح تجسيداً صادقا لما يعيشونه من هموم. ولا أراني بحاجة لتكرار ما سبق ذكره سوى القول بأنها قابلة لمزيد من التكوين والتلوين بحسبانها تندرج تحت لافتة المسرح الجماهيري الذي يعوّل عليه الكثيرون كوسيلة لجذب جمهور المسرح.
ليت كل مخرجي المسرحيات الأخرى التي عرضت ضمن موسم الولاية الأول لفترات محدودة يسيرون على ذات النهج الجريء ويعلنون عن خطط تهدف للتجول في الولايات الأخرى – حيث تجد مثل هذه المسرحيات قبولاً – أسوة بما قام به فريق مسرحية وجع رقم 3 أو يعملوا على إعادة عروضها في مسارح العاصمة الأخرى حتى يتمكن قطاع كبير من الجمهور من مشاهدتها فلا يضيع جهد من وقفوا على انتاجها ولكن حالت بعض ظروف الاعلان وعوامل أخرى من انتشارها مع أنها أعمال قريبة لنبض جمهور المسرح، وعليه ليس من الحكمة اسدال الستار عليها نهائيا لمجرد عدم نجاحها في العروض الأولى.
[email][email protected][/email]
يا أيها الشاعر صلاح يوسف دوماً
قلبك على كل الفنون و على القائمين
علىها ….
تشجع و تآزر وتقدم المقترحات من أجل
أن نتقدم و نرتقي بفنوننا كالأمم الأخرى
مؤخراً لاحظت إهتمامك بالمسرح …
كأني بك واحد منهم !!؟…
وهذه من شيم المبدعين الأصلاء ؛؛؛