المفاجأة هي أنه “لا جديد في الانقاذ 3” !!!!!! (2/2)

بسم الله الرحمن الرحيم
تحدثنا في الحلقة الأولى عن خطاب الرئيس بتاريخ 27/1/2014م والذى مهدت كل وسائل الاعلام والساسة المتنفذين والتشريعيين والمتطلعين بأنه خطاب (مفاجأة)، ويحمل الكثير من المفاجأت.
حقيقة (لم نفهم شئ) من الخطاب وأصاب (كل الشعب) احباط شديد، وشعرنا بأن الأنقاذ تحاول أن تشتري أكبر كمية من (الزمن) حتى تطيل من فترة حكمها لشعب يئس من الحياة الكريمة وعرف أن قدره أن تحكمه الانقاذ حتى يغير الله ما بنا، ونسينا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكان من المفترض من ناحية (ايمانية) أن لا نيأس من رحمة الله، ولكن الله يلعن ابليس!!!!
المهم ان ما اكتشفته خلال الاسبوع الماضي أن أغلبية الانقاذيين (يدعون) أنهم فهموا ما جاء بالخطاب ، وأن كل شئ واضح، لكن نحن ما بنفهم أو لا نريد أن نفهم أو ندعي عدم الفهم وأتهمونا بأننا لا نرى ابعد من موضع اقدامنا. كما أكدوا بأن الانقاذ بخطابها هذا (تنازلت) تنازلات ضخمة، بل وضعت مشرطها على موضع الداء، والنقط فوق الحروف، لذا سميت (بالوثبة) وهدفها انقاذ الوطن من براثن المؤامرات والفوضى (الخلاقة!!) والتفتت. فهم لخصوا الخطاب في الهوية والسلام والدستور والاقتصاد والحريات!!!! لاأما نحن فتحملنا كل ما جاء بالخطاب واعتقدنا انه (قبل السلام عليكم) أن كل ما سبق ما هو الا (مقدمة للمفاجأة) وبعدها سيقول الرئيس: وبعد أيها المواطنون الصابرون، فقد قررت الآتي بصفتي رئيسا لكل السودانيين………………!!! لكن جاءت السلام عليكم في نهاية (المقدمة) وطارت المفاجأة وحل محلها الاحباط الذي طير النوم من جفوننا.
دعا الخطاب الى (الحوار) بين كل الأحزاب والحكومة والحركات المسلحة (على أن تضع السلاح) و(بدون شروط)، وأن الموضوع موجه للناس ، كل الناس.
أبدت بعض الأحزاب رأيها في الخطاب والدعوة للحوار. والبعض الآخر رفض مبدأ الحوار دون (اطلاق الحريات)، والبعض الثالث اعلن رفضه للمشاركة فى الانتخابات القادمة الا تحت مظلة (حكومة انتقالية). وقامت بعض الولايات بدعوة الأحزاب للحوار وغقدت اجتماعات أولية ولم تصل الى ما هو مأمول منها. أما البروفيسر/ غندور مساعد الرئيس يوم 2/3/2014م فقد صرح بأن الأيام القادمة ستشهد حراكا كبيرا لتحديد (آليات الحوار وكيفية ادارته) ويشتمل على مقترحات الأحزاب التي ستقدمها واستغرب رفض بعض الأحزاب لمبدأ الحوار للاتفاق حول قضايا الوطن وأضاف: يمكن أن يأتي أي حزب ليقول رأيه بالكيفية التي يريد، وان كان (غالب رأينا معه)، فسيكون هذا هو الرأي الذي يخرج به الحوار.
المؤتمر الوطني يصر على مصطلح (الحكومة القومية)، والجهات الأخرى تطالب (بالحكومة الانتقالية) وهم الغالبية. والفرق بين ما بين القوسين ليس في (المصطلحات)، لكنه يكمن في (نسبة سيطرة) المؤتمر الوطني على الحكومة. لكن جاء في خطاب السيد الرئيس يوم 6/3 بمدينة بورسودان أن من يتحدثون عن الحكومة القومية أو الحكومة الانتقالية واهمون وهذا لن يحدث أبدا ويريدون تفكيك الانقاذ. من أراد أن يشارك فليشارك ضمن برنامجنا!!!!
تفسير ذلك أنه في حالة (الانتقالية)، فالمؤتمر يفقد السيطرة، وبالتالي سيفقد الحكم في المرحلة القادمة، أي بعد ابريل 2015م، عن طريق الانتخابات والسبب معروف (مش؟). أما في الحكومة (القومية) أغلبية الحكومة (على الأقل 50%) تتبع للحزب الحاكم، وكذلك السلطة، والأغلبية داخل الجهاز التنفيذي، وكل الأجهزة التشريعية كما هو الحال الآن. لكن رغما عن ذلك فهي مرفوضة كما جاء في خطاب الرئيس. كما أصر سيادته بأن الانتخابات لن تؤجل، ومن أراد أن يحكم فليأتي عبر الصناديق.
نقول ياسادة، حكام ومحكومين، حكومة ومعرضة، جكومة ومسلحين، حكومة وقطاع الشمال، وكل هؤلاء والوافقون على الرصيف، نقول الآتي:
أولا: هل نحن بالفعل ديموقراطيون؟ وهل نؤمن بالديموقراطية كمبدأ ؟ وهل نستطيع تطبيقها؟
ثانيا:اثبتت كل الأحداث عبر التاريخ القديم والمعاصر أنه لا توجد مشكلة لا تحل بالحوار. بل أن أغلبها يتم بحيث لا يكون أي من الجانبينى مهزوما وتسمى win-win situation. وهذه هي عبقرية البشر والفرق بين حضارة وأخرى، وبين من يحب الوطن ومن لا يأبه به. علما بأننا أقدم حضارة على وجه البسيطة، وبتصرفاتنا هذه حيرنا الأمم!!!
ثالثا: الحوار يجب أن لا تسبقه أى شروط أو خطوط حمراء أو ثوابت فهي التي تعطي الذريعة لمن لا يريد أن يحاور أو لمن يريد أت يتآمر. يركز الحوار على المبادئ، ونقاط الخلاف ، ثم التفاصيل. الكل سواسية في ابداء الرأي اثناء مراحل الحوار. السؤال هو من سيدير الحوار؟ هل الحزب الحاكم يترأس ويقود الحوار؟ أم أن هنالك آليات أخري وسهلة ومقبولة؟ وهنا يأتي دور الحكمة.
رابعا: من يرفض الحوار بالتأكيد يرفض الديموقراطية ويرفض الرأي الآخر.
خامسا:سؤال هام جدا وهو: هل نحن حقا نحب السودان ونود أن نحافظ عليه وننميه ونطوره، وهل بالفعل هو في حدقات العيون؟ هل نحن أبناء ترهاقا وبعانخي وأحفاد ملوك النيل عبر الزمان ومن أدخلوا العالم في عصر جديد من الصناعات والقوانين والعلوم والفنون والسلوك المتحضر ونشرنا الأديان دون اراقة دماء!!
سادسا: سؤال مشروع: ماذا يضير المؤتمر الوطني أن وافق الجميع بتكوين حكومة انتقالية و حل البرلمان الحالى وتكوين حكومة من التكنوقراط ببرنامج متفق عليه (كأنقاذ حقيقي) مما نحن عليه الآن. تبقى لحكومتهم عام واحد، فهل يستطيعون حل مشاكل السودان التي تراكمت بسببهم ونتيجة فشلهم الذريع والذي تفشى كالسرطان في كل أعضاء وأنسجة الدولة ببرنامجهم الذي (أصر) عليه سيادة الرئيس؟ هل سيتم وضع الدستور تحت الظروف الحالية؟ هل تتوقعون قبول الآخر لهذا الدستور؟ هل تتوقعون خوض الأحزاب لانتخابات نتيجتها معروفة منذ الآن؟ الاجابة واضحة لكل ما جاء أعلاه ، وهيب (لا). والسؤال الأكبر، هل تتوقعون أن يستمر الشعب الصابر أن يصبر عليكم اربع سنوات أخرى؟؟!! ولماذا؟ وعلى ماذا تبنون تفكيركم هذا؟ هل تقرأون الغيب؟ أم لديكم (فكي) كارب (مكتف) هذا الشعب؟ الحل في منتهى البساطة وهو: أكملوا فترتكم حتى ابريل 2015م ، وهنا لن يكون لكم (حق دستوري) في الاستمرار في الحكم، وهو ما تتمسكون به الآن. الخطوة الثانية تؤجل الانتخابات لمدة (عامين). الخطوة الثالثة تكوين (حكومة انتقالية) من التكنوقراط يتم الاتفاق عليهم بحيث لا ينتمون لأي حزب. الخطوة الرابعة، تكوين برلمان (بالتعيين) من كل الأحزاب والناشطين والشخصيات القومية.الخطوة الخامسة، تكوين (مجلس رئاسة) من الولايات الست الكبري بقيادة (رئيس القضاء) على أن لا يكون منتميا لأي حزب. الخطوة السادسة، تكوين لجنة كبرى من (الأكاديميين) غير المنتمين للأحزاب وممثلين للأحزاب (بالتساوي) والشخصيات القومية لوضع خارطة طريق تنفذها (الحكومة الانتقالية) بعد توقيع الجميع عليها، ووضع الدستور، وعرضه على البرلمان والاستفتاء، ووضع برنامج يخص الانتخابات الحرة النزيهة. الخطوة الأخيرة تنفيذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية. بهذا نتخلص من نزاع الحكومة القومية والانتقالية والدستور، مع رفض المؤتمر الوطني لاطلاق الحريات الآن.
سابعا: الحل لكل ما جاء أعلاه، اذا رفض ما جاء أعلاه، هو (اطلاق الحريات دون شروط) فقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا، ولا أحد يحب هذا الوطن أكثر منا، ولم يقدم له أكثر مما قدمنا، ونرقض وصاية حزب واحد وفكر واحد وتسلطه وتدخله في كل ما يخصنا افرادا وجماعات. اسمحوا للأحزاب أن تبدأ في حملاتها ولياليها السياسية. اسمحوا للصحف أن تكتب ماتريد، وبالتأكيد لن تقع في ما يدور في حدود الخيانة العظمى. اسمحوا للمفكرين أن يتقدموا بأفكارهم المنقذة للوطن ورفعته وطبقوها. اسمحوا للعاملين بالدولة للكشف عن نقاط الضعف الادارية وضعف الكفاءات والنفوس وكشف الفساد.
ثامنا: نادينا من قبل بأن يقوم (الأكاديميون) بوضع الحلول لكل مشكل السودان السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدستور، ورشحنا قبل عامين أن تقوم (جامعة الخرطوم)، كأم لكل الجامعات السودانية ، بالمبادرة، لكن لم يستمع لرأينا أحد، وها هي الآن ترغب في ذلك، فلنشجعها على أن لا يكون من أصحاب المبادرات ومن اللجان المسؤولة حزبي أو سياسي محترف. مخرجات كل مجموعة تطرح على الأحزاب، ثم يستفتى عليه الشعب، ثم تضمن في الدستور الجديد.
أخيرا، نقول للسيد الرئيس، لقد حان الوقت أن تعطي السودان (جل وقتك) وتعلن أنك رئيس لكل السودانيين، والمؤتمر الوطني الآن ليس في حوجة لك أكثر من حوجة الوطن. عليكم الجلوس مباشرة مع حاملي السلاح وداخل الوطن وبالضمانات التي يرغبونها وتحاورهم وتقنعهم بما هو خير للبلاد. مثل هذا العمل لايقوم به نائب أو مساعد أو وفد. بل يقوم به صاحب (القرار وصاحب الوجعة) ومن سيكتب عنه التاريخ!!! بل يكنكم أن تعلن أن الانتخابات مرهونة بتوصلكم لحل المشاكل الحالية بدارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ووضع الدستور. من سيسير الدولة؟ هنالك أرتال من النواب والمساعدين والمستشارين. تنفرغ سيادتكم تماما وبنفسك للسودان ومشاكلة التى تسبب فيها حزبكم طوال ربع قرن من الزمان، وهي ما سيحسبك المولى عز وجل عليه دون نواب أو مساعدين (كل شاة معلقة من عرقوبها/ كما ى تزر وازرة وزر أخرى)، واجعل المؤتمر حزب كبقية الأحزاب، والا سيأتي اليوم الذي (سيختفي) فيه هذا الحزب من خارطة السودان كما حدث لكثير من أحزاب مصر وتونس واليمن وليبيا والسودان نفسه.
نقول في الختام لا مفر من الحوار ولا مفر من اطلاق الحريات وبدونهما نشهد الكل السودان قد يكون أو لا يكون، نتمنى الأولى وبأيدينا وليس بايدي المتآمرين (داخليا) وخارجيا. أللهم نسألك اللطف (آمين).
بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة
27/1 -14/2/2014م
[email][email protected][/email]