مقالات سياسية

اللجان الحاكمة

أصحى ياترس

بشير اربجي

لا أظن أن هناك جيش لأي دولة فى العالم وقف في مواجهة وتطلعات شعبه بهذه الطريقة، وقام بقمعه بهذا العنف المفرط الذي نشاهده الآن بالطرقات بالعاصمة والولايات، كما أنها هي المرة الأولي في التاريخ العالمى بأسره، التي يلجأ فيها حاكم لإغلاق طرقات بلاده بهذه الصورة ويقوم بوضع حاويات البضائع لأجل ذلك، وكل ذلك خشية من مظاهرات يقودها شباب أعزل لا سلاح لهم غير اعتمادهم على ربهم، وعدالة قضيتهم ورفضهم لإستباحة دولتهم من دول الجوار التى تنهب ثرواتها بالاطنان، بموافقة حاكم ضعيف الشخصية يخشى على رأسه وغير قادر على إدارة مكتبه ناهيك عن إدارة دولة، ولكن رغم استعدادات العسكر والمليشيات وكل المعسكر الانقلابي لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الوصول للنقاط التي حددوها، ورغم العنف الذي مورس عليهم ما أدي لارتقاء ثلاثة شهداء بامدرمان حسب لجنة الأطباء المركزية، إلا أن الثوار وصلوا بمواكبهم المهيبة لكل النقاط التي حددوها بصفحاتهم واعلنوا عنها مساء أمس الأربعاء، وهتفوا بمطالب الثورة المجيدة المتجددة أمام ترسانة عسكر اللجنة الأمنية للمخلوع البشير، ولم يرهبهم الرصاص ولم تصدهم قوات الانقلابيين رغم تجهيزاتها التي فاقت تجهيزات تحرير الفشقة، فهم خرجوا رغما عن ذلك واثبتوا أنهم لن يحيدوا عن أهداف الثورة المجيدة، ولن يقبلوا بانصاف الحلول أو أي حل بديلا لمدنية الدولة الكاملة، وأن حل لمشكلة البلاد الآن إن لم ينطلق من إقصاء المكون العسكري من السلطة على الفور لن يكون مرحبا به وستتم مقاومته مثله مثل الانقلاب.

وهو توجه متسق جدا مع أهداف الثورة المجيدة ولا يمكن تحقيق الدولة المدنية بعيدا عنه، كما لا يوجد أي سبب منطقي لبقاء الشراكة بين العسكريين والمدنيين بعد غدرهم المتكرر بالثورة والثوار، كما تحاول أن تفعل ذلك بعض الأحزاب ذات المواقف الملتبسة والغير مبدئية، فأي حديث عن عودة الشراكة بعد انقلاب البرهان وحميدتي غير مقبول ودونه المهج التي ظل الثوار يقدمونها بإستمرار لإسقاطه، ولا يمكن للثوار ولجان المقاومة الثقة مرة أخرى فى مكون عسكري ينقلب على الدستور، ويقنص الشهداء كما كان يفعل المخلوع وبنفس أدواته وقوات أمنه وقتلته المأجورين، لكل ذلك فإن لجان المقاومة أعدت عدتها لإسقاط الانقلاب برمته وتحقيق مدنية الدولة عنوة واقتدارا، كما أسقطت من قبل المخلوع ورمت به فى السجن رغم غضه وغضيضه وقوات حمايته الغير محدودة، وهي التي تحرك الأحداث فعليا الآن لا عسكر اللجنة الأمنية ولا الانقلابيين المدنيين، فقد أصبح مألوفا ما أن تعلن اللجان لموكب إلا وتجد الانقلابيين فى أشد حالات الارتباك والخوف، حيث يقومون بإغلاق الطرقات وقطع الإنترنت والإتصالات، حتى أنهم اصبحوا يمنحون الطلاب والعمال والموظفين بالدولة الإجازات بأيام المواكب، ويعطلوا كل الحراك الإقتصادي والاجتماعي بالبلاد ويضعون اصابعهم على الزناد، نعم هم يجلسون بالقصر الجمهوري ويسيطرون على القيادة العامة ويحتكرون السلاح، ويصدرون القرارات لكن مجرد إعلان موكب واحد يجعلهم يرتجفون هلعا ويجلسون القرفصاء لا يعرفون ما يفعلون بمكاتبهم وانقلابهم، وبما أن الأمر كذلك فإن لجان المقاومة إن أعلنت مواكب متقاربة في تواريخها ستقوم بشل حركة الدولة تماما ولن يجدي العسكر وتوابعهم انقلابهم الذي لا يعرفون ماذا يفعلون به، فهم يحكمون قبضتهم الآن على وحداتهم العسكرية وبعض الانتهازيين من المكونات القبلية، بينما السيطرة الحقيقية على الأرض بيد لجان المقاومة حماة الثورة وأهدافها العظيمة.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..