مقالات وآراء

هذا هو أهم وأقوى أسلحة الدعم السريع

مطرية حاج دقاش

يقول الدعم السريع أنه يحارب من أجل الدولة المدنية الديموقراطية، وتقول القوات المسلحة أنها تحارب نيابةً عن الشعب. والشعب يعلم أن الجانبين يكذبان. إنه صراع على السلطة بين حميدتي الطامع في رئاسة السودان بعد أن زينت له أطراف داخلية وخارجية أن أمامه فرصة تاريخية ليكون الرجل الأول في السودان، وأن الطريق أمامه مفروش بالورود. وهو ما صادف هوى عند حميدتي وأرضى غروره وطموحه الخطير. حميدتي غدر بابن عمه ورئيسه السابق وزج به في السجن إرضاءً للبشير، ثم عاد وغدر بالبشير نفسه وشارك في إنهاء حكمه ووضعه في السجن مع كل رموز حكمه. وبين البرهان الذي لم يتعلم من التاريخ شيئاً، ففي سبيل سعيه للسطة ارتكب أبشع الأخطاء بالاعتماد على حميدتي في قمع الثورة وقتل الثوار، بل مضى أكثر من ذلك بأن ترك الحبل على الغارب لحميدتي ليصول ويجول في قارات العالم عن تقوية نفوذه وسلطته وقوته العسكرية، فجند عشرات الآلاف تحت سمع وبصر الجيش، ونهب ثروات السودان واستورد بها أحدث الأسلحة وأحدث أنظمة التجسس المتطورة.

البرهان وضع كل ثقته في حميدتي، وكان على يقين أن حميدتي لن يخونه ولن يغدر به كما فعل من قبل مع كل من وقف في طريق طموحاته في حكم السودان، واعتبر أن زيادة عدد قوات الدعم السريع وتسليحها بأحدث الأسلحة يصب في مصلحة القوات المسلحة وقوتها ومنعتها. فسمح بتواجد قوات الدعم السريع في القيادة العامة وفي القصر الجمهوري والمطار وفي كل مؤسسات الدولة الحساسة.

عندما أدرك البرهان ولجنته الأمنية أن حميدتي أصبح خطراً داهماً، كان الأوان قد فات والفاس وقع على الرأس. فقد أصبح الدعم السريع قوة باطشة تهدد وجود الجيش نفسه وليس البرهان فقط.

قال الجيش أنه تفاجأ بتعليق مفاوضات جدة، وهذا طبيعي جداً ويشبهنا كسودانيين، نحن نتفاجأ بالخريف كل سنة رغم علمنا فترة الخريف باليوم والشهر، وعندما تدمر السيول المزارع وتقتل وتشرد نقول تفاجأنا بالخريف. الجيش ارتكب خطأ فادح بالانسحاب من المفاوضات. كان يجب أن يستمروا في المفاوضات ويستمروا في انتهاك الهدن تماماً كما يفعل الدعم السريع.

مشكلتنا كسودانيين لا نتعلم من تجاربنا ولا نتعظ. نحن مثل النجار الذي لديه شاكوش ويرى كل شيء مسمار ولذا يتعامل معه بالطرق والضرب على الرأس. نريد أن نحسم كل شيء عسكرياً. مع أن التاريخ يقول لنا أنه لم يسبق للجيش طوال قرن من تاريخه لم يحسم أي تمرد داخلي عسكرياً، وإنما في كل مرة يتم الحسم عن طريق التفاوض بعد موت وتشريد وتدميرللبنية التحتية ولكل ما بنيناه وأنجزناه. ما أشبهنا نحن السودانيين  بالمرأة القرشية  “ريطة بنت عمرو القرشية” وهي امرأة مجنونة خرقاء من نساء أهل مكة، وتسمى “خرقاء مكة”، كانت تقوم بالغزل، وكان لديها أدواتها التي تستخدمها في ذلك، فقد اتخذت مغزلا طوله ذراع، وسنارة مثل الإصبع، وفلكة عظيمة على قدرها، كانت تقوم هي وجواريها بالغزل من الصبح إلى الظهر، فإذا غزلت وأبرمت، تأمرهن بنقض ما قمن بغزلهن طوال هذه الفترة، وكانت تكرر ذلك باستمرار.. وقد جعل الله تعالى هذه المرأة عبرة وعظة للناس. قال تعالى في سورة النحل (آية: 92): { وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.

نحن دوماً في النهاية نلجأ للتفاوض بعد تدمير شامل للإنسان والحيوان والشجر والحجر وكل مقدراتنا وإمكانياتنا ومواردنا، ودائماً يأتي التفاوض بانتصار للتمرد لأنه يأتي تحت ضغوط دولية مفروضة علينا من دول لا قبل لنا بها. وكلنا يعرف كيف انتهت حرب جنوب السودان وحرب دارفور وجنوب كردفان والنيل والأزرق.
صحيح أن الشعب السوداني لن يسمح بانتصار الدعم السريع على القوات المسلحة مهما كان الثمن ومهما ارتفعت التضحيات، وهناك في الداخل والخارج من لا يسمحون بهزيمة الدعم السريع التمرد. إنها حرب على السلطة والنفوذ بامتياز، تنتهي بسحق أحدهما للآخر. وكل المعطيات تقول أنه لا حسم لا في المنظور القريب ولا في السنوات القادمة. ولذا لن تتوقف الحرب إلا بالتفاوض.

إذا رجعنا لدافع قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش فهي تقول أن ذلك من أجل الحكم المدني الديموقراطي، والجيش يؤكد نفس الهدف ولكن على استحياء، ويعطي إشارات سالبة في هذا الخصوص بتجريم الأحزاب وشيطنتها واتهامها بالطابور الخامس.

نصيحتي للقوات المسلحة أن تعود للتفاوض ولا تنسحب منه أبداً مهما كانت الانتهاكات، عليها أن تعمل كما يعمل الدعم السريع، توقع على الهدن وتعلن التزامها بها، وترد على انتهاكات الدعم السريع.

نصيحتي للقوات المسلحة أن تجرد الدعم السريع من أقوى أسلحته وهو إدعائه الباطل الكاذب بأنه يحارب من أجل الحكم المدني، على قواتنا المسلحة أن تعلن لكل العالم أنها مع التحول الديموقراطي وأنها ستسلم السلطة للمدنيين فور انتهاء الحرب واستباب الأمن في كل ربوع السودان، إن فعلت ذلك تكون جردت الدعم السريع من أقوى أسلحته التي يروج لها ويلقى لها قبول داخلياً وخارجياً.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. على قواتنا المسلحة أن تعلن لكل العالم أنها مع التحول الديموقراطي وأنها ستسلم السلطة للمدنيين فور انتهاء الحرب واستباب الأمن في كل ربوع السودان ههههههه ومن سيصدق جيش الهنا بعد كل تلك الوعود والعهود التي نقضها اربعة سنوات من اللف والدوران لم تترك لهم مصداقية والاشقياء الثلاثة لن يصدقهم احد بعد الان شوف لهم مخرج اخر من حجر الضب الذي وضعوا فيه انفسهم بغباء لا مثيل له

  2. وهل الدعم السريع سيطبق الديمقراطية.
    كلام متناقض تزكر التدخل الخارجي ولم تزكر سيادة الدولة و منذ زمن هذا التدخل قبل 30 سنه من عمر الكيزان.
    كامل الدعم للقوات المسلحة إلى آخر قتيل من المليشيات.
    فكل ما ارتقى شهيد سيكون هنالك ألف شهيد.

  3. مافي تحول سلمي ولي كلام قحاطه القحاطه الان تحت مرتبه الكيزان يعن تاني لمن يقولوا ليك قحاطي تتخبي ومن الناس فاهمين عسكريه لحدي البلد ماتصلح بعده نفكر في من يكون الافضل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..