مقالات سياسية

جسارة وشجاعة ونجابة شباب ثورة سبتمبر تؤكد نهوض القادة الحقيقيون لقيادة السودان

د. أحمد حمودة حامد فضل الله

مقدمة:

لقد تاكد لي وانا اشاهد جسارة وشجاعة ونجابة شباب ثورة سبتمبر وهم يواجهون الرصاص بصدور عارية وقلوب لا تعرف الوجل تأكد لي ان القادة الحقيقيون قد نهضوا الآن لتسنم قيادة السودان عن حق وجدارة. فللقيادة الحقة صفات لابد ان تتوفر في القائد بطبيعة فطرته التي فطر عليها . القيادة علم يدرس الان في الجامعات ومعاهد البحث لارشاد متخذي القرار في الدول والمؤسسات والشركات لاختيار افضل القادة حسب صفاتهم الاولية التي يتم صقلها بالرعاية  والتدريب لاعداد قادة موهوبين يقودون بلدانهم ومجتمعاتهم ومؤسساتهم للنجاح والتميز والاستقرار والرفاه والسعادة. هذا المقال عبارة عن مقتطفات من مقال علمي اعددته في هذا الجانب الهام في ما يلي مسالة القيادة في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية دفعني اليه ما شاهدته من صفات القيادة الحقة التي اظهرها شبابنا المقدام في هذه الثورة الميمونة ان شاء الله ومواجهته ببسالة نادرة لألة القمع والبطش والتقتيل على ايدي اناس هم في اوضاع طبيعية يجب ان يكونوا في قاع المجتمع. نستعرض اولا راي الدين في مسالة القيادة ثم بعض مقولات الفلاسفة والمفكرين واخيرا نستعرض بعض نتائج الدراسات التطبيقية  عن صفات القادة الحقيقيين.

راي الدين في مسالة القيادة:

تتفق الديانات السماوية على ان هناك مجموهة من الصفات يجب ان تتوفر في شخص الامير او السلطان او الحاكم . في كتاب
“Mirrors to Princes and Sultan”

ان كل من الاسلام والمسيحية يؤكدان ان الحاكم العدل يجب ان يتصف بالصفات التالية:

  1. ان يلتزم الامير او السلطان او الحاكم بالقانون كمبدا لا يحيد عنه يحتمه الصدق والايمان
  2. يجب ان تتوفر فيه الفضائل الست الاساسية  the cardinal virtues  وهي (prudence, justice, temperance/restraint, and courage/fortitude), الحكمة , العدل , الاعتدال, ضبط النفس, الشجاعة, والصلابة .
  3. ان يجعل همه خدمة الناس وتوفير احتياجاتهم والعمل على اسعادهم
  4. الالتزام بتشييد البنى التحتية والنمو الاقتصادي
  5. التأنّي والحصافة في اختيار الولاة والمستشارين والأخذ بنصيحتهم
  6. الحفاظ على الامن المجتمعي وسلامة الناس
  7. البعد عن مظاهر الفخر والكبر والمباهاة
  8. يهتم بتوفير حاجات الناس المادية والروحية

ففي كل من الاسلام والمسيحية نجد ان فضائل الاخلاق وتوفرها في الحاكم هي ضرورية وترتبط ارتباطا وثيقا بمقدرة الحاكم على تحقيق الرفاه في الحياة  المادية والمعنوية للرعايا وفي الاستقامة  الاخلاقية والسلامة والامن للمجتمع ككل.

الفضائل الفردية لشخصية للامير او الحاكم:

  1. اهم الصفات الفردية ان يتصف الحاكم باتساع المعارف , النصح والحكمة. وهذا يتعلق بكيفية اكتساب الحاكم للمعارف وكيف يكتسب حسن التقدير في المسائل الشخصية والاخلاقية
  2. يتصل بذلك ان يكون قادرا على التمييز بين الخير والشر, وبين الفضيلة والرذيلة.
  3. وما يتطلبه ذلك من ان يحيا حياة فاضلة تقوم عل الخير والصدق والعدل والمعرفة والحكمة.

في الفلسفات الصينية القديمة:

الفلسفة الصينينية القدية كاكنفوشيسية والتاوية والبوذية نجدها تركز على الفضيلة وحب الخير للآخرين كقواعد اساسية للسعادة الفردية والمجتمعية. عندهم ان الفضيلة تعني حب الاخرين . وان الانسان الحق هو ذلك الذي يحب الاخرين.  الانسان الفاضل هو انسان سعيد لكونه يتصف بصفات الرفق والحس بالواجب, الخير, الثقة, الصدق, والحدس او البصيرة (الحاسة السادسة) التي توجهه لتحسس حاجات الناس والعمل على مساعدتهم لادخال السرور عليهم وعلى نفسه بخدمتهم. كما تركز الفلسفة الصينية على اكتساب العلم والمعارف  وان يبذل الحاكم جهدا صادقا في اكتساب العلم وتوجيه ذلك لخدمة الناس واسعادهم.

في الفلسفة الاغريقية القديمة:

في الفلسفة الاغريقية القديمة عند ارسطو وافلاطون ان الحاكم القائد الحق يتصف بصفات اصيلة اهمها الحكمة وحب العلم والعدل والفضيلة.  يرى الفلاسفة الاغريق ان الناس الذين يتصفون بهذه الصفات قلما يتصدون للقيادة , بل يجدون سعادتهم في العلم والتفكر في ملكوت الله سبحانه وفي الخلق. هذا القول يتفق مع ما قاله احد علماء المسلمين حيث جاء في الأثر “ان السلاطين لو يعلمون ما نحن فيه من سعادة, لجالدونا عليها بالسف.” لكن مثل هؤلاء الناس الذين هم اقضل ما في المجتمع – من حيث نبل الاخلاق, الحكمة, النجابة والفضائل – يدركون ايضا ان عليهم واجب نحو الدولة ونحو الناس الذين يعيشون بينهم , ويدركون لذلك ان عليهم التضحية بسعادتهم الشخصية من اجل العمل على اسعاد الاخرين. بقول افلاطون ان اوجب واجبات القائد اذا كان حاكما او في الحياة الخاصة ان يكون همه فقط العمل على اسعاد رعاياه او من يتولى امرهم.

ماذ تقول نتائج دراسات العلوم التطبيقية الحديثة عن صفات القادة الحقيقيين:

التعاليم الدينية والافكار الفلسفية حول القيادة الحقة الرشيدة وصفاتها اكدتها الدراسات التطبيقية الحديثة خاصة في مجالي علم القيادة وطب النفس الايجابي. فالدراسات والبحوث التي اجراها رواد هذا العلم من امثال  Martin Seligman, Csikszentmihaly and Peterson   تؤكد تعاليم الاديان واراء الفلاسفة في ان الفضيلة والحق والعدل من مقتضيات القيادة الحقة المفضية الى سعادة الحاكم والمحكومين.  حسب الدراسات, هذه الفضائل تشمل الحكمة, الشجاعة, الانسانية, العدل, الاعتدال, والسمو. التسامح, والعرفان بالجميل, وتؤكد البحوت ان هذه الفضائل مهمة لتحقيق السعادة للافراد والجماعات. فضائل الاخلاق   virtues   مثل الصدق والعدل والنزاهة والشجاعة والمسؤولية والوقوف مع الحق وفي وجه الظلم هي من اساسيات القيادة الحقة . وجدت الدراسات التي بحثت في حالات الفساد التي ضربت  كبريات الشركات العالمية في امريكا واروبا واليابان ان القادة في تلك الشركات كانوا يفتقرون الى صفات القيادة الحقيقية مثل النزاهة والصدق والعدل والفضيلة.

الدول المتقدمة والناجحة تضمّن صفات القيادة الحقة ومتطلباتها في دساتيرها وقوانينها. ففي دستور الجارة كينيا جاء ما يلي:

سكرتارية مجلس الوزراء المسؤولة عن مقتضيات القيادة والنزاهة والدستور والتعليم والخدمة العامة عليها ان تنسق مع المفوضية والجهات الرسمية الاخرى ذات الصلة لجهة الاشراف على وتطوير منهج تعليمي وتدريبي بعيد المدى في النزاهة وفن القيادة:

(أ‌) لكل موظفي الدولة
(ب‌) لكل مستويات التعليم
(ت‌) لعامة الجمهور
(Laws of Kenya (Revised Edition 2015 [2014])

خلاصة القول:

شبابنا الشجعان وهم يتنادون لنجدة الوطن ومعهم الاباء من المهنيين الوطنيين الاخيار الابرار النجباء يتصفون بكل هذه الصفات – البسالة, الشجاعة, النجابة, حب العلم, الاحساس بالواجب, التفاني, حب الخير للآخرين, والايمان بقضية الوطن الذي بدأ يتسرب من بين ايدينا والتصدي للمواجهة بكل بسالة وتجرد وايمان وصلابة وثبات وثقة اكيدة في النصر. هذه هي الصفات التي تميز القادة الحقيقيين عن اولئك الذين يتسنمون القيادة بدوافع الكبر والغرور والمباهاة , وأسوأ من ذلك من يسعى لها لجمع المال والجاه والسلطان والسلاح واسخدامها لقهر الناس وافقارهم وتعذيبهم وأكل اموالهم باالباطل بل وقتلهم. هؤلاء هم الخاسرون في المعركة fighting a losing battle  لذلك يثلج صدورنا ان ينهض هؤلاء الشباب الشجعان النجباء الغيورين الانسانيين بمعية آبائهم المهنيين لقيادة السودان عن حق وجدارة ليس حبا في القيادة بل واجبا وطنيا فرضته عليهم ظروف الراهن الكئيب, ونحن نطمئن ان مستقبل السودان في خير وامان وازدهار تحت قيادة هؤلاء الشباب ان شاء الله.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..