صديقي ( ألفة فصلنا) ونظريته في توطين الاستثمار..

أسامة ضي النعيم محمد
(ألفة فصلنا) صداقته جاءت بعد مزيج من الخوف واتقاء شره أو كسب وده ، بحسب الجانب الذي انت فيه ، هو الذي كان قبل عقود ست يضبط حركة فصلنا في مدرسة سنجة الاهلية الوسطي ، يبلغ المدرس ضابط الفصل عن المشاغبين الذين يحرص ( الالفة) علي كتابة اسمائهم بطابشور واضح علي السبورة ، يزيد صليب أمام اسم من يكثر الشغب والمحاججة مع (ألألفة) ، سرقة قلم (تروين ) أو كراسة ملخصات من زميل اخر ترسلك تلك (الجنحة)الي العقاب جلدا بسوط العنج وجسدك مشدود بين أربع من الزملاء بسط الله لهم في الشحم والعظم.
تطاولت السنين وجرت مياها كثيرة بيننا و(ألفة الفصل) ، ثم التقينا بعد طول غياب في عهد الانقاذ وتحكم الاخوان في مقاليد المال والأراضي والعقارات ، رحبنا ببعض وطفق صديقي بعد حين يشرح لي في نظرية (ألفة الفصل) وقدرتها علي كبح و (خمج ) وطمع وشره مافيا التمكين والأراضي وسرقة أموال القروض والمنح وتحويلها الي منتجعات خاصة حول أطراف الخرطوم وفلل استثمارية في قلب العاصمة ، تعجبت لقوله وطلبت من (ألفة الفصل) مزيدا من الشرح. تعدل في جلسته كما هو في الايام الخوالي وبدأ حديثه معي كما في السابق ( شوف يا ود ضي النعيم ) انت كنت من المشاغبين و ولكنك كنت نحيل الجسم وقليل الشحم وهو ما شفع لك وحجب اسمك عن الظهور الكثير علي (لائحة الشرف ) ، هذه الحجة والتقية أيضا غيبت عنك أهمية وجود (ألفة الفصل) ليسود الامن ونحفظ أغراض الزملاء عن الاعتداء والتنمر.
مضي في حديثه (ألفة الفصل) يشرح لي في أن من يسرق الاراضي الان هم كانوا طلابا نجباء ، تلقوا أفضل تعليم داخل وخارج السودان ، استدعاهم تنظيم الاخوان بغرض التمكين و أضحي السودان عندهم ساحة عمل كبيرة فيها (ألفة الفصل) هو زعيمهم ، الفرق الوحيد هو أن زعيم الاخوان يكشف المشاغبين ليسخرهم الي مزيد من السرقات والتنمر لا ليعلنهم للمجتمع مشاغبين يستحقون العقاب والجلد ، كبرت الجنح وصارت جرائم مثل الاعتداء علي قرض من الهند وتوريد مواد مكافحة الافات فاسدة أو الحصول علي بعض الاراضي الحكومية ثم بيعها أورهنها لتمويل الاخوان ، تضاف أجزاء من ولاية الجزيرة الي حدود ولاية الخرطوم لرفع القيمة الاستثمارية للأراضي الحدودية بين الولايتين لمصلحة بعض الاخوان ، دعوة المنظمات الدعوية الخيرية لإقامة أبار في أراضي يملكها نافذون من الاخوان ثم تصبح حدائق غناء و تحسب من بين حلالهم.
قاطعت حديث ( ألفة الفصل) بسؤال عن علاقة ما شرح لي وتوطين الاستثمار ، ضحك كما في الايام الخوالي فارضا نفسه علي المجلس ، واصل توضيحاته بأن ألفة الفصل لم تعد تناسب ولكنها رمز للحراسة في ( النموذج السوداني ) ، وحتي لا تسألني عن (النموذج السوداني ) هو تجسير بين مشروعات تنمية السودان عبر القروض الاجنبية لتتحول مثلا قروض سد مروي وكبري الدباسين عبر جسر منصب رئيس الجمهورية وقنطرة بنك السودان الي دولارات في حسابات شخصية تغذت من نهر كبير كان ينبع من بين أيادي رئيس الجمهورية شخصيا وأسرته من حوله يتقاسمون الغنائم. ( ألفة الفصل ) مثل حارس العمارة تحت الانشاء حيث يتم قبلا تعيين الحارس للحفاظ علي مواد البناء .
مضي ( الفة الفصل ) يبسط لي نظريته في توطين الاستثمار والنموذج السوداني مثالا ، هو يحتاج الي حراسة شديدة بعيون أجنبية ، تتقدم دخول الاموال والمعدات عيونا أجنبية من طرف المستثمرين ، فالنموذج السوداني يتميز بتوفر لصوص علي قدر عال من التعليم ويجيدون الحديث بلغات عديدة وربما أيضا بلغة الاشارة ، عاشوا بين مجتمعات غربية وعربية وربما قدموا أفضل النصائح هناك ولكن في السودان تشهد كباري خرسانية تأكلها الجقور وطرق اسفلتية (تموصها ) الامطار علي تطفيف تلك الفئة في الكيل وبياقاتهم المنشاه وجلاليبهم البيضاء يتجولون بين المجتمع السوداني اغتصابا وسرقة للقروض وتضخيما لمديونية السودان.
نموذج ( ألفة الفصل) بعد شرح صديقي وتطبيقاته علي (النموذج السوداني ) ربما كان محورا للنقاش والتطوير والتعديل فحجة حارس مواد البناء في العمارة تحت التشييد راق لي كثيرا ، في سيرنا لبناء السودان وتعميره نحتاج الي حراسة من عبث اللصوص ذوي الياقات المنشاة وربطات العنق الملونة والجلابيب والعمم المطرزة. توطين الاستثمار ومخرجاته عبر مؤتمر باريس يحتاج الي عصف ذهني لا يقف عند صديقي ( ألفة الفصل) ونظريته وله – بإذن الله – أجر المجتهد.