مقالات سياسية

بلادنا في ذكرى ثورة أبريل المجيدة

أحمد الملك

تمر اليوم ذكرى ثورة أبريل االخالدة. إحدى إشراقات شعبنا العظيمة في مسيرة نضاله ضد الظلم والطغيان. تمر هذه الذكرى المجيدة وبلادنا تودّع أحد أبنائها ألاوفياء، شاعر الشعب محجوب شريف. الرجل العظيم الذي عاش من أجل شعبنا وظل عمره كله مناضلا من أجل إستعادة حقوق أبناء شعبنا ممن طحنتهم آلة الظلم والاستبداد.

تمر الذكرى المجيدة وأزمات وطننا تراوح مكانها. النظام الذي إنقلب على ثورة شعبنا لا يزال يمارس نفس ألاعيبه القديمة المكررة، محاولا كسب مزيد من الوقت رغم أنه لم يعد لديه من شئ يقدمه لوطننا. والحقيقة أن النظام الذي إنقلب على ثورة شعبنا ووأد طموح هذا الشعب الكريم نحو الحرية والكرامة وحكم القانون. لم يكن لديه يوما ما يقدمه لهذا الشعب. سارق الثورات والحقوق، لا يمكنه أن يزعم أنه يحب هذا الوطن أو يحرص على مصالحه. العصبة التي انقلبت بليل على النظام الديمقراطي. لم تفعل لهذا الوطن شيئا سوى إغراقه في الحروب ونهب ثرواته وبيع مؤسساته التي شيّدت من عرق هذا الشعب وتضحياته، وتدمير نسيجه الاجتماعي الذي كان بسبيله للتعافي من أدوائه القديمة. والتدمير المنظم للإنسان ولكل القيم النبيلة التي ميّزت شعبنا. رعب النظام الانقلابي من أن يكرر هذا الشعب تجارب ثوراته المجيدة قادت بهم لتجربة كل شئ لتدمير تلك القيم و كبح جماح تلك الإرادة. سيسجل التاريخ أن هذه التجربة التي لا مثيل لها في تاريخ الاستبداد والتسلط، قصدت عمدا تدمير شعب وتفكيك وطن.

النظام الديمقراطي كان أمانة سلّمها شعبنا للحكومة التي تكونت بعد إنتخابات العام 1986. لم تخف الجبهة القومية الاسلامية تآمرها على النظام الديمقراطي منذ لحظاته الاولى. لكن الحكومة التي سيطر عليها حزبا الامة والاتحادي الديمقراطي. لم تكترث كثيرا لحجم المؤامرة المعلنة. إستغرقتها أنانية المكايدات الحزبية الضيقة الأفق، الخالية من أية رؤى تستشرف المستقبل وتحفظ أمانة الوطن، تحفظ أمانة الكرسي للشعب الذي ضحى بدمه من أجل أن يرى في سدة الحكم، من يختارهم بنفسه لرعاية مصالحه وحفظ حقوقه وضمان حريته وكرامته، وصون إستقلال بلاده ووحدتها. مضت الأحزاب الحاكمة في نفس أساليبها القديمة كأنها ستعيش أبدا، كأنها بالفعل حين تعجز عن تقديم حلول للمشاكل اليومية التي يعيشها المواطن ولمشكلة الحرب في الجنوب. تغلق إذنيها وتبقى في إنتظار مغامر يخلّصها من عبء مسئولية الحكم ويطيل من عمرها الذي يتقاصر مع تنامي وعي أجيال جديدة متوثبة لممارسة حقيقية للنظام الديمقراطي يحفظ حقوق الناس ويضمن تمثيلا حقيقيا يراعي مصالحها بعيدا عن الولاءات التقليدية التي ما حفظت وطنا ولا حمت نظاما ديمقراطيا.

حقا أن تلك الأحزاب عادت لممارسة العمل الحزبي بعد فترة من الملاحقة والتنكيل. لكن الصحيح أيضا أن تلك الأحزاب لم تتعلم شيئا من دروس الماضي. لقد إعترف رئيس الوزراء أخيرا أن د. حسن الترابي أمين الجبهة القومية الاسلامية آنذاك أرسل له من يشاوره في الإنضمام لهم في الانقلاب على النظام الديمقراطي! هذا موقف غريب أن يطلب منك شخص ما تقويض النظام وأنت على رأسه! والاغرب هو صمت السيد رئيس الوزراء. وإستمرار صمته فيما التحذيرات تنهال على الحكومة من كل حدب وصوب حول الانقلاب الوشيك. وكانت صحف الجبهة القومية الاسلامية تبشّر الناس جهارا نهارا بالورثة القادمين لانقاذ البلاد والعباد.
إهمال يكاد يقترب ليصبح شريكا في المؤامرة. المؤامرة التي سيدفع وطننا وبنيه ثمنها كاملا. إنفصالا وحروبا وموتا ودمارا للنسيج الاجتماعي، وللقيم التي حفظت بلادنا على مر العهود والأزمنة.

في ذكرى أبريل المجيدة لم يعد هناك لدينا من وقت ولا حتى للبكاء على أطلال أمنياتنا القديمة. نظام الجريمة المنظّمة بمثلما نجح في دفع اهل الجنوب لتبني خيار الإنفصال. يسعى لتكرار العمل نفسه في دارفور وربما في مناطق أخرى من بلادنا. ومالم تكن هناك وقفة حازمة لكل أبناء شعبنا للعمل سويا من أجل إزاحة هذا الكابوس، والعمل على مداواة جراح وطننا النازفة، فإن العواقب ستكون كارثية على وحدة ووجود ما تبقى من وطننا.

www.ahmadalmalik.com

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..