فخ العلمانية وذكاء السلفية

عندما يبتسر الانسان فكره في (كلمة)، ويتمركز بكامل ثقله المعرفي خلف هذه الكلمة التي لمَّا تصبح (مفهوماً) مؤسِسِاً لما بعده، يصبح من السهل جداً على مناوئيه الانقضاض عليه وضربه بل ونسفه من الوجود الفكري تماماً، لا سِيَّما إذا كانت هذه الكلمة أو المصطلح دخيل على منظومة ثقافية تقليدية تسيطر عليها (دوغمائية) تنبعث منها رائحة الدم. حينها يصبح عوام الناس جنودٌ مُجَنَّدة بالمجان لاجتثاث الفكر المتدثر خلف (الكلمة).

حالة الكسل (الفكري) وعدم الجرأة على ابتكار مفاهيم جديدة من رحم الواقع تتلائم مع بنية الوعي السائدة، هو ما ولَّد حالة (الهروب)، إما للأمام في حالة دعاة التوجه (العلماني)، وإما إلى الخلف في حالة دعاة (السلفية). وكلاهما لا يمتلك (ذاتية) وإنما آلة ماسحة (Scanner) يستنسخ بها أفكار غيره، دون إعمال للعقل، متوهماً أن ما نجح في الماضي أو هناك سينجح بالضرورة الآن وهنا.

كلا مفهومي (السلفية) و (العلمانية) يعتبران بنسب متفاوتة دَخَلٌ على منظومة الثقافة السائدة، فالسلفية ما كان لها أن تنبعث من مرقدها لولا الفكر الوهابي، و وقوة تأثير البترودولار، حيث عملت السعودية على احياء (ابن تيمية) بطباعة ملايين النسخ من (الفتاوى) وتوزيعها بالمجان، والتي يطعن البعض في نسبتها لابن تيمية.

السلفية من أكثر الحركات الإسلامية القادرة على إنفاذ أفكارها ومشاريعها على أرض الواقع خارج إطار الدول من خلال الجمعيات الخيرية وبناء المساجد ومراكز التحفيظ، في محاولة لأسر الوجدان العام لتخفيف الصدام المتوقع معه ومع المؤسسات الدينية التقلدية القائمة، فتغلغلت فيه بكل سهولة ويسر وبثت أفكارها وأعادت صياغة مسلماته.

بينما دعاة (العلمانية) من الناحية الأخرى كان دخولهم ابتداءً مصادماً لوجدان المسلم، وما خفف وقع الصدام هو الغطاء السياسي والأمني الذي وفرته بعض الأنظمة الاستبدادية التي وجدت في العلمانية بوصفها (فكراً تقدمياً) وسيلة لخلق طبقة (مثقفاتية) تبحث لها في طوب الأرض عن شرعية تخصف بها سوءاتها، فظل العلماني بعد سقوط الطواغيط يتودد (العوام) في محاولات بائسة لاقناعهم بأن مفاهيم العلمانية لا تصادم الاسلام.

لم يجد دعاة السلفية، والحال كذلك، كبير ولا كثير عناء في وأد (العلمانية) في مهدها، فرمت العلمانية بالكفر والزندقة والفسق، وذلك لأن العلمانية دخلت ميدان المعركة بلا وعي مسبَّق لطبوغرافية العقلية السائدة ولا (قبلياتها) الفكرية المؤسِسِة لها.

وكانت النتيجة حرمان شعوب المنطقة من الافادة من فكر إنساني راقي، انتصر على ماضيه في صيرورة مطردة أخرجته من عصور الظلام إلى قيادة العالم، بينما انخرط دعاة العلمانية عندنا في معارك خلع الحجاب وتحرير المرأة بصورة فجة، نسوا معها تحرير الرجل من عقابيله، فما كان من رجل الشارع إلا أن وجد نفسه جندياً مخلصاً في كتائب السلفيين.

آن الأوان أن ننسى كل ما حفظنا وأن نبدأ مرحلة سيادة العقل……………………………….

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. العلمانية اليوم تقود العالم الحر في اروبا و امريكا و كندا و استراليا و روسيا و اليبان و الهند غيرها من الدول الديمقراطية و حقوق الانسان و الحريات التي يقتات و يعتلف العالم الاسلامي من منتجاتها و خيراتها و صناعتها — اما السلفية المتمثلة في الحركة الوهابية فانهارت فكرتها و بلد المنشأ — فخلعت جلباب الماضي و فتحت عيونها نحو المستقبل و التحرر —
    انهارت السلفية كما نهارت قبلها تنظيمات الاسلام السياسي التي اصبحت الحاضنة و المفرخة للارهاب الذي يكفر و يفجر و يسفك الدماء و يشيع الرعب بين الآمنيين —
    اذن العلمانية و الديمقراطية و سيادة حكم القانون و المواطنة المتساوية هي الخطوات الاولى لحل مشاكل شعوب العالم الاسلامي البائسة التعيسة — و الا التخلف و البؤس و الحرمان و الفقر و ليس الا —

  2. ولدت العلمانية في بيئة كنسية متجبرة و منحرفة عن الدين الصحيح للمسيح عليه السلام و قبلها ولدت الحركة البروتستانتية التي كنت احتجاجا من داخل البيت ( الكنيسة). و بالتالي لا تمثل العلمانية حلا لمشكلات المجتمعات الاسلامية.

    بالمقابل ظهرت السلفية ( النسخة الحديثة ) في السودان كرد فعل للتيارات الصوفية الموغلة في تقليد الرجال و تقديسهم على حساب النصوص الشرعية الثابتة.

  3. العلمانية اليوم تقود العالم الحر في اروبا و امريكا و كندا و استراليا و روسيا و اليبان و الهند غيرها من الدول الديمقراطية و حقوق الانسان و الحريات التي يقتات و يعتلف العالم الاسلامي من منتجاتها و خيراتها و صناعتها — اما السلفية المتمثلة في الحركة الوهابية فانهارت فكرتها و بلد المنشأ — فخلعت جلباب الماضي و فتحت عيونها نحو المستقبل و التحرر —
    انهارت السلفية كما نهارت قبلها تنظيمات الاسلام السياسي التي اصبحت الحاضنة و المفرخة للارهاب الذي يكفر و يفجر و يسفك الدماء و يشيع الرعب بين الآمنيين —
    اذن العلمانية و الديمقراطية و سيادة حكم القانون و المواطنة المتساوية هي الخطوات الاولى لحل مشاكل شعوب العالم الاسلامي البائسة التعيسة — و الا التخلف و البؤس و الحرمان و الفقر و ليس الا —

  4. ولدت العلمانية في بيئة كنسية متجبرة و منحرفة عن الدين الصحيح للمسيح عليه السلام و قبلها ولدت الحركة البروتستانتية التي كنت احتجاجا من داخل البيت ( الكنيسة). و بالتالي لا تمثل العلمانية حلا لمشكلات المجتمعات الاسلامية.

    بالمقابل ظهرت السلفية ( النسخة الحديثة ) في السودان كرد فعل للتيارات الصوفية الموغلة في تقليد الرجال و تقديسهم على حساب النصوص الشرعية الثابتة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..