العلمانية ( 3 – 3 )

ثالثا:طبيعة الدوله العلمانيه
تغيرت النظريه السياسيه وطبيعة الدوله والحكم بعد ظهور نظرية العقد الاجتماعي الذى ساغه هوبز فى القرن الساس عشر وتطورت مع جون لوك فى القرن السابع عشر واكتملت مع روسو فى القرن الثامن عشر ،وهى النظريه التى ساهم بشكل كبير فى قيام الثورة الانجليزيه 1668م والثورة الفرنسيه 1789م التى كانت كتاب (العقد الاجتماعى ) لروسو بمثابة الانجيل لها ،وهى الثورة التى رفعت شعار الحريه والمساواه والاخاء ،والثورة الامريكيه 1877م ايضا تأثرت بنظرية العقد الاجتماعى .والفكره الاسياسيه فى نظرية العقد الاجتماعى هوان الشعب مصدر التشريع ومصدرالشرعيه ،فالحكومه هى تعاقدبين المواطنين والحكام وهى تفويض من قبل المواطنين للحكومه ،ويمكن للمواطنين تحت اى لحظه ان تغير الحكومه متى ما شاء ، هذه النظريه يناقض النظريه السياسيه التى كانت سائده فى القرون الوسطى حيث الحاكم يستمد شرعيته من قانون الحق اللهى او قانون القوه ، فالملك حسب قانون الحق اللهى هو ظل الله فى الارض وانه ينطق كلام الله ويحكم به ،وبالتالى لامجال للسؤال حول شرعية الحاكم وافعاله وسياسته ،فيصبح الملك فوق الجميع (الدوله هو الملك والملك هو الدوله )، فسلطته سلطة مطلقه بدعم من رجال الكنيسه ، ولذالك كان من اهم شعارات الثورة الفرنسيه (اشنقو آخرملك بأمعاء آخر قسيس ) ايذانا بنهايةالدكتاتوريه الملكيه والدينه وظهور نظريه سياسيه جديده ودوله اساسه التعاقد بين المواطنين .
وايضا من المساهمات المهمه فى النظريه السياسيه الجديده كتاب روح القونين (لمنتسكيو) والذى طالب فيه بفصل السلطات الثلاثه (تشريعيه -تنفيذ يه -قضائيه) ،وايضا مساهمات جون ستوار مل فى الحرية . ادى هذه الافكار الجديده الى ظهور حقوق الانسان فاصبح المرتكز الرئيسى فى طبيعة الدوله الحديثه . الجدير بالذكر أن هذه التحولات والتغيرات حصلت فى العالم الاوربى وكانت مربوطه بتطورات الحضاره الحديثه فى الغرب .ولاكن لان الافكار ليس لها مكان فانتقلت فكرة الدوله الحديثه ومفاهيمها الى خارج اروبا خاصة مع الاستعمار فى القرن التاسع عشرالى دول افريقيا وآسيا وامريكه الاتينيه ،فكان الصدام بين الفكر السياسى التقليدى والفكر السياسى الحديث بين الجمهوريه والملكيه بين سلطة القبيله وسلطة الدوله .ادى هذه التباين لطرح ثلاثه نماذج لطبيعة الدوله الآن فى السودان والعالم الاسلامى .الدولة العلمانيه والدوله الدينيه (الاسلاميه )والدوله المدنيه ،نحاول هنا أن نين طبيعة كل دوله على حده ، وحسب الحجج والمبررات الفلسفيه للعلمانيه التى قدمناه فى منشورنا السابق ومبررات اخرى متعلقه بطبيعة الدوله العلمانيه فأننا نتبنى الدوله العلمانيه وليست الدوله الاسلاميه (الدينيه )او المدنيه.
1/الدوله العلمانيه:-
مايمكن قوله قبل كل شئ هى ان الدوله العلمانيه دولة (مواطنه) . بمعنى ان المواطنه هى اساس الحقوق والواجبات ، فالمواطنون هم متساوون بغض النظر عن مللهم ونحلهم عن ا ديانهم اواعراقهم اواجناسهم ،فلهم نفس الحقوق ونفس الواجبات. وبناء عليه فأن مصدر التشريع فى الدوله العلمانيه هى الشعب (العقل الجمعى) ،والشعب هنا ليست طائفه محدده اواغلبيه معينه بل الشعب كله (مسلمين -مسيحين-بوذين -رجال-نساء……) وايضا هنالك شئ اساسى يميز الدوله العلمانيه عن غيرها ، فهى دوله محايده تجاه الاديان فهى لا تنحاز لاي دين كان ولاي سبب كان ، فالدوله اذا رأت ضرورة دعم الاديان فهى تفعل ذالك مع كل الاديان كما هو الحال فى دول علمانيه عده ،اما اذا رأت عكس ذالك فلا تدعم اي دين كما هو الحال فى فرنسا .فرغم ان هنالك انواع عده للدوله العلمانيه الاانها تشترك فى النقاط الاساسيه التى ذكرها .
والدوله العلمانيه هى دوله ديمقراطيه بالضروره وبشكل تلقائى ، لان القيم الديقراطيه والتى هى قيم الحريه والمساواه وحقوق الانسان ،فنالك ربط ضرورى بين العلمانيه والديمقراطيه .
2/الدوله الدينيه :-
هنالك نموذج آخريتم طرحه فى السودان والعالم الاسلامى وهى الدوله الاسلاميه ،فرغم ان هنالك اختلاف بين الدوله الدينيه (الثيوقراطيه) فى اروبا القرون الوسطى وما يتم طرحه بأنه دوله اسلاميه ،الا ان هنالك تشابه ايضا بين الفكرتين ،هذا التشابه ومبررات اخرى يجعلنانرفض الدوله الدينيه من حيث المبدأ .
فالتشابه هو انه فى كلا الفكرتين لايتم الاعتماد على الشعب كمصدر للشرعيه .فالدوله الاسلاميه منذ تأسيسها مع النبئ محمد فى القرن السابع يتم تعين الحاكم من قبل اهل الحل والعقد ثم تتم البيعه . او عن طريق القوه ثم التوريث فتصبح ملك عضوض .اذ أن النظريه السياسيه الحديثه لم تظهر آنذاك فلا وجود لانتخابات او ترشح او دستور ولامن يحزنون .
ولذالك لا يسأل حول شرعية النبئ اواى خليفه ، فالخليفه يظل خليفه الى ان يموت ،هذا كله ينتمى الى ما قبل ظهور الدوله الحديثه ولاكن المشكله الاكبر هو انه يتم طرحها وتبنيها الان ونحن فى القرن الواحد والعشرين .
هنالك ايضا مبررآخر يدعونا الى رفض الدوله الاسلاميه وهى محاولة تطبيق الشريعه الاسلاميه ، فتطبيق الشريعه هو عائق لبناء دولة المواطنه لان الشريعه الاسلاميه هى مبادئ وتشريعات يتناسب مع الظروف الزمكانيه التى انتجت فيه ، قبل ظهور حقوق الانسان والديمقراطيه ،ولذالك جزء كبير من مبادئ الشريعه الاسلاميه يتعارض مع حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطيه ،فهنالك على سبيل المثال تميز بين الرجل والمرأه وتفضيل الرجل على المرأه ،تفضيله فى مسائل الحكم والزواج والميراث ،وايضا هنالك تمييز بين المسلم وغير المسلم ، فغير المسلم يعتبر ذميا وهو مواطن درجه ثانيه ،ولايمكن له ان يحكم مثلا فى نظام اسلامى ، وكذالك هنالك تمييز بين العبيد والجرارى والسبايا من جهه وبين الاحرار من جهه اخرى.
فالدوله الدوله الاسلاميه تنحاز للمسلم لمجردتسميتها بأنها اسلاميه انحياز رمزي قبل ان يكون فعلى ،كما هو الحال فى السودان حيث الحركه الاسلاميه تبنى مشروع لتجديد (الاسلام) وبعث (الاسلام) ولذالك همت للاسلام اكثر من همها للوطن ، فأنفقت مليارات الجنيهات فى بناء مؤسسات اسلاميه(مساجد -جامعات -معاهد) من مال الدوله ،وفى المقابل لم تنشئ كنيسه واحده ، بل هدمت كنائس علما بان نسبة المسيحيين فى السودان قبل انفصال الجنوب كبيره .
نستطيع ان نقول أن مفاهيم الدوله الاسلاميه مفها هيم تقليديه لاتصلح لبناء دولة المواطنه المتساويه .
3/الدوله المدنيه:-
هنالك من يطرح نموذجا ثالثا لطبيعة الدوله غير الدوله العلمانيه والدوله الاسلاميه وهى الدوله المدنيه ،ويمكن ان نقول أن الدوله المدنيه التى يتم طرحها هى دولة (غموض)
،دولة (تحالف الهاربين) ان جاز تسميتها ،الهاربين من مصطلح العلمانيه السيئة السمعه والهاربين من الدوله الدينيه السيئة السمعه ايضا ، ففى الدوله المدنيه يلتقى فيه العلمانين( غير الصريحين ) مع الاسلاميين (غير الصريحين ) ليلتقوا فى الاسم فقط دون المفهوم .
اذا هنالك نوعان من دعاة الدوله المدنيه ،النوع الاول يعرف الدوله المدنيه بانها دولة مواطنه وان المواطنه اساس للحقوق والواجبات وهى دوله ديمقراطيه ومحايده تجاه الاديان هذه هى العلمانيه عنيها. فلماذا لانسمى الاشياء بمسمياتها؟لماذا لانعطى المصطلح حقها الادبى على الاقل؟ متى يكون لدينا الجرأه ولو مره واحدة لنقد قيمنا ؟متى يتغلب عندنا الاراده المعرفيه على الاراده السياسيه؟ .
اماالنوع الثانى فيعرف الدوله المدنيه بأنها دوله مواطنه ولاكنها بمرجعيه اسلاميه اى بمعاير الاسلام ولا يبالى فى تطبيق الشريعه الاسلاميه وهذا هو الدوله الدينيه والاسلاميه ذاتها .
فمصطلح الدوله المدنيه لايساعد فى حل مشكله شائكه وعويصه وهى مشكله الدين والدوله ومشكلة دولة المواطنه المتساويه ، بل أنها مضلله .
[email][email protected][/email]
ماشي كويس شديد…
واصل يا استاذ…
شعار العلمانية هي الحل عبارة عن شعار سياسي فارغ مثل شعار الاسلام هو الحل…
كيف يتم طرح العلمنة الشاملة في الخطاب اليومي ؟ مع العلم ان تسعة و تسعين بالمئة من دعاة العلمانية في السودان ليسوا علمانيين اصيلين…