الإستفتاء ونيفاشا ولعبة الشطرنج

الجوس بالكلمات
الإستفتاء ونيفاشا ولعبة الشطرنج
محمد كامل
حينما تحين لحظة الإستفتاء بعد شهور قلائل يكون ( ملك الحكومة) بحسب قوانين لعبة الشطرنج قد إنتهى تماماً ولن تفيده المناورات بعد ذلك أبداً ، إنها قواعد اللعبة التي ارتضتها الحكومة آنفاً حينما مهرت بقلم الغفلة اتفاق السلام الشامل وظنت انه شامل مثل ما اطلق عليه مهندسوه من الغربيين وخبراء مراكز الدراسات الاستراتيجية من ربائب الامريكان ، نعم لقد انتهى زمن المناورات وليس بالإمكان ممارسة الازدواجية في التعامل مع الثوابت الوطنية والتواصل مع الغربيين في نفس الوقت بهدف الاستمرار في السلطة، والسبب يعود في تقديري الى ان رعاة اللعبة كانوا يدركون منذ الوهلة الاولى ان ممارسة اللعب مع المغفلين ينبغي الا يستنفد وقتاً اطول مما يجب فالوقت عندهم بثمن وله قيمة ولذلك تحين اليوم وتتقدم مخططات تقسيم السودان التراتبية وفق ما خطط له القوم ولا تستطيع الحكومة توقيف عجلة الضياع المتدحرجة من أعلى التلة .
لقد هلك الحصان يوم ان انسحب الجيش من ارض الجنوب السودانية تلبية لرغبة السياسيين ونسي القوم انهم انما يسحبون القوات المسلحة من ارض سودانية اقسمت من قبل على صيانتها والدفاع عن حدودها من الدخلاء والمعتدين ، وهلكت الطابية حينما تم فرز المناطق الثلاث وكأنها نبت شيطاني نزل من المريخ ليتخير له مكاناً في أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، وخسرنا قبل ذلك جنوداً بعدد الشجر والحصي سواء وراء الجبلين او ماوراء النهر او وسط الاحراش ، وخسرنا الوزير حينما سقطت طائرة الناصر وها نحن اليوم ننتظر مع تقدم موعد الاستفتاء حركة مباغتة تنهي الملك طويل العمر ثم يضيع السودان تحت اكوام الفتن والتمزق والتقسيم والتهافت على اموال الحرب التي تقطر دما .
هذا الكلام الذي نعلم انه متشائم فرضته التصريحات الامريكية الاخيرة التي اطلقها ( القوم ) كعيدية لهؤلاء ( القوم ) حتى لا ينجروا خلف اوهام امكانية صناعة وحدة كاذبة غير جاذبة في غضون شهور قليلة سرعان ما تمر مر السحاب ، فقد كشفت الحكومة الامريكية عن انيابها قبل ان يحين الموعد وفي ذلك رسالة واضحة لاصحاب الازدواجية في التعامل مع تحديات البلاد والذين يتذاكون على الامريكان فقد حان الوقت لتحمل المسؤوليات فإما مواصلة الإلتزام لما يسمي بالمجتمع الدولي وتنفيذ كافة بنود اتفاق نيفاشا بما في ذلك الانصياع لمآلات الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان او اختيار المواجهة والصمود ودفع فاتورة الخروج على الأسياد بالرجوع الى شعب السودان ( شيال التقيلات ) .
ان طريق الخروج من المأزق واحد وهو الخروج عن الطاعة العمياء لراسمي مخطط تقسيم السودان ، وحتى يكون الخروج آمنا مثل ليلة ( الهجرة ) ينبغي على الحكومة الا تغفل ضرورة الرجوع الى جماهير الشعب السوداني وقواه السياسية الحية التي تقف موقف المتفرج بسبب تصلب جهات داخل السلطة تقف حجر عثرة امام الوفاق الوطني ، ان بداية جادة الخروج تمر بعقبة داخل السلطة ينبغي استئصالها او تحييدها فلا تمثل دور خميرة العكننة طوال الوقت ، وبعد تحقيق الوفاق الوطني بما في ذلك شركاء السلطة في الجنوب وهم سودانيون مهما تنكروا لبلدهم والحق اقول انهم لم يتنكروا لبلدهم وإنما يشعرون بغضب تجاه شركائهم في المؤتمر الوطني لكثرة ما ارتكبوه من اخطاء بحقهم واحتكارهم للأمر وممارستهم للألاعيب غير المستساغة ، هؤلاء الناس بحاجة الى حوار جاد وصدق في التعامل ولن يتحدثوا بعدها عن دولة منفصلة تكون جارة في بلد المليون ميل مربع الذي وسع الأجداد جميعاً من قبل ولم يفكروا يوماً من الايام في تقسيمه مثل أكوام ( اللحم ) في الملاحم البلدية .
الصحافة