راكبين عربات وماكلين سماعات !

بسم الله الرحن الرحيم
عند إعلان قناة العربية عن لقاء مع البشير..وجدت نفسي متنازعاً بين الاستماع إلى اللقاء لأن جملة من المفارقات التي تصلح للكتابة عنها ستكون محتشدة في حديثه..وبين تحاشي الجلوس أمام القناة لذات السبب..فكثرة الاستماع إلى نفس المغالطات ..تصيبنا بالغثيان.. وظننت أن مناسبة اجتماعية قد أخرجتني مما كنت فيه..غير أن تعليقاً مستفزاً جعلني أبحث عن اللقاء للتأكد منه قبل الكتابة..فقد ورد قي مواقع التواصل الاجتماعي بأنه استدل على رفاهية الشعب بزيادة العربات وتطاول البنيان ونمطه..وعجبت كيف أن الأيام تستنسخ ماري أنطوانيت في كل مرة..بعدم الإحساس بمعاناة الشعب من قبل السلطان رغم ما يعرف عن المشاركات الاجتماعية لحكامنا لأسباب سياسية.
فالمفارقة المحزنة تأتي في الحديث عن السكن ..ولم يمض يوم على بث ناشطين شريطاً يوثق لسكن متشردين في داخل المجاري ..وهم يقسمون المجرى إلى غرف مجازية..ولا نسأل عن أي تطور حدث في شكل مباني السواد الأعظم من سكان العاصمة ..بل علينا أن نعرض عليه ما ابتنته سلطات الإسكان الشعبي للمواطنين إن كانت تختلف عن مثيلاتها في خمسينيات القرن الماضي..أما بقية البنيان الفاخر..فلأناس محدودين ..وطبقات نمت وتكونت بفعل آلية الفرز الطبقي الفظيع الذي أعملته فينا سياسات النظام الاقتصادية..دعك من الحديث عن مصادر الأموال القذرة وغسيلها والإثراء من ورائها لتقف غابات من الأسمنت يباهي بها النظام ومنسوبوه.
أما الحديث عن العربات..فامر البشير فيه يدخل السامع في دوامة من الحيرة..فكم في المائة من الناس يمتلكون العربات الخاصة ؟ ولأن ذاكرة شعبنا لا ثقوب فيها..نسأله ومحاسيبه..ونُذكره بتبريره لزيادة الوقود في المؤتمر الصحفي الذي دعا فيه رؤساء تحرير الصحف في سبتمبر 2013..وغيره ..فهو يذكرنا فيه وفي غيره في كل رفع عن الدعم عن البنزين..أنه في الواقع دعم للأغنياء ..لأن البيوت بها أكثر من عربة واحدة ..قد تصل إلى خمسة في الأسرة الواحدة.. فمتى تصبح دليلاً على رفاهية الشعب ؟..ومتى تصبح دليلاً على استئثار فئة قليلة بدعم الوقود ؟ فمالكم كيف تحكمون ؟
ونختم بالحديث عن أبقار ودواجن وقطعان ضأن مزرعته..هل يدري أن ما يصيب أهل الأطراف من العاصمة منها لا يتعدى أرجلها التي انثنت أصابعها ويسمونها ( صبرك ) ؟ وما يصيبهم من لحوم الضان والمواشي (طبق) يقال له (سماعات)..لأنه من آذان الأنعام ؟ ما صدق فيه في اللقاء أمر واحد ..هو عجزه عن الاحتفاظ بوحدة البلاد..أما تمنيه ان يكمل من يخلفه رفاهية الشعب ..فنقول له ..شكراً ..فنحن في غنى عن هذه المفارقات الطبقية بالكامل.
[email][email protected][/email]