ويشرب غيرنا كدراً وطينا

بشفافية

ويشرب غيرنا كدراً وطينا

حيدر المكاشفي

عندما قال الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم في حوالى عام 584م أى بالتقريب قبل ألف واربعمائة وست وعشرين سنة بالتمام والكمال، في معرض تباهيه بعزة قومه وتفاخره بعلو شأنهم وكعبهم، «ونشرب إن وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا»، انما كان يقول منذ ذلك الزمن السحيق، الذي يقوله الآن العلماء والخبراء في القرن الواحد وعشرين، ان الماء الصحي النظيف هو ليس فقط حق من حقوق الانسان الضرورية انما هو كذلك من دلائل العزة والمنعة والسيادة والريادة واحد العوامل المهمة في قياس مدى تقدم الدول والشعوب، وبالمقابل فبقدر ما تتدنى خدمات المياه النقية والصحية الخالية من الملوثات تتدنى معها مكانة البلد في سلم التطور والرقي، فالمياه الملوثة بما تسببه من امراض متعددة تعد بلا جدال احدى مقعدات الشعوب، بل انها كما تقول احدى الاحصائيات العلمية تؤدي إلى وفاة حوالي اربعة آلاف وخمسمائة نفس يوميا حول العالم، ومن المعروف في الاوساط الطبية والصحية في السودان ان الامراض المنقولة بواسطة المياه «Water Borne Diseases» مثل الملاريا والتيفويد والبلهارسيا والكوليرا والتهاب الكبد الوبائي والدوسنتاريا والتسمم وغيرها من اكثر الامراض شيوعا في السودان وذلك لعلاقتها بتردي البيئة وتدني مستوى الخدمات، والمعادلة الطبيعية تقول ان المرض والانتاج يتناسبان تناسبا عكسيا، كلما زاد عدد المرضى قل الانتاج او في احسن الاحوال تدنت جودته، فالمريض حتى وإن باشر العمل فلن ينتج مثل الصحيح المعافى، لا كماً ولا كيفاً، ولا اعتقد ان احدا يجادل في ذلك أو يكابر فيه.
وعطفاً على التحذير الذي أصدرته السفارة البريطانية بالسودان وعممته على موظفيها الذين يسكنون في انحاء مختلفة من العاصمة الخرطوم، بعدم الشرب من مياه الحنفيات بمنازلهم او السواك بها، بناءً على نتيجة الفحص السالبة للعينات التي اخذتها من هذه المواقع وبعثت بها لاحد معامل فحص المياه بالمملكة المتحدة، فقد عجبت للحملة التي شُنت ضد السفارة واتهامها بأنها تسعى لتلويث سمعة السودان تحت ادعاء أن المياه فيه ملوثة، مع ان الغراء صحيفة «الوطن» نفسها كانت قد اثبتت فساد وتلوث عينة من الماء اخذها محررها من احدى الحنفيات، وكان ان تصدت لها هيئة المياه بل وقاضتها نافية عن نفسها ان تكون هي مصدر التلوث الذي عزته إن وُجد للمصدر الذي أُخذت منه العينة، وهذا عين ما فعلته السفارة البريطانية التي تهتم برعاياها وتحرص على صحتهم، فهل نهاجمها على ذلك أم نشكرها على انها وفي سبيل سعيها لضمان سلامة وصحة منسوبيها «ليشربوا إن وردوا الماء صفواً» قد اكتشفت ان مصدر التلوث ليس بالضرورة هو هيئة المياه، وانما هو خزانات المياه كالصهاريج وخلافها الخاصة بنزل موظفيها وليست شبكة المياه، فالسفارة تستحق الشكر على ذلك لانها نبهت إلى مصدر تلوث «خفي» لم يكن الناس يأبهون له، فخزانات المياه التي نراها تعلو اسطح المنازل ان لم يتم الاهتمام بها ومراقبتها ومراجعتها وتنظيفها بشكل دوري منتظم ستصير مصدرا خطيرا للتلوث وموطنا مستديما للفيروسات والجراثيم ، فكم يا ترى من الذين يملكون خزانات مياه ونراها قد انتشرت وتمددت يدركون ذلك؟ وكم منهم يحرص على نظافة خزان المياه بشكل دوري؟ المؤكد إن النسبة الغالبة لا تفعل ذلك، وهذا هو الدرس المستفاد من تحذير السفارة.

الصحافة

تعليق واحد

  1. يقول سيدنا إمام المرسلين (ص) (اللهم من ولي أمر من امور امتي فشق عليهم اللهم فاشقق عليه)مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم …)مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم مجرمي المشروع الانهياري اللهم اشقق عليهم

  2. الجودية جابت نتيجة وطوالي حصل التدجين ولا شنو؟ ياريت كان سجلتو موقف وطني واحد يحسب للصحافة في التاريخ قبل خراب سوبا

  3. لالخ حيدر هل يحق لاى مجموعة تطبيق الشريعة وهم يشربون الماء صفوا ويشرب شعبهم كدرا وطينا الم يرفض الخلفاء الراشدون اكل الطيبات قبل ان يتأكدوا من توفرها لعامة المسلمين الم يسمعوا قوله تعالى " فليعبدوا رب هذا البيت الذى اطعمهم من جوع وامنهم من خوف" اى انه لم يأمرهم بعبادته الا بعد ان اطعمهم من جوع وامنهم من خوف فكيف يريد هؤلاء تطبيق حدوده على الجوعى والمرضى والخائفين

  4. هذه الامراض الملاريا والتيفويد والبلهارسيا والكوليرا والتهاب الكبد الوبائي والدوسنتاريا والتسمم الخ الخ الخ مابتكتل زول هكذا لسان المرضى من اللذين يخافون زوال نظامهم
    والكلام ليك يالمنطط عينيك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..