محمد حسين بهنس (1972 ? 2013)

محمد حسين بهنس (1972 ? 2013)
ذكريات وأحاديث عابره

في ركن قصي بمقهي المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم في مساء شتوي بارد جدا اواخر العام 2002م
يجلس محمد حسين بهنس يحتسي كوب قهوه وبصحبته فتاه فرنسيه شقراء
في مشهد شاعري خارج عن المالوف وبجانبه اله الجيتار الموسيقيه
نظراته الغريبه والشارده نحو الافق البعيد وتسريحه شعره المميزه (الرستا )كانت
توحي لك من الوهله الاولي بانه بوهيمي خارج للتو من روايه (البؤساء)
لفكتور هوغو
تلك الراويه التي تناولت كل مايمكن ان يحتويه المجتمع الفرنسي في العشرينات والثلاثينات من القرن التاسع عشر
خاصه حياه الشباب والتي تمثل اهم حياه البوهيميه في باريس في تلك الحقبه
كنت اجلس في طاوله بجانبه وفي يدي روايه البير كامو ( الغريب) الحاصله علي جائزه نوبل
للاداب عام 1957 م استذكر فيها بغرض مناقشتها في امتحان اللغه
كانت الفتاه الشقراء تتحدث بهدوء معه, يستمع اليها واحيانا يسترق النظر للروايه التي كانت بيدي
فجاه اخذ يردد اسم (مارسو) بصوت عال
قبل ان ارفع حاجبي دهشه لما حدث
ابتسم لي ودعاني للجلوس برفقتهم علي الطاوله
قال لي ان (مارسو) بطل روايه (الغريب) يشبهه كثيرا
قلت له اذا انت احد الغرباء الذين يملؤو ن هذا العالم ؟
ضحك نصف ضحكه ,, ومن ثم شغل سؤالي جل تفكيره
كان ملما بكل تفاصيل الروايه واضابير الفكر الوجودي وفلسفه العبث لدي البيركامو
وبان البيركامو استطاع ان يجسد الفكر الوجودي الجديد في رواياته بشكل ابداعي سلسل
علي عكس سارتر في رواياته ومسرحياته
وتحدثنا عن موت البيركامو الفاجع حيث اصطدمت سيارته باحدي الاشجارعلي الطريق
كان ذلك لقائي الاول به
تعددت لقائتي به علي فترات متابعده وعابره بالمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم
كنت اجده احيانا يعزف بالجيتار وحوله مجموعه من طلاب اللغه بالمركز يغني لبوب مارلي
فنانه المفضل الذي قال عنه (“صرختك هي ليست من البطن أو الحنجرة
ياراستا.. صيحتك من القلب، اللهم أني أحب بوب مارلي)
واحيانا يلقي اشعارا واحيانا يحمل احدي لوحاته التشكيليه
كان نشيطا ومكرسا نفسه لمواهبه المتعدده في التشكيل وكتابه الراويه والشعر والعزف والغناء بالجيتار ولطالما كانت موهبته التشكليه اكثر نضجا وعمقا من مواهبه الاخري
كان الطلاب الذين يدرسون اللغه بالمركزالثقافي الفرنسي يحلمون بالهجره الي فرنسا واروبا وبلدان اخري
وبهنس كان في داخله حلمه الخاص بالسفر
وقد تحقق حلمه بذهابه الي فرنسا برفقه زوجته الفرنسيه التي تعرف عليها بالمركزالثقافي الفرنسي
هناك في باريس يحالفه الحظ حيت يتم اقتناء بعض لوحاته الضوئيه بقصر الاليزيه
وفيما بعد يطلق زوجته ويتم ابعاده من فرنسا بصوره دراميه
ويعود للخرطوم
ليدخل بعدها في عزله نفسيه داخل غرفته لمده ثلاث سنوات
ومن ثم لسبب ما يقرر الذهاب للقاهره وهناك يشهد تفجر ثوره 25 يناير بميدان التحرير
تلك الثوره التي خطفت فيما بعد واحترق شبابها وثوارها كاعواد الكبريت
ينعزل بهنس وينكمش حول نفسه ويعاني من التشرد والضياع والجوع
في يوم 12 ديسمبر 2013 م تبث قنوات الاتصال والميديا الخبر الصاعق بموته متجمدا من البرد على أحد أرصفة ميدان مصطفى محمود في القاهرة
يقول (مارسو) وهو يواجه الموت , في نهايه روايه (الغريب)
ما الموت مالحياه ؟حياتي كان من الممكن ان تصبح حياه اخري
احيانا يراودني سؤال ؟
ماذا لو تواطئت التفاصيل في ذاك اليوم ولم تهب عاصفه البرد تلك
هل كان ليعش بهنس ويكمل حياته بشكل وبطريقه اخري؟ ا م ان تلك الحياه
وذاك الموت كان يشبهه
خاصه انه في ايامه الاخيره قبل موته كان يبدو غير مكترث بالحياه والمجتمع ينحو بالتمرد في كل شئ ولايشغل نفسه بمالا يستحق وظل عبثيا لدرجه ان الاشياء في نظره لاتستحق الاهتمام
طريقه موته كانت سببا في شهرته في وسائل الاعلام العربيه والاجنبيه
تكتب عنه احلام مستغانمي شهاده رثاء
تقول فيها (على قارعة التجاهل ، تكوّم ذلك الشاعر ، وترك الثلج يُكفّنه في أحد شوارع القاهرة . محمد بهنس ابن السودان الطيّب الكريم ، كان يثق في كرم الثلج)
بهنس او(مارسو) حيث كان دائما يحلو لي مناداته بهذا الاسم كان فنانا حقيقيا بمعني الكلمه
وقليلون جدا من كانوا يعرفون حقيقه هذا الانسان الفنان
له الرحمه والمغفره

الخرطوم في 12 يونيو 2018 م
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بهديك الفوضى
    شجار طفلين
    في ساحة روضة
    ,,
    بهديك الغربة
    هتاف الموتى
    وصمت التربة
    بعد اذنك
    بهديك حزنك
    حديث عابر في مركبة عامة
    بصوت واطي
    بهديك احباطي

  2. بهديك الفوضى
    شجار طفلين
    في ساحة روضة
    ,,
    بهديك الغربة
    هتاف الموتى
    وصمت التربة
    بعد اذنك
    بهديك حزنك
    حديث عابر في مركبة عامة
    بصوت واطي
    بهديك احباطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..